IMLebanon

زيارة الراعي الى الأراضي المقدّسة قلبت الوضع على خطّ بكركي ــ الضاحية «وسطيّة» البطريرك تتأرجح بين 8 و14 آذار بحسب الموقف ومصلحة الفريق

«لا احد يستطيع ان يزايد على وطنية البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وبالتالي ان يصف زيارته الى الاراضي المقدسة بغير الرعوية او الدينية، اذ من الطبيعي ان يستقبل البطريرك البابا فرنسيس في أبرشية تابعة له، وهي الزيارة الاولى لبطريرك ماروني الى الاراضي المقدسة منذ العام 1948، فالبطاركة الموارنة زاروا القدس في العصر الصليبي والمملوكي والعثماني وفي زمن الانتداب البريطاني ليؤكدوا ان القدس مسيحية، وها هو البطريرك الراعي يعود ليثبت اليوم هذه المقولة»، هذا الكلام لمصدر ديني بارز خلال حديثه لـ «الديار»، يستنكر خلاله الاحتجاجات التي طالت غبطته من قبل البعض لان لبنان في حالة حرب مع اسرائيل، اذ لا يمكن لاي لبناني ان يزور اسرائيل تحت طائلة الملاحقة القانونية بتهمة التعامل مع العدو ، الا انه يشير الى ان رجال الدين المسيحيين وبموجب اتفاق ضمني بين السلطات الدينية والسياسية، يذهبون الى الاراضي المقدسة في اطار مهامهم الروحية مع الرعايا المسيحيين، موضحاً بأن هنالك اتفاقاً ضمنياً بين السلطات اللبنانية ومسؤولي الكنيسة المارونية يتم بموجبه ارسال رهبان وراهبات وكهنة لبنانيين الى الاراضي المقدسة حيث يوجد مسيحيون، واليوم يصل عدد الموارنة الى ما يقارب العشرة الاف في اسرائيل والاراضي الفلسطينية، لافتاً الى ان البطريرك الراعي لم يشارك في اي لقاء سياسي في اسرائيل، لكنه إلتقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الاراضي الفلسطينية ، مؤكداً بأن هدف زيارة الراعي بأن يشعر هؤلاء بأنهم ليسوا منسييّن بل هنالك من يفكر بهم كرعية يجب إحاطتها دينياً، رافضاً كلام البعض بأن تداعيات سلبية ستنتج لاحقاً عن الزيارة.

الى ذلك تعتبر اوساط سياسية مراقبة بأن مواقف البطريرك الراعي ما تزال تتأرجح بين مؤيد ومعارض لها على خطّي 8 و14 آذار، فأحياناً يطلق موقفاً سياسياً يؤيده فيه فريق 14 آذار، فيما يلقي الرفض من قبل 8 آذار، ما يؤدي الى بروز فتور كل فترة على خط هذا الفريق او ذاك، وهذا ما شهدناه حين زار سوريا اذ لقي سلسلة احتجاجات للوهلة الاولى من الفريق المعارض، لكنه كما ذهبَ عاد أي لم يقم بأي لقاء سياسي لانه يعمل بشدة على تقريب وجهات النظر بين كل القيادات السياسية اللبنانية للحد من تشنج الخطاب المتبادل، في محاولة منه لردع الخلاف الموجود بين الفريقين، ما دفع بفريق 14 آذار الى تقبّل موقفه بعد حين، من خلال إمتناعه عن الرد على اي موقف يُطلقه الراعي، خصوصاً ان وعداً قد تم التوافق عليه بين قوى المعارضة بعدم إطلاق اي تعليق على بكركي مهما كانت التصريحات، بعد ان وصلت العلاقة الى فتور كبير بسبب مواقف كان البطريرك قد اطلقها في باريس وروما منذ سنوات، فكان البعض سريعاً في الرّد قبل ان يتفهم قراءة الراعي السياسية للوضع ومن ثم عاد وفهم وتقبّل، خصوصاً بعد ان اوضح غبطته بأن ما جرى في فرنسا هو معاكس تماماً لما نشر وتم تداوله، «اذ قلنا أننا لا نوالي ولا نعادي النظام السوري، ونحن مع الإصلاحات الدستورية ومع الحريات العامة وحقوق الانسان والديمقراطية في سوريا وغيرها من الدول، لكننا نتخوف من المثل العراقي الذي له تداعيات على الوضع اللبناني».

وعلى أثر هذه التوضيحات حصل بعد مدة لقاء «كسر الجليد» بين البطريرك الماروني ووفد مسيحيّي 14 آذار في بكركي إثر تدّخل الرئيس امين الجميّل، وحينها صدرت رغبة من الجانبين في التأسيس لمناخ جديد وصفحة جديدة لا تصل الى الخلاف مهما حصل، لكن أسهم الراعي تعيش منذ وصوله الى بكركي تأرجحاً بين الموالاة والمعارضة بحسب تصريحاته فتراها تعلو احياناً وتنخفض احياناً اخرى.

وتختم المصادر السياسية المراقبة «بأن الفتور الحاصل حاليا» بين الراعي وبعض فريق 8 آذار سينتهي ولو بعد مدة، اذ سيدرك هؤلاء بأن البطريرك كما ذهب عاد وزيارته اراحت الرعايا المسيحيين في الاراض المقدسة، وبالتالي فهو تفقد رعيته المنسية هناك واكد للاسرائيليين بأن القدس لنا وستبقى لنا مهما طالت السنوات، لان الحق لا بدّ اي يرجع الى اصحابه، متوقعة بأن يتم إنصاف البطريرك من قبل معارضيه ولو بعد حين.