IMLebanon

الاحتلام أو الاستمناء عند المراهق

كتب أنطوان الشرتوني في “الجمهورية”:

خلال مرحلة المراهقة، عندما يكتمل المراهق (ذكراً كان أو أنثى) جنسياً وجسدياً، يظهر الاحتلام، وهو ظاهرة تعني خروج المني من المراهق وإفرازات المهبل من المراهقة خلال النوم. ويحصل هذا الأمر بشكل لا إرادي من النائم، علماً بأنّ هذه الظاهرة موجودة عند جميع الفئات العمرية التي نضجت جنسياً. ولا يمكن أن نعتبر أن بعض الطبقات الإجتماعية أو بعض سِمات الأشخاص او حتى الثقافة، الدين أو العرق… وغير ذلك يمكن أن يؤدي دوراً في بروز الاستمناء أو لا. فكيف يمكن تفسير هذه الظاهرة عند المراهق الذي نضج للتوّ جنسياً؟ وكيف يمكن الابتعاد عن المواعظ كي لا يشعر المراهق بذنب لا دخل له فيه؟

كأخصائي نفسي ومتخصص بالحياة الجنسية وإضطراباتها على الصعيد النفسي، يطرح الكثيرون من الأهالي عليّ أسئلة لها علاقة مباشرة بالحياة الجنسية عند أولادهم المراهقين. ومن المؤكد أنّ دور الأخصائي النفسي-الجنسي هو تفسير بشكل مفصّل عن النضج الجنسي-الفيزيولوجي للحياة الجنسية عند المراهق لهؤلاء الأهل الذين لم يروا بعد أنّ ولدهم، الذي كان يلعب بسياراته الزرقاء الصغيرة منذ برهة من الوقت، أصبح الآن رجلاً ناضجاً جنسياً. ونرى بعض الأحيان رفضاً تاماً للأهل لهذه الفكرة… ولكن هذا هو الواقع. ومن الأمور التي يطرحونها حول الحياة الجنسية عند ولدهم البالغ، «الإحتلام».

ما هو الاحتلام؟

بشكل بسيط، هو خروج المني من الأعضاء التناسلية عن المراهق أو الإفرازات من المراهقة، ويصاحبه عادة أحلاماً جنسية، ولكن ليس بالضرورة. ويحدث الاحتلام خاصة في عمر المراهقة ولكنه يمكن أن يكون موجوداً في كل الفئات العمرية. ومن المهم أن نعرفه في هذا الصدد، هو أن الإحتلام لا ينتج عن أي احتكاك يدوي أو تحفيز خلال النوم، أي انه لا ينتج عن العادة السرية. كما انه من الشائع أنّ النوم على المعدة يمكن أن يؤدي إلى الإحتلام. ولكن هناك عدة دراسات، منها دراسة كينساي حول السلوك الجنسي عند الإنسان، ألغت هذه الفرضية. كما انّ هناك بعض الاسباب التي يمكن أن تزيد من احتمال حدوث هذا الأمر، وهي: قراءة القصص الجنسية، مشاهدة الأفلام البورنوغرافية، كما هو مرتبط بالقدرة البدنية: يَحتلِم المراهق نحو مرتين أسبوعياً، فالرجل الذي تجاوز الخمسين قد لا يحتلم أكثر من 4 مرات في العام كله، كما إنه مرتبط «بالتصريف الجنسي»، فالشخص الأعزب قد يكون عرضة للاحتلام أكثر من المتزوج.

أسباب الاحتلام والتحليل النفسي

هناك أسباب كثيرة يمكن أن تفسّر الاحتلام، ويمكن أن تنقسم إلى أسباب فيزيولوجية أو سلوكيات أو حتى أسباب «خارجية»:

– أسباب فيزيولوجية: إنّ الحرمان الجنسي أو عدم القدرة على عيش الحياة الجنسية بشكل كامل وطبيعي يمكن أن يؤدي إلى الإحتلام في الليل. ولكن لا يمكن أن نجزم بهذه الفكرة، فالإنسان مختلف عن أخيه الإنسان من نحو القدرات الجنسية والتوجهات في الحياة ونظرته للجنس، وانشغاله بالإشباع الجنسي، ونشاطه فيه…

– أسباب نفسية-سلوكيّة: وأهمها التأثيرات الجنسية وحالة الهياج الجنسي عند المراهق قبل الخلود إلى النوم. كما انّ عدم القدرة على الاستنماء خلال النهار، يدفع المراهق وبشكل غير إرادي للإحتلام في الليل.

– أسباب «خارجية»: إنّ طريقة النوم على الظهر يمكن أن تؤدي إلى استثارة الحبل الشوكي الأسفل حيث المراكز العصبية للإمناء.

كما انّ احتكاك الملابس الداخلية بالأعضاء التناسلية يمكن أن يكون سبباً وجيهاً لذلك.

أما التحليل النفسي، فيفسّر الاحتلام كهروب نفسي من الحياة التي يعيشها المراهق الذي بَلغ. وبسبب الشعور الدائم بوطأة الحياة الصعبة والتغييرات النفسية المستمرة في يومياته، ناهيك عن التغييرات الهورمونية والشعور بالقلق والخوف مع مخيلة جنسية خصبة… تتجمّع تلك الإستثارات في أحلامه التي لا يمكن ضَبطها بسهولة، وتتحول تلك الحاجيات والمشاعر السلبية إلى أحلام تبعده عن قلقه وتخفف من خوفه، فتأخذ تلك الأحلام طابعها الجنسي، ونتيجته الإحتلام.

المراهق وتجربته الأولى

خلال التجربة الاولى للاحتلام، يشعر المراهقون (أكانوا ذكوراً أو إناثاً) بالخجل والقلق وحتى بالإشمئزاز، عندما يستيقظون في ساعات الليل ويجدون أن سريرهم مبلل وثيابهم الداخلية أيضاً. والكثير من هؤلاء المراهقين يهرعون الى بعضهم البعض، ويخبرون ما الذي حصل معهم وما الذي شعروا به خلال الاحتلام. ودور الأهل والمدرسة أساسي في هذه المرحلة الدقيقة، لأنّ الولد انتقلَ»جنسياً» من مرحلة الكمون «الجنسي»، التي تستمر من عمر الـ 6-7 سنوات حتى 10-12 سنة بحسب المنطقة الجغرافية والطقس… فمن المعروف أن المراهقين الذين ينتمون الى مناطق حارة يبلغون أسرع من المراهقين في المناطق الباردة. وتختلف مواضيع الاحلام الجنسية التي تؤدي إلى الإحتلام من مراهق لآخر، بحسب خياله الجنسي وخبراته التي تكون عادة خجولة وقليلة. لكنّ الشخصيات التي يحلم بها المراهق قبل الاستنماء هي شخصيات لا يعرفها البتة، يمارسون الجنس، عراة… وعند المراهق العدواني، يمكن أن تحصل جريمة جنسية في حلمه أو هو يقوم بهذه الجريمة. أما عند المراهق «المنحرف»، وبسبب تربية خاطئة وغير سَوية، يمكن أن يحلم بعلاقة جنسية غير مستقرة، مختلطة، في أماكن عامة، من دون أي حشمة أو تردد: الحديقة العامة، البحر، وصولاً إلى اماكن أكثر غرابة: شاطىء البحر أو في موقف للسيارات.

دور الأهل والمدرسة… مُكمّل

نصيحة ذهبية، يجب دائماً إجابة المراهق عند طرحه الأسئلة الجنسية، ومنها أسئلة حول الإحتلام. وهناك بعض الملحوظات التي يمكن أخذها بعين الإعتبار للتوعية الجنسية عند المراهق حول هذا الموضوع:

أولاً، التوعية الجنسية تبدأ عند مرحلة الطفولة حيث يفسّر الأهل مواضيع بسيطة جداً وبكلمات مناسبة لعمر الطفل مع صور إيضاحية، مثلاً الفارق بين الصبي والفتاة. وعندما يصبح هذا الطفل شاباً، يكون قد اعتادَ التحدث مع أهله عن المواضيع الجنسية، ويكون قادراً أن يطرح أسئلة على والديه (يطرح المراهق أسئلة جنسية على والده أو أي ذكر يثق به في حال غياب الأب، والمراهقة تفعل كذلك مع والدتها) ولا يلجأ الى أصدقائه للحصول على أجوبة عن أسئلته.

ثانياً، التفسير للمراهق عن الاحتلام على الصعيد الفيزيولوجي. ويطلب من الأهل الابتعاد عن الأحكام المسبقة و»دروس الأخلاق» لأنّ الإحتلام هو ردة فعل بيولوجية طبيعية عن الإنسان بشكل عام وعند المراهق بشكل خاص.

ثالثاً، يأتي دور المدرسة مكملّاً لدور الأهل، والذي يجب أن تفسّر الحياة الجنسية بشكل بسيط مستعينةً بالطبيب العائلي والأخصائي النفسي والمرشد الإجتماعي.