IMLebanon

هل لجمتْ “يدٌ عليا” التدهور جنوب لبنان ليبقى “الإصبع على الزناد”؟

 

… قد يحصل الانفجار، ربما لا يحصل، لن يحصل أبداً. 3 احتمالات خيّمت فوق الجبهة الجنوبية اللبنانية التي «أَعْلتْ رأسَها» الأحد والاثنين في ملاقاة «طوفان الأقصى» الذي تغمر تشظياتُه العميقةُ إسرائيل برمّتها، ما أثار مخاوفَ متدحرجةً من أن «بلاد الأرز»، التي يملك «حزب الله» قرار اقتيادها إلى الحرب الكبرى أم تحييدها عنها ربْطاً بمقتضيات «الميدان» وحسابات «محور المقاومة»، تقتربُ من «الخط اللاهب» الذي لا تشبه نارُه أياً من التوهّجات في الصراع المفتوح منذ 75 عاماً، أقلّه في العقود الخمسة الماضية.
ولا يتأتى «مثلث الاحتمالات» حيال ما سيؤول إليه الواقعُ في جنوب لبنان من تَضارُب في التقديراتِ والقراءات، بمقدار ما أن الأمر يعكس الديناميةَ التي «لا يمكن التنبؤ بها» لمسار الحرب على جبهة غزة – إسرائيل والذي يتحرّك على مدار الساعة، بما يُخشى معه من مفاجآتٍ غير محسوبة تَفرض نفسها كمعطى قابلٍ لأن يتحوّل، في لحظة وأخرى وبمناسبة تَطوّر أو آخَر، «جاذبةَ صواعق» ويخلط الحسابات وأوراقَ الممتنعين، لهذا الاعتبار أو ذاك، عن تحويل «طوفان الأقصى» بمثابة «زرّ نووي» يفجّر المنطقة كلها بتناقضاتها وصراعاتها القديمة والجديدة.

إلا أنه ورغم الدخان الكثيف الذي «يحجب الرؤيةَ» عن المآلاتِ، ولو قصيرة المدى، لكرة النار التي تتطاير في سماء إسرائيل وغزة وعلى أرضهما، فإنّ خيْطاً أمْكَن تَلَمُّسه من خلْف جداريْن عالييْن: الأول «عرض القوة» الأميركي خصوصاً دَعْماً لإسرائيل «في دفاعها عن النفس» وتهديداً لإيران ضمناً و«حزب الله» من أي انخراطٍ في الحرب من ضمن «وحدة الساحات»، وفق ما عبّر عنه أخيراً تحذير مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية للحزب من مغبة اتّخاذ «قرار خاطئ» بفتح جبهة ثانية في إطار النزاع الحاصل، وقوله إنّ «إرسال حاملة الطائرات للمنطقة رسالة ردع له وإيران لعدم التدخل في الحرب».
والثاني تَوَعُّد أطراف في «محور الممانعة» (وآخرهم الحوثيون أمس) بالمشاركة في الحرب بالقصف الصاروخي والمسيّرات، أو باستهداف المواقع الأميركية في المنطقة بحال تدخّلت واشنطن مباشرة في المعركة.

وفي هذا الإطار، بدا لافتاً أنه ورغم الخسائر الموجعة في صفوف «حزب الله» والإسرائيليين التي سُجّلت في اندفاعة النار على جبهة جنوب لبنان أول من أمس، فإن خط التماس بين الطرفين شهد خفْضاً غير متوقَّع للتصعيد، ما أوحى بوجود «يد عليا» حالت دون أي انزلاقٍ لِما هو أدْهى.

وعلمت «الراي» من مصادر غير بعيدة عن معسكر «الممانعة» أن اتصالاتٍ غير مباشرة جرت بين الولايات المتحدة وإيران تَفادياً لجنوح المنطقة نحو حربٍ لا تريدها واشنطن ولا تتحمّس لها طهران، وهو الأمر الذي أصاب وَهْجه لبنان.

وفي تقدير المصادر أن الولايات المتحدة، التي سارعتْ إلى تحييد إيران عما يَجْري في غزة عبر «تجهيل» دورها في دعْم «حماس»، تدفع في اتجاه خفْض التصعيد في الشرق الأوسط لانشغالها في حرب أوكرانيا وعدم رغبتها في «رعاية» جبهتين، خصوصاً أن الانتخابات الرئاسية هي الآن، بند أول للحزبين الديموقراطي والجمهوري.

وتعتقد المصادر أن التقاطع الأميركي – الإيراني حول خفْض التصعيد يفيد طهران التي عززتْ مكانتَها كـ«لاعب» اضطُر الأميركي إلى «الحديث معه»، والتي تتصرّف الآن بـ «أبوّةٍ» حيال الانتصار الذي حققتْه «حماس» والذي تريد منه طهران إعادة خلط الأوراق في المنطقة، وتالياً فإن من مصلحتها تجنُّب الحرب الشاملة على قاعدة «عصفور باليد أفضل من عشرة على الشجرة».

ومن هنا فإن ديبلوماسيةَ «كسْر الصمت» تفسّر بقاءَ الوضع في جنوب لبنان تحت السيطرة وكأن كلا الطرفين (إسرائيل و»حزب الله») تَراجَع خطوةً إلى الوراء، رغم الحشد الإسرائيلي ومضيّه في إخلاء المستوطنات في الشمال وإيحاء الحزب بأنه قاب قوسين من وضْع «وحدة الساحات» موضع التنفيذ.

وما يفسّر حساسية جبهة الجنوب كـ «رأس حربةٍ» في ساحات «محور المقاومة» هو وجود قائد «فيلق القدس» الإيراني إسماعيل قاآني في بيروت للبقاء على مقربة من «مسرح العمليات» المتحرّك، خصوصاً أن كلاماً كثيراً قيل عن أن مصير الجبهات يرتبط في نهاية المطاف بما ستؤول إليه العملية البرية التي استعدّ لها الجيشُ الإسرائيلي لاجتياح غزة وهل سينفّذها وما سيكون عليه حال «حماس» ومصير انتصارها.