IMLebanon

جان قسيس: نعيش في “دكّانة” مصالح و”الشاطر بشطارتو”

كتب روي أبو زيد في “نداء الوطن”:

حمل الفنان جان قسيس راية نقابة «ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون» لأعوام عدة فساهم بتعزيز حقوق الممثلين المتقاعدين بسبل عدة كما عمد جاهداً الى تحسين وضع الدراما المحلية في أكثر من فرصة. «نداء الوطن» التقت قسيس وكان هذا الحوار العفوي الذي وضع فيه الإصبع على الجرح في مواضيع فنية ووطنية وحياتية.

برأيك ما هي أسباب الظروف الصعبة التي نعيشها؟إيمانياً قد يكون الله غضب على الناس في ظلّ غياب الصفاء الداخلي والمحبة الحقيقية والبركة الموجودة في بيوتنا منذ القدم. مجتمعياً، ما نعيشه لا يتقبّله عقل، فالطبيعة ليست عدوّة للإنسان ولا تنتقم منه إنما الإنسان هو المسبّب الرئيس لإنتاج الفيروسات وتسويقها لأغراض تجارية بحتة.

ما الدروس التي نكتسبها من هـــــذه التجارب؟الحياة قيّمة وتافهة في الوقت عينه، علينا أن نقف جنباً الى جنب ونشدّ أواصر بعضنا بالمحبة، ذلك أنه يمكننا فقدان أحبتنا بأي لحظة، وهي مأساة نعيشها يومياً على صعيد الوباء. أما اقتصادياً فأنا أعتبر أنّ نظامنا الاقتصادي يتحكّم به الفساد منذ عهد الاستقلال، وذلك واضح في السنوات الأخيرة، حيث غلّب المسؤولون مآربهم الفردية على مصلحة الوطن. جعلنا هذا الواقع المرير نخسر بلدنا وعاصمتنا ومستقبلنا. أيعقل أنّ ليرتنا فقدت قيمتها وأموالنا محجوزة في المصارف؟

لماذا لم تحقّق الثورة أهدافها برأيك؟

ما حصل في 17 تشرين لا يمكن تسميته بثورة، بل هو تحرّك شعبي وأنا شاركتُ فيه شخصياً. تتطلّب الثورة تضحيات كي تنجح بمؤازرة خطة واضحة وموحّدة. كانت التحركات عفوية كردّة فعل على الفساد الذي يسود الدولة وتحكّم المسؤولين بمصير المواطنين وتعاطيهم معنا بتعالٍ واحتقار ولامبالاة.

تعدّدت أهداف هذا الحراك الشعبي الرائع لذلك تشتّت في نهاية المطاف وضاعت بوصلته. وفي السياق نفسه كبحت كورونا لجام البعض لكنّ الجوع أكبر من أيّ جائحة!

هل ستتلقّى لقاح كورونا؟

أنا لا أثق باللقاح بالرغم من الحملات الإعلانية التي بتنا نشاهدها أخيراً. لكن كيف يمكن اختراع لقاح لفيروس متحوّر بهذه الفترة الزمنية القصيرة؟ نحن نعلم أنّ صناعة اللقاح بشكل عام تتطلّب تجارب عدة وسنوات طوالاً، لكنّ الوضع يختلف مع لقاح كورونا.

تجدر الإشارة الى أنه تمّ اكتشاف علاج فعّال للحدّ من انتشار الجائحة وقد تناولته مصادر طبية مهمة، وهو دواء تلقّاه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب واعتمدته وزارة الصحة الألمانية، لماذا لم نتبنّه إذاً بدل اللجوء الى الّلقاحات؟

ما الذي نحتاج إليه كي يصطلح الوضع في لبنان؟

نحتاج الى أشخاص يملكون ضميراً وقلباً، مدركين أهمية العدالة والرحمة والوطنية. نعيش في “دكّانة” تبيع المصالح و”الشاطر بشطارتو”. وأقول للبنانيين عبر منبركم: تمسّكوا بإيمانكم بالله أولاً وبالوطن ثانياً، وكما يقول الكبير منصور الرحباني: “إذ راح الملك بيجي ملك غيرو، إذا راح الوطن ما في وطن غيرو”.

لكن كيف يؤمّن الممثل عيشة كريمة بعد تقاعده في كلّ هذا الفساد؟

عملنا بجهد لاستصدار قانون ينظّم المهن الفنية ويتضمّن إنشاء صندوق تعاضد موحّد للفنانين. ترأستُ مجلس إدارة الصندوق حين كنت نقيباً للفنانين. كان يحتوي على مبلغ 230 مليون ليرة حين استلمته في الـ2016 وسلّمته بعد ثلاث سنوات بمليارين ومئتين وخمسين مليون ليرة.

وفي السياق نفسه، انتزعنا من مجلس الوزراء مرسوماً بدعم الفنانين المتقاعدين مادياً، فساعدناهم في تأمين مبلغ ثلاثمئة ألف ليرة شهرياً فضلاً عن مدّ يد العون في الطبابة والتأمين. وتعاقدنا مع شركة تأمين لتوفير خدمات الاستشفاء بأسعار تخفيضية على أن يدفع صندوق التعاضد 50 بالمئة من قيمة البوالص عن الفنان وعائلته. يشار الى أنّ وائل أبو فاعور حين كان وزيراً للصحة أصدر قراراً يوجب على المستشفيات الخاصة والحكومية المتعاقدة مع وزارة الصحة تغطية (100%) استشفاء الفنانين/ات الحاملين/ات بطاقات انتساب مجدّدة إلى النقابات الفنية الثماني: “نقابة ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون في لبنان”، “نقابة الموسيقيين المحترفين في لبنان”، “نقابة الفنيين السينمائيين في لبنان”، “نقابة شعراء الزجل في لبنان”، “نقابة الفنانين التشكيليين اللبنانيين”، “نقابة محترفي الفنون التخطيطية والرسوم البصرية”، “نقابة الفنانين المحترفين” و”نقابة ممثلي المسرح والسينما في الشمال”.

ما رأيك بالدراما المحلية؟

تراجعت وتيرة الإنتاج في الأعمال المحلية بسبب انتشار كوفيد – 19 إذ يتطلّب إنتاج المسلسل فريق عمل كاملاً متكاملاً. خسرت الدراما من مستواها فنرى نفس الممثلين في أعمال عدة، مع استرخاص المنتجين و”تباخلهم” على الممثل اللبناني. تحوّل الإنتاج الدرامي الى صناعة في أنحاء العالم كافة، فهوليوود تؤمّن 40% من موازنة الولايات المتحدة الأميركية وتركيا أسست للسياحة الدرامية وسوريا كذلك.

نطالب الدولة بدعم الصناعة الدرامية، إذ ما زلنا عالقين في مرحلة الإنتاج.

هل ساهمت الدراما العربية المشتركة بتعزيز المحلية؟

لا يتناسب هذا النوع من الدراما مع طموحاتنا كممثلين محليين، إذ يستعين المنتجون اللبنانيون بممثلين غير لبنانيين لتأدية الأدوار المهمة والرئيسة بينما يسندون الأدوار الثانوية الى اللبناني. يجب ضمان المساواة بين الممثلين في العمل. ويختلف الأجر بين الممثل اللبناني الذي يتقاضى مبالغ ضئيلة بالنسبة للممثلين العرب.

على من يقع اللوم؟

على المنتج اللبناني بحجّة تسويق مسلسله وبيعه عربياً. إذ كيف أصبح الممثل السوري “بيّيعاً” إن لم تعط له الفرص؟ اقترحت على بعض المنتجين اللبنانيين أن يتعاونوا في تنفيذ عمل محليّ وإطلاق بعض النجوم فرفضوا. حين أطلقنا مسلسل “العاصفة تهبّ مرتين” بين عامي 1994 و1996 على تلفزيون لبنان، كنّا مدعومين إنتاجياً من أنطوان شويري (رحمة الله عليه) ورئيس مجلس إدارة المحطة فؤاد نعيم. وبفضل هذا الدعم استمرّ المسلسل لـ170 حلقة وأطلق مجموعة كبيرة من النجوم. فباسم مغنية مثلاً جسّد دوراً صغيراً فيه لكنّه أضحى اليوم من نجوم الصف الأول.