IMLebanon

روسيا ليست حليفة “الممانعة”

وسط الهجمة الأوروبية، الغربية، العربية على لبنان والناتجة عن انفجار 4 آب بعد تلاشي الاهتمام الدولي به، بدا لافتاً الغياب الروسي عن الساحة اللبنانية والذي يفسره البعض على أنه انكفاء لدور هذه الدولة محليّاً والتي تعدّ لاعباً أساسياً في التطورات الإقليمية، حيث لم تبرز أي زيارة روسية رسمية للبنان عقب الانفجار، باستثناء جولة السفير الروسي ألكسندر زاسبيكين تخللتها تصريحات من دون أي مواقف تؤشر إلى تأثير روسي محتمل في مسار الأمور.

لكن مصادر مطّلعة على الملف أعادت عبر “المركزية” سبب ذلك إلى كون “المسؤول عن الملف اللبناني، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف ممنوع من السفر لأسباب صحية بعد خضوعه لعملية في عينيه. إلا أنه اتصل ببعض القيادات السياسية منها رئيس الحكومة السابق ورئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري، رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، والتقى أمس مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية أمل أبو زيد، واللافت إعلان الأخير أن بوغدانوف حثّ الدولة اللبنانية على عقد طاولة حوار في بعبدا، لكن هذا لا يتطابق ومضمون بيان وزارة الخارجية الروسية الذي لم يأت على ذكر الموضوع، بل تم التركيز على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة”.

ورأت المصادر أنه “لا يمكن إنكار أن الروس لم يبرزوا مثل الدول الأخرى في هذه الفترة، والسبب أن حلّ الأزمة في لبنان يقوم على توفير الدعم تحديداً المالي، بالتالي يترتب على الجهة التي يمكنها المساهمة دفع مبالغ مالية، في حين أن روسيا عاجزة عن ذلك. من هنا، مساعدتها تأخذ طابعاً سياسياً، إلى جانب إرسال مستشفيين ميدانيين والمشاركة في التحقيق وأعمال إزالة الأنقاض والبحث عن المفقودين في المرفأ. إلى ذلك، تواصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين والتنسيق بين وزارتي خارجية البلدين مستمر، كذلك التواصل مع الإيرانيين ومختلف الأطراف المعنية، وهذا الدور الذي تؤديه روسيا بشكل أساسي راهناً”.

وفي ظلّ الكلام عن غضّ طرف روسي في مجلس الأمن حول تضمّن قرار التمديد لقوات “يونيفيل” في الجنوب وضع جدول زمني خلال 60 يوماً لتنفيذ سحب السلاح والمسلحين من منطقة عمل القوات الدولية، والسماح لها بتفتيش كلّ النقاط الواقعة ضمن هذه المنطقة، قرأ البعض هذا التطوّر، في حال حدوثه، على أنه مؤشّر لموافقة صينية – روسية على تحجيم “حزب الله” عسكرياً، واعتراف ضمني بانتهاء دوره في لبنان، تحدّثت المصادر عن تسوية روسية – فرنسية في السياق، إذ تم الأخذ في الاعتبار الموقف الإسرائيلي من “اليونيفيل” فذهبوا إلى تسوية مع فرنسا ووافقوا على تخفيض العدد والسماح بالتفتيش وفق ما تبين حتى اللحظة. الحفاظ على الأمن الإسرائيلي يهم الروس، على عكس ما يحكى في لبنان، أكّدت المصادر، وكلام السفير زاسبيكين لا يعبّر عن الموقف الروسي الحقيقي والسلطات الرسمية غير مرتاحة لكثرة تصريحاته التي تضيّع الرأي العام، دائماً وفق المصادر التي أوضحت أن “موقف الروس في لبنان يختلف كلّياً عن ذلك المتبع تجاه سوريا، حيث صحيح أنهم حاربوا الإرهاب إلى جانب الإيرانيين (ومعهم “حزب الله” ضمناً)، إلا أن اليوم هناك خلاف بينهما على أكثر من موضوع في الحرب، وإذا كانت علاقات حربية تربط بين الجانبين فهذا لا يعني أن السياسة عينها منتهجة في لبنان لا بل النظرة مختلفة تماماً وكذلك حلفاؤهم في لبنان ومنهم الحريري وجنبلاط. ومن الخطأ الاعتبار أن التحالفات في سوريا تنعكس في لبنان كما هو سائد، فالحريري أقوى حليف لروسيا وأكبر دليل على ذلك التقائه ببوتين 11 مرّة. روسيا لا تعتبر أن الحزب حليفها الأساسي في لبنان وتعرف جيداً أنه يدافع عن المصالح الإيرانية فيه لا عن مصالحها، وتسعى إلى المحافظة على علاقات متوازنة مع كلّ الأطراف اللبنانية، رأت المصادر.

وشددت على أن النظرة الروسية إلى الحلّ في الشرق الأوسط والموضوع الإسرائيلي تختلف عن نظرة الحزب والممانعة بشكل عام، لا بل على العكس علاقة الروس وطيدة مع إسرائيل وتهمهم مصالحها كثيراً وتحقيق التوازن ويأخذون في الاعتبار وجود مليون ونصف مليون روسي في إسرائيل، والدليل على ذلك الضربات الإسرائيلية في سوريا التي تحصل بموافقة روسية واضحة.

روسيا ليست مع الممانعة كما تصّور في لبنان، وترفض كلياً هذا الحديث، ختمت المصادر.