IMLebanon

العقد السياسي المقبل سيعكس تباعد المكوّنات اللبنانية

كتب جورج حرب في صحيفة “الجمهورية”:

 

أجمعت القوى اللبنانية السياسية على أنّ القوى العالمية والإقليمية لن تتعامل إلّا مع وزراء محايدين في أيّ تشكيلة حكومية، أيّ، لن تتعاطى مع أحزاب متحالفة مع «حزب الله»، من دون سقف زمني لهذا القرار، مع كل ما يستتبعه من بيانات وزارية وسياسات مستجدّة، مما يؤكّد أنّ لبنان ذاهب إلى مقاربة جديدة على كافة الأصعدة، يتقدّمها العقد السياسي، الذي سيكون عنوانًا للمرحلة من الآن وحتى سنة.

إذا أردنا استشراف العقد المقبل على اللبنانيين، علينا أن ندقق بالتحضيرات النفسيّة التي بدأت تسبقه لدى مختلف الشرائح والمكوّنات، مثل انعدام الثقة والنفور وتبادل تحميل المسؤوليات حول الواقع الذي وصلت إليه، ناهيك بغياب أيّ خطاب سياسي في هذه المرحلة، من شأنه أن يخفف من حالة التباعد الآخذة بالنموّ.

عندما ترى المسافة التي أخذها «التيار الوطني الحر» من حلفائه، والمواقف التي سجّلتها «القوات اللبنانية» بعدم الرضى عن الوضع الحالي، ودخول الرأي الشيعي في حالة إنكار المتغيّرات، وغياب الموقف السنّي من مسألة سقوط النظام، والخوف الدرزي من التطورات السريعة الحاصلة، يكون من المؤكّد أننا أمام مرحلة نفسيّة محضّرٌ لها للبنانيين، تُنبئ بعقد سياسي جديد، يعكس تباعدها، وربما سيزيد عليها.

ميثاق 1943 أتى بعد حالة من التقارب النفسي الوطني، الذي لفّ اللبنانيين ووصل بهم إلى حدّ توحيد الأحزاب المسلمة والمسيحية. وثورة 1958 عكست حالة من عدم الرضى لدى كل اللبنانيين، منتهيةّ بانتخاب فؤاد شهاب، الذي كرّس حالة اللاغالب واللامغلوب، وحرب 1975 أتت انعكاسًا لتباعد النظرة عند اللبنانيين تجاه كيانيّة لبنان ووجوده، و»اتفاق الطائف» أتى انعكاسًا لذهنيّة التشفّي من فئة، خطيئتها ربما، أنها بنَت دولة، وبعد «الطائف»، أتى تعايش اللبنانيين انعكاسًا للمعادلة التي أرستها القبضة السورية، واتفاق الدوحة 2008 أتى انعكاسًا لأمرٍ واقعٍ جديد أرسته معادلة السلاح.

أما اليوم، وأمام التطوّرات السياسيّة والنفسية والاقتصادية، وخصوصًا أمام النظرة المستجدّة في مقاربة دوليّة وإقليمية جديدة تجاه لبنان، فإننا ذاهبون، طوعًا أم غصبًا، إلى لبنان في صورة جديدة، بطبقة سياسية غالبيتها جديدة، ويبقى الخلاف على الوقت أو التوقيت، كما على السيناريو والإخراج، والإتفاق على أبطال المشهد، الذي من شأنه إحراج الجميع، للإتيان بهم إلى طاولة، يوقّعون عليها إقرارًا، على ما فعلت أيديهم بوحدة لبنان الوطنية.