IMLebanon

الإسم جاهز.. ولكن متى تنضج «الطبخة»؟

لو كانت الأزمة محصورة بإنتخاب الرئيس، لكان سهلاً حلُّها. وأساساً، تقصَّد «حزب الله» بلوغ الفراغ لأنّ أهدافه تتجاوز إنتخابَ رئيسٍ للجمهورية. ولذلك، فالصيف رهينة «لاءات ثلاث»: لا رئيس، لا إنتخابات نيابية، لا حكومة فاعلة. وبعد ذلك، يكون الحلّ متكاملاً أو لا يكون.

الإنطباع السائد هو أنّ إنتخابات رئاسة الجمهورية، ما أن طار موعدها الدستوري، حتى طارت إلى أجَل غير مسمّى. ويقول قطب معني: «ما حدا فاضي» اليوم لإنتخابات الرئاسة. هناك ملفات كثيرة تغلي، ولم نعد نعرف من أين نبدأ!

وتراجَعت الحماسة التي أظهرتها مراجع ديبلوماسية فاعلة، في أوقات سابقة، لإنتخاب رئيسٍ للجمهورية ومنع الفراغ. وتبيَّن أنّ إستعجالها لم يكن مقروناً بضغوط حقيقية على القوى الساعية إلى الفراغ، لمنعها من تحقيق هدفها. وكالمعتاد، تتأقلم القوى الغربية ودول الخليج العربي مع الواقع الذي يفرضه محور إيران – سوريا على الأرض. والأنكى أنّ هذه القوى تنطلق من الواقع المفروض لفتح بازار المساومات مع هذا المحور.

وهذا ما حصل عام 2007، عندما تكفّلت القوى الدولية بمنع الفراغ، بعد إنتهاء ولاية الرئيس إميل لحود. لكنها فشلت، ثم إنقادت، بعد 7 أشهر، إلى تسوية الدوحة، تحت وطأة الضغط الميداني والسياسي الذي مارسه «حزب الله»، في 7 أيار. واليوم أيضاً، فشلت المراهنة على السفراء الغربيين والعرب لمنع الفراغ. ولذلك، هناك مخاوف من صيفٍ ساخن، إقتصادياً وإجتماعياً وأمنياً، وتكرار تجربة 2008.

فالأميركيون، بقيادة باراك أوباما، المربَكون في الشرق الأوسط، والذين يتحمّلون مسؤوليةً عن تيئيس المعارضة السورية، هم أنفسهم يُفاقمون أيضاً يأس القوى التي تراهن على دورٍ ضامنٍ لهم في لبنان. والأرجح أنّ لغة المصالح والمساومات المعلَنة والمبطّنة، مع إيران ونظام الرئيس بشّار الأسد، هي التي تقودهم. فما يعنيهم في لبنان هو إستمرار الحدّ الأدنى من السلطة، ولو في الشكل الخارجي، لئلّا ينهار ويتسبب بمشكلاتٍ إضافية لا أحد يريدها اليوم.

إذاً، تراجَع الإندفاع نحو الإنتخابات الرئاسية. أمّا الحكومة فمنشغلة بمعالجة الخلافات الدستورية والسياسية والطائفية والمذهبية حول ممارسة الصلاحيات الموروثة من رئيس الجمهورية. ولا تكاد الحكومة تَضمن إستمرارها، فكيف لها أن تبحث عن إنتخاب رئيس جديد؟ وقد يقع المحظور في أيّ لحظة وتصاب الحكومة بالشلل.

أمّا المجلس فمشلول تشريعياً. وهذا سيزيد حماوة المأزق الإقتصادي – الإجتماعي، ويهدِّد بالكوارث. وعندما يقترب 18 آب، موعد البدء في تقديم الترشيحات للإنتخابات النيابية، لن يكون هناك قانون جاهز للإنتخاب. فالقوى التي مدَّدت للمجلس لإستحالة إيجاد قانون، وإستمرت عاماً بلا حكومة فاعلة، وطيّرت إستحقاق الرئاسة، يستحيل عليها إنجاز قانون للإنتخابات في شهرين.

وستبدو القوى المسيحية، التي كانت السبب الظاهر في تعطيل إنتخابات الرئاسة، سبباً ظاهراً أيضاً في تعطيل الإنتخابات النيابية، قبل 20 تشرين الثاني. وهي تقف اليوم وراء «الشلل الإحتجاجي» في الحكومة والمجلس. وتالياً، سيتحمّل المسيحيّون مسؤولية تعطيل المؤسسات أو تطييرها. وعندما تحين اللحظة الإقليمية للتسوية، سيقال لهم: لا يحق لكم الإعتراض على شيء. فأنتم أوصلتم المؤسسات إلى الضياع، وأجبرتم القوى الخارجية على التدخل وفرض الخيارات.

وفعلاً، لعب القادة المسيحيّون دوراً سلبياً بعدم توافقهم على الرئيس وقانون الإنتخابات. ويتحمّل العماد ميشال عون، بمقاطعته جلسات الإنتخاب وشعار «أنا أو لا أحد»، مسؤوليةً أساسية في إفراغ الرئاسة وجعلها بالكامل ضحيةَ المساومات الخارجية.

وهكذا، لا إنتخابات رئاسية ولا نيابية ولا حكومة فاعلة، حتى تنضج الظروف للتسوية المتكاملة، مع أنّ إسم الرئيس بات مرجّحاً في معظم الأوساط. ولكنّ الآتي، هذه المرة، ليس مجرد تسوية موضعية على غرار الدوحة عام 2008، بل هو المؤتمر التأسيسي أو ما يعادله. فالمطروح بعد إندلاع النزاع في سوريا، وإرتسام الملامح الجديدة للشرق الأوسط، بتركيباته الجيوسياسية، لن يكون كما قبله. وفي «صراع الدول»، على الجميع أن «يحفظ رأسه»، فكيف له أن يساهم في حفظ رأس سواه؟