IMLebanon

ميقاتي يرفض «العودة الى زواريب» طرابلس

على وقع الهمّ الأمني المتنقل في طرابلس بين عمليات التوقيف المستمرة وردّات الفعل الفورية عليها، والإحتجاج على التأخير في بتّ محاكمات الموقوفين الإسلاميين، يتلمَّس الرئيس نجيب ميقاتي مشاريع عدة لإستدراجه الى أحيائها وزواريبها من خلال إتّهامه بتمويل الحركات الإسلامية المتنامية، مؤكّداً أنّه «لن يُشكّل الطرف الآخر الذي يريدونه في هذا النزاع». كيف ولماذا؟

تجهَد القيادات الأمنية والعسكرية لحماية الخطة الأمنية الجاري تنفيذها في طرابلس بكامل قواها الميدانية والإستخبارية منعاً لتجدّد القتال بين أحيائها، وترسيم خطوط تماس جديدة طالما أنّ الخطوط القديمة بين بعل محسن وباب التبانة باتت «خارج الخدمة الفعلية»، ولم يعد هناك سببٌ لتأجيج النزاع مجدداً في ظلّ غياب القيادة العلوية عن الجبل.

وفي جانب آخر من النزاع الذي كانت تشهده المنطقة، ما زالت الحركات الإسلامية والجهادية تنمو على وَهج نار الأزمة السورية الدموية ومستجدّات قيام الدولة الإسلامية في العراق والشام، فلم تجد مَن يُواجهها سوى القوى الأمنية والعسكرية في مناطق كثيرة، ما يُهدّد أمن المدينة مجدداً بفارق كبير، وهو أنّ النزاع لم يعد بين ميليشيات متقابلة، بل بين ما تبقّى منها والقوى الشرعية الأمنية والعسكرية.

وعلى هامش هذه المواجهة المرتقَبة، رفعت التوقيفات الأخيرة التي طاولت الشيخ حسام الصباغ، ومقتل ثالث إرهابيّي فندق «دي روي» منذر الحسن من مخاطر المواجهة بين هذه المجموعات والقوى الأمنية والعسكرية، والتي باتت وحيدة في المواجهة على خلفية السعي الى تصوير الوضع وكأنّ التدابير لا تطاول إلّا السنّة من مشايخ ومقاتلين من أبناء المدينة دون غيرهم.

في المبدأ، إذا نظرنا الى واقع الأمور بسطحيّة، يمكن القول إنّ هذه المواجهة باتت في قلب البيت الواحد، فقادة القرار الأمني اليوم وصنّاعه من أصدقاء هذه المجموعات. ففي وزارة الداخلية اليوم أحد صقور تيار «المستقبل» نهاد المشنوق، وفي وزارة العدل صديقهم اللواء أشرف ريفي، وما بينهما إبن المدينة ونقيب محاميها وزير الشؤون الإجتماعية رشيد درباس، وهو أمر أعطى أيّ مواجهة محتملة طابعاً آخر يختلف في شكله ومضمونه عن التّجارب السابقة، بتغيير الأسباب والظروف التي رافَقت الجولات الإحدى والعشرين التي انتَهت فصولها في المدينة مطلعَ العام الجاري قبيل تأليف حكومة المصلحة الوطنية.

وفي هذه الأجواء بدأت صرخات قادة المحاور واهالي الإسلاميين تخاطب القيادة الأمنية الجديدة في نداءاتٍ عدَّتها استكمالاً لسابقاتها، وفي وجه من كان يشاطرهم الهمّ نفسه وهو ما دفع بعض أهل المدينة الى البحث في دفاتر الماضي لقيادة حملة طاولت ميقاتي الذي رفض وأنصاره القيامَ في أيّ رد على الحملات التي طاولته وتطاوله، معتبراً أنّها مهاترات لا اساس لها من الصحة. فميقاتي لم يوفّر جهداً لتطبيق خطة اعتمدوها فور تسلمهم السلطة، وهو سعى اليها منذ أن اطلقتها حكومته قبل اكثر من عام، متّهماً مَن يُطبّقها اليوم ويعدّها إنجازاً، بأنه كان القوة المخفيّة التي عطّلتها حتى عودتهم الى السلطة.

ولذلك لن يُستدرج الى هذه المواجهة مهما كانت الوسائل، وهو يصرّ على ثلاثية خطته للمدينة: المصالحة والأمن والإنماء، وطالما أنّ المصالحة تحقَّقت والأمن استتبّ فلا بدّ من إطلاق ورشة الإنماء وأولى خطواتها صندوق استثماري خاص بطرابلس يحمل إسم «ثمار طرابلس» أطلقه امس ليوسّع من حركة الإنماء في المدينة وفرص العمل فيها. وكفى.