IMLebanon

الإنتماء للأحزاب في خدمة الوطن

 

مقالات خاصةالإنتماء للأحزاب في خدمة الوطنتفسير مبدأ الديمقراطية لأطفالنادوافع صحّية للمشي يومياً!المزيدفي ظاهرة جديدة وفريدة، وفي برنامج تلفزيوني مباشر على الهواء، قام شابان بالتخلي عن بطاقتي انتسابهما لحزبين لبنانيين، معللَين ذلك بالمصلحة الوطنية، فقال أحدهما: «حسّيت عيب عكل واحد منّا يضلّ لاحق زعيم»، أما الشاب الآخر فقال: «قادر إلحق حلم أكبر من حزبي، بحجم لبنان».

بداية، الانتماء هو الانتساب إلى وطن أو حزب أو شركة أو مجموعة، وهو يعبّر عن حالة ارتباط حقيقي وعلاقة خاصة مع أمر محدّد يقوم به شخص بشكل خاص. ويبدأ الانتماء للعائلة الصغيرة منذ نعومة أظافر الأطفال، وبعدها للمدرسة ومن ثمّ للمجموعات المختلفة مع التقدم في السّنّ، فأنتمي الى الجامعة التي أتعلم فيها، والى النادي الرياضي، والجمعية والنقابة والشركة التي أعمل فيها، ومن خلال كلّ ذلك، أنتمي الى وطني.

 

يتعلم الأطفال الانتماء الى البيئة التي يعيشون فيها بالخبرة وبالمشاهدة أيضاً، فيتعلمون من أهلهم الالتزام والوفاء والاهتمام بالمصلحة العامة. والانتماء شرط أساسي وهو المجموعة، فلا وطن من دون شعب ينتمي إليه، يحمل من يتشاركون الانتماء الى قضية معيّنة أهدافاً وطموحات يضعونها فوق كلّ اعتبار.

 

ليست علاقتنا مع المجتمعات التي نعيش فيها، والتي تعتبر أجزاء من مجتمعنا الكبير – «الوطن» – علاقة سطحية وعابرة، بل هي رابط عميق، عاطفي وواقعي في الوقت عينه، متجذّر في داخلنا، قائم على الثقة والاحترام. ولا يمكن للانتماء أن يكون نسبياً، فهو يحمل في طياته ميلاً شديداً للمحافظة والدفاع عمّا أنتمي إليه، فأقوم، حتى الموت، بالدفاع عن مصلحة «موضوع انتمائي».

 

أما موضوع الانتساب الى أحزاب معينة، فيشبه إلى حدّ كبير العائلة الأساسية (التي تمثل الوطن) والتي كبر أبناؤها وأصبح لكلّ منهم كيان مستقل، ينضوي تحت راية العائلة الأساسية، ويخدم مصالحها، ويطبّق أنظمتها، ويكون وجوده داعماً لها، وحامياً للبيت العائلي الأساسي. فالوطن هو الأب الذي يعلّم جميع أولاده على النظام واحترام القوانين، ويقدم لهم الحماية؛ وهو الأم التي تجمع أبنائها وترعاهم وتحافظ على حسن العلاقة والحوار فيما بينهم.

 

 

فالانتماء الى الوطن ليس محدوداً، ولكنّه مشروط بالوفاء والاحترام والثقة والإخلاص، والولاء قبل كلّ ذلك. فانتموا الى الأحزاب والمؤسسات والجمعيات ما شئتم، طالما أنّها تنضوي تحت راية الوطن، وتضع مصلحته العليا فوق مصالحها. فلا ننتمي للوطن عندما نسمح لأنفسنا باستغلال مرافقه الحيوية من أجل مكاسب وإفادة شخصية.

 

إن انتماءنا جزء لا يتجزأ من طبيعتنا، فهو ليس مرحلياً، آنياً، بل خياراً وممارسة والتزاماً، فلا يتوقف على فترات العز ويتحول في أوقات الشدائد والصعاب إلى أوطان أخرى.

 

ينعكس الانتماء الى الوطن شعوراً بالاستقرار والراحة، بالرضا عن الذات والفخر والعزة، وينمّي حسّ المشاركة والارتباط بالمجموعة، والإحساس بالقوة والدفاع عنه ضد كلّ من يؤذي مصالحه واستقراره.

 

الوطن هو المنزل الكبير الذي ينتمي إليه الجميع من أحزاب ومجموعات وأديان مختلفة… لا تلغي الأحزاب الأوطان، بل تعمل على تعزيزها وغرز محبتها في النفوس. ألّا ندافع جميعا عن منازلنا؟ هل نتركها للمغتصب والسارق؟ لا، لا تمزقوا بطاقاتكم الحزبية – إذا – كانت تعمل لمصلحة الوطن العليا.