IMLebanon

بايدن يحدد “الخطوط الحمراء” بقوة على طريق طهران – بغداد – بيروت

توقفت مراجع سياسية ودبلوماسية امام حجم ونوعية الضربة الأميركية الأولى التي استهدفت مواقع وقوافل لفصائل موالية لإيران على الحدود السورية – العراقية  التي امر بها الرئيس الاميركي الجديد جوزف بايدن 27 يوما على توليه مهامه في البيت الابيض سعيا الى فهم الاستراتيجية الجديدة لواشنطن في المنطقة وتبيان إن كانت هناك فروقات في النظرة الأميركية الى أحداث المنطقة بعدما كثر الرهان على نيته بوقف استخدام القوة في النزاعات الكبرى وإعطاء دور اكبر  للديبلوماسية الاميركية بدلا من لغة القوة العسكرية.

وفي قراءته لمعاني الضربة في توقيتها وشكلها وهدفها قال نقرير دبلوماسي غربي اطلعت عليه “المركزية” ان الضربة الأميركية التي عدت الاولى من نوعها في مستهل ولاية الرئيس بايدن تحتمل قراءآت من نواح أخرى اكثر أهمية وفاعلية. فالضربة لم تكن سرية وسبق للمعنيين في البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي ووزارة الدفاع الاميركية ان ابلغ كل منهم المراجع الدولية الموجودة على الساحة السورية والمؤثرة فيها من القيادة الروسية والحكومة العراقية بالعملية في وقت قياسي وقصير لا يسمح بامكان تدخل احد لتغيير الواقع القائم في مسرح العملية قبل القيام بها.

وقبل ابلاغ هذه الأطراف كانت القيادة الأميركية قد نسقت الضربة مع باقي الحلفاء من اطراف الحلف الدولي لمواجهة الإرهاب  ومن بينها القيادة الإسرائيلية بعدما تحولت جزءآ شريكا بعدما تم ضم إسرائيل الى “ولاية” القيادة الأميركية الوسطى في المنطقة ما يؤدي الى تنسيق جميع التحركات في المنطقة الممتدة من افغانستان الى منطقة شرق المتوسط .

ولفت التقرير ان العملية استهدفت اكثر من ستة تجمعات عسكرية ثابتة ومتنقلة تعني مجموعات من “حزب الله العراقي” و “كتائب سيد الشهداء” مجموعات أخرى موالية لإيران تحمل تسميات مختلفة على خلفيات دينية شاركت في الاحداث العراقية منذ سنوات عدة ولا سيما ضد أهداف اميركية. وشملت العمليات الى تدمير ثكنات ومقرات ثابتة تجمع مقاتلين ومدربين بالإضافة الى كميات من الأسلحة والذخائر  ومن بينها كميات من الصواريخ ومتمماتها بالإضافة الى قوافل كانت تتحرك على طرق تربط في ما بينها والأراضي العراقية عبر معابر محاذية للمعبر الرئيسي بين البلدين في منطقة البو كمال الذي لم تسمح القوات الأميركية باعادة فتحه بطريقة شرعية ومنتظمة لفقدان وجود اي من السلطات العراقية والسورية على جانبيه.

وفي المعاني التي رسمها التقرير قال ان الإدارة الأميركية ارادت توجيه رسالة تحذير مبكرة الى القيادة الإيرانية وحلفائها بان الإستمرار في العمليات العسكرية التي استهدفت مواقعها وحلفائها من الجيش العراقي  لم تعد مسموحة وخصوصا ان مثل هذه العمليات تجاوزت في الفترة الأخيرة الاهداف السابقة المحصورة بالمنطقة الخضراء حيث استهدفت السفارة الأميركية في قلب العاصمة العراقية باكثر من عملية مباشرة قبل ان تتوسع رقعة العمليات الى منطقة كردستان – العراق بعدما استهدفت قبل اسبوعين عاصمتها اربيل بعدة صواريخ بعيدة المدى ادت الى مقتل مواطنين من جنسيات مختلفة ومن بينهم اميركيان على الأقل.

على صعيد متصل ربط التقرير بين العملية ومشاريع استعادة الحوار الأميركي – الإيراني حول الملف النووي الإيراني في ضوء المبادرات التي قامت بها باريس في الأسابيع القليلة الماضية ودولة قطر من اجل ان تتيقن القيادة الإيرانية انه لم يعد مسموحا التمدد الإيراني الذي يقوده الحرس الثوري الإيراني في مناطق جغرافية بعيدة عن الأراضي الإيرانية والتي اثبتت قدرتها على التحرك بحرية تامة  لمجرد انها تتكل على مجموعات من بلدانها ويقتصر الدعم الإيراني بالإضافة الى الدعم المالي المباشر على وجود الخبراء الإيرانيين من كبار الضباط سواء من اجهزة الإستخبارات او للمتخصصين في تصنيع الصواريخ محليا وهو امر بات امرا روتينيا في كل من الأزمة السورية واليمن كما في جزء منها في لبنان.

وبناء على ما تقدم فان الرهان على ان القيادة الأميركية الجديدة ستتخلى عن خياراتها العسكرية لصالح الديبلوماسية منها لم يعد مجديا وان القدرات العسكرية ستكون في خدمة الخيارات الديبلوماسية وليس العكس كما كان معتمدا في ايام الرئيس السابق دونالد  ترامب. والى الفصل النهائي بين ما تدرجه القيادة الأميركية تحت عناوين انسانية واجتماعية فإن على جميع الأطراف فهم المعادلة التي ستعتمدها القيادة الأميركية الجديدة لجهة اعادة ترسيم “الخطوط الحمر” بشكل متشدد لمنع التواصل المباشر بين طهران وبيروت عبر الأراضي العراقية والسورية بشكل مريح ومضمون وآمن. وهو امر  سيترجم لاحقا بخطوات مباشرة اقر الحلف الذي تقوده الولايات المتحدة  بها ولا سيما عدم اقتصادر هذه العمليات المشابهة على عاتق الجانب الإسرائيلي الذي ثبت قيامها بعملبات عسكرية كبيرة داخل الاراضي العراقية بالإضافة الى تلك التي ما زالت قائمة على الأراضي السورية بحيث ستبقى محورة بمناطق محددة في العاصمة دمشق وجنوبها امتداد الى الحدود المتمادية مع الجولان المحتل وشمال شرق سوريا التي ما زالت هدفا للعمليات الاسرائيلية في شكل منتظم.