IMLebanon

جنوب لبنان ام البحر الاحمر… ايهما اربح لطهران؟

كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:

في حربها مع الغرب تمتلك ايران اوراقا كثيرة للمساومة عليها. ساحات عربية ، في البر كما في البحر ، تشكل مواد دسمة لاستخدامها في بازارات المماكسة في البيع والشراء وصولا الى حصد اوسع نسبة من المكاسب في الاتفاق النووي المفترض ان تعيد ابرامه مع الغرب. الى العواصم الاربع التي تتباهى بوقوعها تحت نفوذها وهي صنعاء وبغداد ودمشق وبيروت، علما ان معطيات عدة تجمعت اخيرا في الافق تخالف الرأي الايراني لا بل تؤكد ان ايا من هذه العواصم لم يعد في الجيب الايراني وقد فقد نفوذه تدريجيا فيها، أمسكت طهران بورقتين أخريين من نتاج حرب غزة وتحديدا عملية “طوفان الاقصى” التي غسلت يديها منها في العلن، من شأن المفاوضة حولهما تأمين اقصى ما تطمح اليه، البحر الاحمر والجنوب اللبناني، لكنها ما زالت حتى اللحظة تقيّم ايهما أثمن.

تقول اوساط دبلوماسية عربية لـ”المركزية” ان الاتفاق- الاميركي الايراني لا بدّ سينطلق من واحدة من الساحتين فإما يُقلع من الجنوب او يكون ترتيب وضع الجنوب نتيجة التسوية، بمعنى ان يبرم اتفاق ايراني- فلسطيني – اميركي حول غزة، فتبيع طهران ورقة أمن السفن في البحر الاحمر، وتتحدد بذلك دائرة نفوذها في المنطقة ومن ضمنها الجنوب، وإما تلجأ الى استخدام ورقة امن شمال اسرائيل الاغلى ثمنا بالنسبة لواشنطن وتل ابيب للانطلاق منها نحو صفقة تسوية اقليمية –دولية كبرى تحتاجها بشدة، بعدما ضاق الخناق الاقتصادي عليها الى أبعد مدى، فحرّكت اتباعها الحوثيين لعرقلة المسار البحري باستهداف السفن الغربية، وامس أعلنت جماعة الحوثي ، تنفيذ عملية عسكرية بعدد “كبير” من الصواريخ البالستية والمسيرات استهدفت سفينة أمريكية في البحر الأحمر، قالت إنها كانت “تقدم الدعم لإسرائيل”، اندلعت على اثرها اشتباكات لساعات طويلة تدخلت فيها حاملة الطائرات “يو. اس. اس “.

جماعة الحوثي تضيف الاوساط، ومحركها الاساس ايران، استفادت من الموقع الجيوسياسي الذي تتحكم به في مضيق باب المندب وما حوله، للإطلالة بمظهر المناصر للمقاومة في غزة، فراحت تقصف موانئ ومدن اسرائيل، الا ان الامر لم يجدِ نفعا اذ تصدت لها الدفاعات الأمريكية في البحر وفي قواعدها في البلدان التي مرت بها صواريخها، فبدّلت استراتيجيتها وانتقلت إلى قطع الطريق أمام السفن الإسرائيلية أمام شواطئها أو في مضيق باب المندب لتوقفها وتستولي عليها أو تجبرها على الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح فتؤخر وصولها وتكبدها خسائر كبيرة، ثم راحت تستهدف السفن الاميركية على غرار ما حصل امس.

استخدام البحر الاحمر مكسب اثبت اهميته بالنسبة لايران، لكن ماذا عن قوة حزب الله في جنوب لبنان؟

ورقة لا تقّل سعرا عن البحر الاحمر، لكن تكثر فيها التعقيدات، تؤكد الاوساط، لا سيما في ظل حرص غربي على منع استخدام الجنوب ساحة حرب فعلية ونسبة للواقع اللبناني الانهياري الذي يدركه حزب الله اكثر من اي طرف لبناني اخر، بدليل الصبر الاستراتيجي الذي ما زال “حبله” طويلا، على رغم استفزازات اسرائيل اليومية وسبحة اغتيالات لقادة المقاومة وعناصرها لا تتوقف ،وسعي الحزب الى حل سلمي يجنّبه انفجارا لا قدرة له على تحمله ولا لبيئته الرافضة توسع دائرة بيكار الحرب، حتى انه بات يستقبل موفدين دوليين كان آخرهم في شكل علني جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي ابان زيارته لبيروت نهاية الاسبوع الماضي.

الغرب يطرح انطلاق التسوية من جنوب لبنان ويقدم اقتراحات كثيرة من بينها تقسيم الحل الى مراحل يبدأ اولها بتراجع حزب الله اولا عشرة كيلومترات من الحدود بدل اربعين كلم، او بقائه حيث هو شرط عدم استخدام سلاحه الثقيل في المواجهات فيما اقترحت فرنسا وضع سلاح الحزب بأمرة الدولة مقابل منحه امتيازا سياسيا في ملف رئاسة الجمهورية، وقد تم رفض المقترح على الفور من مختلف الاطراف. اما المانيا فاقترحت وزيرة خارجيتها انالينا بيربوك في زيارتها لبيروت زيادة عديد قواتها من حفظة السلام جنوبا، بحرا وبرا لضبط المنطقة الحدودية ومثلها دول اوروبية اخرى.

لا يقتصر الخيار على ايران وحدها، تختم الأوساط، على رغم توقها الى بلوغ لحظة الاتفاق الدولي، فالكلمة اولا تبقى لاسرائيل بقبولها حل الدولتين مقابل تشكيل سلطة فلسطينية موحدة تدير قطاع غزة. شأن يعمل لأجله وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن مع حلفائه العرب ويكثف زياراته للمنطقة لتحقيقه، فهل ينجح؟