IMLebanon

بري: سأغيِّر الطريقة الكلاسيكية

 

تحوّلت وجهة الحدث الى روما أمس، وشهدت حاضرة الفاتيكان حدثاً غير مسبوق ويوماً تاريخياً بامتياز في الكنيسة الكاثوليكية، مع رفع قداسة البابا فرنسيس البابوين: يوحنا بولس الثاني ويوحنا الثالث والعشرين الى رتبة قديسَين، في احتفال أقيم في باحة كاتدرائية القديس بطرس التي غصّت بملايين المؤمنين من مختلف انحاء العالم، وبمشاركة لبنانية رسمية وشعبية لافتة، تقدّمها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي. وواكب لبنان احتفال التقديس من مسرح «البلاتيا» في ساحل علما حيث وضعت ذخائر القديسين، وبرفع الصلوات في الكنائس. أمّا الصورة السياسية الداخلية فحافظت على ضبابيتها في غياب المؤشرات الى نضوج الطبخة الرئاسية والمعطيات الاقليمية والدولية المتصلة بها، وتقدّم شبح الفراغ الرئاسي على رغم التحذيرات الخارجية من عواقبه.

ظلّ الملف الرئاسي متصدراً الساحة في ضوء اقتراب 25 أيار تاريخ انتهاء ولاية الرئيس سليمان والمهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

واكدت مراجع سياسية بارزة انّ هناك شكوكاً كبيرة في إمكان توافر النصاب لجلسة الانتخابات الرئاسية المقررة بعد غد الاربعاء، لأنّ الامور لم تنضج بعد، ولأنّ المفاوضات الجارية بين الرئيس سعد الحريري ورئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون لم تنته بعد. واشارت الى أنّ الاسباب التي أدت الى تطيير نصاب الجلسة الاولى بعد إجراء الدورة الاولى من الاقتراع الاسبوع الماضي ما تزال قائمة.

وكشفت هذه المراجع انّ الجانبين الاميركي والفرنسي أبلغا الى المراجع اللبنانية المعنية ان ليس لديهما أيّ مرشّح لرئاسة الجمهورية، وأن الجانبين السعودي والايراني اعلنا ايضاً ان ليس لديهما أيّ مرشح وانهما يريدان للبنانيين أن يتفقوا على مرشّح وسيباركان هذا الاتفاق.

واعتبرت المراجع نفسها انّ الربط بين الاستحقاقات في سوريا والعراق وبين الاستحاق الرئاسي اللبناني ليس منطقياً، لأنّ الازمات في هذه البلدان طويلة واذا كان لبنان سينتظر انتهاءها لإنجاز استحقاقه الرئاسي «فكَلّفنا خاطركم».

بري

وفي هذا السياق قال رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زوّاره أمس: «إنني حتى الآن أتعامل مع الاستحقاق الرئاسي بالطريقة الكلاسيكية، ولكن اذا استمرّ الوضع على هذا المنوال فإنني سأغيّر هذه الطريقة بعد جلستين كحد أقصى».

خط بيروت – الرياض

الى ذلك، زار وزير الصحة وائل ابو فاعور السعودية أمس الأول موفداً من النائب وليد جنبلاط، والتقى الحريري للمرة الثانية في أقلّ من اسبوع وناقش معه تطورات المرحلة ونتائج الجلسة الإنتخابية الأولى والتحضيرات الجارية للجلسة الثانية.

وكان نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري قد توجّه اليها صباح السبت الماضي للقاء الحريري، ومن المتوقع ان ينتقل منها اليوم أو غداً الى باريس.

وتكتّمت المصادر المواكبة هذا الحراك على كثير من نتائجه وتفاصيله، واكتفت بالقول لـ»الجمهورية» إنّ الجمود على الخط السعودي فرض إلغاء الإجتماعات التي كانت مقررة على مستوى قيادات «المستقبل» وموفدي 14 آذار، لأنّ ايّ تغيير ملموس لم يسجّل حتى اليوم أي حاجة لمثل هذه اللقاءات، إذ إنّ حركة الإتصالات الجارية لم تأت بجديد، والمواقف من الإستحقاق الرئاسي لم تتغير.

وكشفت المصادر أنّ سَعي عون الى إحداث خرق ما للخروج من اطار قوى 8 آذار الى رحاب «اللقاء الديموقراطي» دونه عقبات كبيرة حتى الآن، كذلك فإنّ سَعيه لنيل دعم «المستقبل» إصطدم برَفض علنيّ تبلّغه وزير الخارجية جبران باسيل الموجود في روما بعد موسكو. وأضافت انّ مثل هذا الدعم لن يحصل عليه عون إلّا في حال تسجيله تمايزاً مطلوباً بقوّة في موقفه من سلاح «حزب الله» وتوجّهاته في لبنان وسوريا على حد سواء، وهو أمر اعتبره عون مستحيلاً في الظروف الراهنة

«التغيير والإصلاح»

في غضون ذلك، علمت «الجمهورية» انّ موقف تكتل «التغيير والإصلاح» من جلسة الانتخاب يوم الاربعاء سيتظهّر بعد اجتماع «التكتل» الاسبوعي غداً. وفي السياق أكدت مصادر بارزة في «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» انّ الاتصالات الجارية بين التيار و»المستقبل» لم تحمل أيّ جديد بعد. وعَزت سبب عدم ترشّح عون للرئاسة حتى الآن الى رفضه ان يكون مرشح تحدٍّ لأحد او مرشح «محرقة»، إذ انه يريد ان يكون مرشحاً وفاقياً.

وعن استبعاد البعض في قوى 14 آذار تصويت «المستقبل» تأييداً لعون ووصف البعض الآخر هذا التصويت بأنه أشبَه بحلم، قالت مصادر التيار الوطني الحر: «لقد تعوّدنا ان نحلم ونحقق أحلامنا».

ماروني

وفيما يعقد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ظهر اليوم مؤتمراً صحافياً حول موضوع الاستحقاق الرئاسي، قال عضو كتلة حزب الكتائب النائب ايلي ماروني لـ«الجمهورية» ردّاً على سؤال عن أنّ فريق «14 آذار» لن يتمكّن من ايصال جعجع الى الرئاسة وأنّ الكتائب تبحث عن مرشّح بديل من صفوفها: «إنّ 14 آذار ستنتخِب في الدورة الثانية جعجع مرشّحاً وحيداً، لكنها ستعيد النظر في طريقة ادارة المعركة الانتخابية وفقاً لمقتضيات المرحلة»، وقال: «سنبقى موحّدين، والمرشّح الأوفر حظاً والذي نستطيع إيصاله سننتخبه سواء كان جعجع أو الرئيس أمين الجميل أو أيّ شخصية تمثّل خطّنا».

وعن امكانية استبدال جعجع بالجميّل، أوضح ماروني: «حتّى الساعة مرشّحنا هو الدكتور جعجع، لكنّ الجميّل مرشح طبيعي ويحتفظ بترشّحه وسيعلنه عندما يرى أنّ الظروف والمعطيات باتت تسمح بوصوله الى بعبدا، وهذا القرار سيحصل بتوافق جميع مكوّنات 14 آذار».

وعمّا قيل إن عون ينتظر قبول الحريري به كمرشح توافقي، قال ماروني: «اذا كان هذا صحيحاً فإنه سينتظر طويلاً»، معتبراً أن «الحريري لن يقبل بعون لأنه رجل غير توافقي، ولنا ملء الثقة بحلفائنا وهم يحتاجون الينا بمقدار ما نحتاج اليهم نحن». وأشار الى أن «الدول العربية والغربية لن تأخذ قراراً بعد بالتدخّل في الاستحقاق الرئاسي، لأنهم ينتظرون أن ننجزه بأنفسنا، لكننا نخشى من أن لا نستطيع العبور به الى برّ الأمان».

«حزب الله»

في غضون ذلك، كرّر «حزب الله» مطالبته برئيس جمهورية لا يعادي المقاومة، وتقاطعت مواقف نوّابه وقياداته على تأكيد هذا الأمر. ففيما قال رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد «إن لا مكان لرئيس يحمي مشروعاً معادياً للمقاومة في لبنان»، شدّد النائب علي فياض على «أن الرئيس المقبل لا بد له أن يكون صديقاً للمقاومة، يعكس تطلعات اللبنانيين الوفاقية، يلتزم مضمون البيان الوزاري للحكومة الحالية ويعبّر عن مضمونه السياسي، أمّا مَن اعترض على البيان الوزاري فلا محلّ له في سدة الرئاسة».

من جهته، اعلن الوزير محمد فنيش: «نريد رئيساً يحافظ على ما حققه لبنان من قوة ومناعة لمواجهة الخطر الصهيوني، ونريده قادراً على لعب دوره حَكَماً، ومتمسّكاً بإنجازات المقاومة والثوابت الوطنية، وهذه المواصفات نعرف على من تنطبق ونأمل في أن نصِل الى الشخص الذي يحمل هذه المواصفات».

بدوره، اعتبر رئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيّد هاشم صفي الدين أنّ من حق الحزب الوصول الى «رئيس جمهورية منسجم مع المقاومة ويتعاطى إيجابياً مع إنجازاتها وانتصاراتها ولا ينكر عطاءاتها ويدعمها». وشدّد على أنه لا يجوز التعاطي بخفّة مع فكرة انتخاب رئيس للجمهورية، منتقداً حركات البعض الفولكلورية في هذا الإطار.

الإستحقاقات العمّالية

وفي هذه الأجواء، تتقدم الإستحقاقات العمالية والاقتصادية على الاستحقاق الرئاسي في السباق القائم نحو اهتمامات الناس، فاليوم سيكون يوم السائقين العموميّين الذين سينطلقون في تظاهرات سيّارة في بيروت الى ساحة رياض الصلح انطلاقاً من البربير والدورة، وغداً تظاهرة مركزية دعت إليها الهيئة الادارية لرابطة التعليم الأساسي الرسمي في لبنان أمام المصرف المركزي في بيروت وبدعم روابط المعلمين في مختلف القطاعات، لإقرار سلسلة الرتب والرواتب، أمّا بعد غد فسيكون يوم الإتحاد العمّالي العام والإضراب الشامل بالتعاون مع هيئة التنسيق النقابية والنقابات في المؤسسات العامة والهيئات المستقلة.

واللافت انّ هذه الإستحقاقات المتتالية تترافق والتحضيرات ليوم عيد العمل الخميس المقبل الذي يحلّ هذه السنة تقليدياً وبلا برنامج محدد سوى الإستقبال الجاري التحضير له ككلّ سنة.

وعشيّة هذه التحركات اتصل رئيس الإتحاد العمالي العام غسان غصن بوزير العمل سجعان قزي وأطلعه على دوافع الإضراب الشامل على رغم مصادفته جلسة مجلس النواب الانتخابية بعد غد.

ويرأس غصن بعد ظهر اليوم اجتماعاً للمجلس التنفيذي للإتحاد في مقره، لمناقشة توصية هيئة المكتب بالاضراب العام وإقرارها، والاعتصام والتظاهر الاربعاء المقبل، ولتحديد مسار التظاهرات وبرامجها.

ورداً على سؤال حول السلسلة وما يمكن للجنة النيابية ان تتوصّل اليه في تقريرها، قال بري: «نحن في الاصل لسنا أعضاء ممثّلين في اللجنة التي تعاود درس السلسلة. انا وعدتُ ووفَيت، وهيئة التنسيق وعدت ووفَت، وانني لا أتدخّل في عمل اللجنة وانا انتظر تقريرها في 29 الجاري فإذا جاء جيداً كان به، وإذا لا، نبدله ونعدّله».

وعندما سئل بري: هل هناك إمكانية لعقد جلسة تشريعية للسلسلة قبل الاستحقاق الرئاسي؟ اجاب: «لِم لا؟ لا مشكلة في عقد مثل هذه الجلسة للسلسلة وغيرها في أي وقت».