IMLebanon

رسالة قويّة من قائد الجيش إلى الحكّام

جاء في “المركزية”:

ليست المرة الاولى التي يطل فيها قائد الجيش العماد جوزيف عون على عسكرييه واللبنانيين، لوضع النقاط على حروف قضايا ساخنة محليا، معيشية وامنية وسيادية، حاثّا السلطة السياسية على تحمّل مسؤولياتها، ومحمّلا اياها، وإن من دون ان يقولها بـ”المباشر”، مسؤولية الاوضاع المتردّية على الصعد كافة، التي آلت اليها البلاد… في آذار الماضي، رفع الصوت قائلا “الجيش جزء من هذا الشعب ويعاني مثله. الوضع السياسي المأزوم انعكس على جميع الصعد، بالأخص اقتصادياً ما أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والجوع، كما أن أموال المودعين محجوزة في المصارف، وفقدت الرواتب قيمتها الشرائية، وبالتالي فإن راتب العسكري فقد قيمته”، مضيفا “العسكريون يعانون ويجوعون مثل الشعب”، ومتوجهاً إلى المسؤولين سائلا “إلى أين نحن ذاهبون، ماذا تنوون أن تفعلوا، لقد حذرنا أكثر من مرة من خطورة الوضع وإمكان انفجاره”؟

امس، كانت سلسلة مواقف لافتة جديدة لـ”القائد”، بحسب ما تقول مصادر سياسية مطلعة لـ”المركزية”. ما تغيّر منذ اطلالته الاخيرة، هو ان الحكومة أبصرت النور، وقد رحّب العماد عون بالخطوة، قائلا “نحن اليوم أمام محطة إيجابية وواقع سياسي جديد يدعو الى التفاؤل وهو تشكيل الحكومة التي ننتظر منها، كما كل اللبنانيين، معالجة الملفات الاقتصادية والمالية والحياتية، وأن تكون المؤسسة العسكرية كما باقي المؤسسات الأمنية في صلب اهتماماتها”.. الا ان جني ثمار “التأليف” لن يحصل طبعا بين ليلة وضحاها، وسيستغرق وقتا، هذا اذا بلغنا مرحلة “الحصاد”. الا ان قائد الجيش سيواصل مساعيه وجهوده- بموازاة الجهود الرسمية التي يفترض ان تضطلع بها الحكومة الوليدة- لتحسين ظروف المؤسسة العسكرية واوضاع عناصرها، عبر جولات سيقوم بها على داعمي المؤسسة الدوليين، وقد حرص امس على التخفيف من وهج كل ما يثار من ضجة حول “متانة” العسكريين ومعنوياتهم، معلنا “لا تصدّقوا ما يُقال عن فرار آلاف العسكريين، فالعدد لا يزال مقبولاً نسبة إلى الوضع وعديد الجيش،  كما أن جزءاً لا بأس به من هؤلاء عاد إلى المؤسسة، قناعة منهم بأن الجيش هو الضمانة والخلاص والباقي معهم والوفي لهم طوال حياتهم”.

واذ تُدرج ما يتردد في هذا الاطار، في سياق حملة ممنهجة لتشويه صورة الجيش، يقودها اهل “الممانعة”، تتوقف المصادر عند النقطة التي يبدو من أجل الاضاءة عليها، قرَر عون الحديثّ في العلن امس، الا وهي ترسيم الحدود البحرية. هو أكّد أن “الجيش قام بواجبه الوطني بالمطالبة بحقوق مياهه البحرية، وأظهر احترافاً ومناقبية عالية خلال جلسات التفاوض التقنية، استناداً إلى أحكام القانون الدولي ووفق مبدأ المطالبة بالحد الأقصى القانوني لتأمين أقوى وضعية تفاوضية. اليوم، هذا الملف ينتظر القرار السياسي للبت فيه واتخاذ القرار المناسب. نحن نخضع للسلطة السياسية، لأن الموضوع وطني بامتياز ويعني الجميع”.

بحسب المصادر، القائد بدا يقول “اللّهم اشهد اني حاولت وبلّغت”، مبلغا اللبنانيين والعالم ان المؤسسة قامت بما يمليه عليه “ضميرها” وواجباتها، ورفضت التخلّي عن شبر واحد من ثروات لبنان. اما اذا ارادت الطبقة الحاكمة المساومة على هذا الموقف “السيادي”، وإدخالَ الترسيم الى “البازار” المفتوح بينها والمجتمع الدولي عموما، والاميركي خصوصا، تحت شعار “نعود الى الاتفاق الاطار، ونتنازل عن بعض حقوقنا، في مقابل ثمنٍ سياسي او مالي ما” – وقد يكون تحويل الوفد المفاوض في الناقورة، من عسكري الى مدني، مقدّمة لسلوك كهذا – فإن المؤسسة العسكرية ستكون براء منه، ولن تغطّيه… انها الرسالة الاقوى التي وجّهها عون امس الى الحكّام، فكيف سيتلقّفونها؟