IMLebanon

التشكيل بعد العقوبات: هل تنفض 8 آذار يدها من الاتفاق مع باريس؟

لم تأت العقوبات التي فرضتها واشنطن امس على شخصيات لبنانية، في ظروف سياسية عادية تعيشها البلاد. هي كانت أصلا تثير، كلّما صدرت، ضجيجا فوق الساحة المحلية.. فكيف بالحال اليوم، وقد طالت للمرة الاولى، شخصيات من العيار السياسي الثقيل، وهبطت على بيروت فيما هي امام مفترق طرق مفصلي، بين تشكيل حكومة تلاقي تطلعات الشعب اللبناني والمجتمع الدولي، فتفتح امامها ابواب المساعدات المالية والمادية، وبين الفشل في هذا الاختبار المراقب فرنسيا وعالميا، ما سيعني زوال لبنان، والتعبير لوزير الخارجية الفرنسية جان ايف لو دريان.

الضربة القاسية التي تلقاها فريق الممانعة في لبنان امس، من غير المعروف بعد كيف سيردّ عليها “سياسيا”. فهل سيتراجع عن التعهدات بالتسهيل وبالمرونة، التي كان حزب الله أعطاها للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ويذهب في اتجاه التصعيد من جديد، على اعتبار ان باريس كان يفترض ان تحمي ظهر الحزب وحلفائه، في انتظار ما ستصل اليه المشاورات الحكومية؟

هذا السيناريو وارد، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”. فمن غير المستبعد مثلا، ازاء هذه “الطعنة” الاميركية، أن يعيد فريق 8 آذار خلط الاوراق وترتيب صفوفه لمواجهة المخطط الاميركي الذي يستهدفه. فتعود أطرافه مثلا لتتمسّك بحكومة من الصنف السياسي الواضح، فيها تمثيل وازن للحزب وحلفائه، مع اصرار على ابقاء المالية مع فريق “أمل” والأشغال مع المردة، و”الطاقة” مع التيار الوطني الحر، والصحة مع حزب الله، في تحدّ للموقف الاميركي، تعلن فيه ايضا انها في حلّ من التفاهم الذي أبرمته مع باريس التي لم تكن على قدر رهاناتهم ولم تقِهم “السيف” الاميركي.

في المقابل، يمكن لهذه العقوبات، ان تقلّم أظافر الجميع وتعيدهم الى “بيت الطاعة” وان تسهّل أكثر عملية التشكيل. فالعقوبات التي طالت الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، مفتاحيّ العلاقة بين الحزب وحركة امل والحزب والمردة، تشكّل تحذيرا واضحا وصريحا لا بد ان يكون فهمه الجميع وعلى رأسهم التيار الوطني الحر، والعهد ككل، أن “دورهم آت” اذا لم يحسنوا السلوك، وقد أتت هذه العقوبات على قاعدة “عم بحكيك يا كنّة لتسمعي يا جارة”، اذا جاز القول.

بات واضحا ومحسوما منذ الامس، ان التعاطي الاميركي “لبنانيا” أخذ منحى جديدا تصاعديا ودخل مرحلة الجدّ. العقوبات لن تقتصر بعد اليوم على متمولين وعلى شركات او نواب يدعمون حزب الله او يموّلونه، بل ستطال رؤوسا كبيرة بالمباشر تدعم الحزب في مشاريعه السياسية وفي فرض سيطرته على لبنان ومرافقه ومؤسساته، وثمة دفعات جديدة ستبصر النور قريبا.

وعليه، تقول المصادر ان امتحان التشكيل الحكومي سيكون الفيصل والحكم. اما تسهّله قوى 8 آذار فتأتي حكومة مستقلين حياديين تعمل على الانقاذ وعلى استعادة الثقة الدولية بلبنان. او تضع العصي في دواليب الرئيس المكلف وتتمسك بالحقائب والحصص وترفض المداورة، فتطلق النار على رأسها، وتضعه تحت مقصلة العقوبات، معوّلة على انتصار محتمل لمحور الممانعة في المنطقة اذا خسر دونالد ترامب الانتخابات الرئاسية.. وتكون بذلك، تطلق النار ايضا على لبنان ومستقبله وترميه في الجوع والدمار والفقر.