IMLebanon

مواصفات Chat gpt الرئاسية… ونَدَم “الحزب”

 

أحد دبلوماسيي واحدة من دول الخماسية المعنية بمواكبة الأزمة اللبنانية وبإيجاد المخارج لمأزق الفراغ الرئاسي، اختار اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي من أجل تحديد هوية الرئيس اللبناني المقبل ومواصفاته، على هامش مهمة المحاولة المرتقبة للموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان والأسئلة التي طرحها على الكتل النيابية آملاً الحصول على أجوبتها الخطية عن الأولويات التي تراها للعهد الرئاسي المقبل وعن المواصفات التي ترى أنها تتناسب مع تلك الأولويات.

 

سأل الدبلوماسي إيّاه تطبيق Chat gpt عن تلك المواصفات، فجاءه الجواب بعد سجال معه حول الهدف من السؤال والتوضيحات المتبادلة. انطلق السؤال من قناعة الدبلوماسي أنّ المشكلة الأساسية في الأزمة السياسية الاقتصادية المالية التي يمرّ فيها لبنان تتعلّق بفقدان الثقة الداخلية والخارجية بالسلطة السياسية وبالطبقة الحاكمة بعد الكارثة التي حلّت بالبلد وباللبنانيين جرّاء انهيار الاقتصاد وضياع ودائع من وثقوا بالنظام المصرفي اللبناني فجاءت النتيجة مأسوية بسبب الفساد وتحميل البلد فوق ما يحتمله، بإقحامه في الصراعات الإقليمية والدولية…

 

باتت الدول الراعية للحلول وإدارة الأزمة في لبنان تتعاطى مع مسرحه السياسي على أنه أحجية تحتاج إلى هذا النوع من الأساليب التكنولوجية الفائقة الحداثة، بعد ما يفوق العشرة أشهر على الشغور في الرئاسة الأولى. فأساس المباشرة بعملية الإنقاذ هو استعادة الثقة والبداية في انتخاب رئيس الجمهورية.

 

جاء الجواب الإلكتروني للدبلوماسي إيّاه، موزّعاً على ثلاث نقاط كالآتي:

 

1- أن تكون لديه رؤية اقتصادية لمهمة الإنقاذ.

 

2- ألّا يكون منتمياً إلى أي اصطفاف سياسي واضح وفاقع، من الاصطفافات القائمة.

 

3- ألّا يكون منتمياً إلى منظومة الفساد التي تحكّمت بلبنان سابقاً.

 

فَهِم الدبلوماسي النقاط الثلاث على أنّها تلخّص عنوان استعادة الثقة بدءاً بالرئاسة الأولى، ويفترض أن تكون جواباً عن الهواجس والملاحظات التي يطرحها الفرقاء كافة كلٌ من زاويته. فـ»حزب الله» يريد رئيساً لا يمسّ بسلاحه في هذه المرحلة أو لا يطرح هذا الموضوع انطلاقاً من مطالب البعض نزع سلاحه. و»التيار الوطني الحرّ» ورئيسه النائب جبران باسيل يريدان رئيساً يضمنان ألّا يهدّد مكتسباتهما التي حصلا عليها خلال ست سنوات من الحكم. وقوى المعارضة لا تريد تكرار تجربة رئاسة العماد ميشال عون من زاوية تثبيت هيمنته على البلد وأخذه نحو خيارات إقليمية ترفضها، وهكذا دواليك من الملاحظات والهواجس. ولذلك فإن الرئيس غير الخاضع للاصطفافات يفترض أن يشكل تطميناً لها، لأن هذا يعني ألّا يكون منحازاً لهذا الفريق أو ذاك، وبالتالي يكون مؤهّلاً لخوض حوار بين الفرقاء حول المسائل المختلف عليها.

 

أن يتحلّى الرئيس المقبل برؤية اقتصادية فهذا يعني أن يكون ملمّاً بالمعالجات المطلوبة للأزمة وللوضع المالي، «بحيث يستطيع التفاعل مع الطروحات التي يفترض أن يعرضها الفريق الحكومي، رئيس الحكومة والوزراء، الذين يفترض أن تتشكّل منهم السلطة السياسية، من غير الفاسدين ومن الأكفاء النزيهي الكف، بعد انتخاب الرئيس. فدوره سيكون غير فاعلٍ إزاء الحلول المطلوبة في حال لم تكن لديه رؤية».

 

تتوافق مواصفات Chat gpt مع تلك التي طرحها البيان الخماسي بعد اجتماع الدوحة في 17 تموز الماضي، والذي تبنّى التوصيف السعودي والأميركي بإشارته إلى أنه يجب أن «يجسّد النزاهة»…

 

هل يتناسق جواب الذكاء الاصطناعي مع إصرار «حزب الله» على أن الثقة بالنسبة إليه تتعلّق بشخص الرئيس الذي يضمن استمرار المقاومة ولا يطعنها في الظهر؟ وهل يقبل بأن يكون الرئيس المقبل خارج «الاصطفافات الواضحة والفاقعة»؟

 

الأوساط المطلعة على القراءة السعودية للأزمة اللبنانية تتحدث عن براغماتية «حزب الله» بالمقارنة مع الفرقاء الآخرين الذين تتعدّد الآراء والتوجّهات في صفوفهم بحيث باتوا لا يدركون ما يريدون. في اعتقاد هذه الأوساط أنّ «الحزب» يريد ولوج تسوية رئاسية للانخراط في العملية السياسية في البلد، لكن مقابل ثمن ما يحفظ له مكتسباته السياسية التي حصل عليها في المرحلة الماضية. وهذه أولوية له قبل أن تكون له أهداف إقليمية من وراء التسوية على الرئاسة. فـ»الحزب» يسعى إلى التسوية منذ أن اندفع نحو التسوية على ترسيم الحدود البحرية مع الجانب الأميركي آملاً في أن يحصل على الثمن الذي يريده من وراء هذا الترسيم ثم اكتشف أنه لم يحصل من الجانب الأميركي على ما كان يطمح إليه. والأرجح أن يكون ندم لأنه لم يربط إنجاز الترسيم بالحصول على الثمن المقابل.

 

إلّا أنّ الأوساط إيّاها تعود فتقول إن الخطيئة السياسية الكبرى عند سائر الفرقاء اللبنانيين هي تكرار الخيارات السياسية الخاطئة السابقة.