IMLebanon

مسيحيّو الزهراني… معركة لإثبات الوجود

عرَف لبنان منذ الاستقلال إلى اليوم، قوانين انتخابية مختلفة ومتنوّعة، كان أبرزها «قانون الستين»، و»قانون غازي كنعان»، حيث قسِّمت الدوائر الانتخابية لهدف إيصال الكتل النيابية التي تنسجم مع مصالح السلطة. لهذا، كان دائماً الغُبن في التمثيل الحقيقي يرافق بعضَ الأقضية، إنْ على صعيد التمثيل الطائفي أو حتى الحزبي أو المناطقي.

لم يكد القانون النسبي، الذي قسَّم لبنان إلى خمس عشرة دائرة مع «الصوت التفضيلي» على اساس القضاء، يبصر النور داخل أروقة البرلمان اللبناني، حتى بدأت سهام النقد توجَّه إلى واضعيه أولاً، وإلى مضمونه ثانياً، خصوصاً من ناحية تقسيم الدوائر الانتخابية، ولا سيّما منها الدائرة التي ضمّت مناطق قضاء صيدا مع قضاء صور.

إنّ منطقة قرى صيدا، أو ما باتت تعرَف بشرق صيدا، هي امتداد جغرافي طبيعي لمحيطها الصيداوي من جهة، والزهراني من جهة أخرى. هذه المناطق ذات الغالبية المسيحية في عددها، يقدَّر عدد ناخبيها بـ 25261 صوتاً، لن يكون لهم تأثير في قلب النتائج مهما كان القانون تمثيلياً، في ظلّ الطغيان الإسلامي حيث الأصوات مضاعفة، بحيث يقدّر الناخبون المسلمون بنحو 85582 صوتاً.

الانتخابات المزمع إجراؤها على أساس النسبية مع الصوت التفضيلي، ستزيد من خيارات الناخب في الاختيار الحرّ، وتحرّره من المحادل الانتخابية التي ترتكز على الصوت الأكثري. لذلك، فالصوت المسيحي في دائرة صور- الزهراني، مدعوماً بالصوت المسيحي في منطقة صور، قد يحدِث خرقاً إنتخابياً، بشرط أن يصوّب الصوت التفضيلي بنحو مبرمج وممنهج، ويأتي بأكثر من عشرين ألفاً بصوت تفضيلي لمرشّح واحد.

وتؤكّد مصادر حزبية أنّ المستحيل قد يصبح ممكناً، في ظلّ هذا القانون، فمِن أصل 280 ألف ناخب في الدائرة ككلّ، يشكّل الصوت الشيعي فيها نحو 240 ألفاً، وهو من الغالبية الساحقة ينتمون إلى الثنائي الشيعي.

رغم هذا الفارق المخيف في عدد الأصوات، لكنّ تنسيق الجهود، والتصويب الصحيح للصوت التفضيلي، قد يَسمح للائحة المنافسة للتحالف الشيعي بخرقِِ في أحد المقاعد الانتخابية على أن لا يكون هناك إلّا لائحة واحدة منافسة.

ويشير المراقبون الى أنّ المعركة في هذه الدائرة متوقَّعة أن تكون على المقعد الكاثوليكي، الذي يتولّاه حالياً النائب ميشال موسى.

في حين يَعتبر «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» أنّ المعركة هي إثبات وجود لهما، بعدما حصَدا غالبية رئاسة البلديات في القرى المسيحية، ويَطمحان لتفعيل دورهما في المنطقة، خصوصاً في قضاء الزهراني.

المعركة ستكون معركة إثبات أحجام أكثر منها معركة كسبِ مقعدٍ على ما يبدو، وذلك بسبب الصوت التفضيلي الذي قد يعيد خَلط الأوراق إذا صبَّت الغالبية الناخبة عند المسيحيين في الاتجاه المعاكس. لكنّ ما يصعّب المهمّة هو وجود النائب موسى حيث ستوزّع بعض الأصوات التفضيلية للناخب الشيعي لمصلحة النائب الكاثوليكي الذي يَدعمه رئيس مجلس النواب نبيه بري.

لكن، على رغم أنّ هذه النتيجة شِبه المبتوتة سَلفاً لمصلحة فريق بري، خصوصاً مع ضمِّ القضاء إلى صور ذات الغالبية الشيعية الحزبية، إلّا أنّ الأرضية المسيحية في هذا القضاء باتت شِبه مقتنعة بأنّ هذا القانون على المدى البعيد يُريحها، بحكمِ انصهارها بالشريك الشيعي فيها، وهو ما يجسّد بينهما التعايش، بحسب ما ذكرَه منسّق «التيار الوطني الحرّ» في القضاء، جيوفاني ديب، في ردِّه على منتقدي القانون.

لهذا، مهما يكن للقانون من قدرة تمثيلية، يبقى لمسيحيّي قضاء الزهراني خصوصية مختلفة، تتمثّل في إيصال من يمثّل منطقتهم لا طائفتهم، حيث التجربة واضحة من خلال نسبة الاقتراع الكثيف في المناطق المسيحية عام 2009 للنائب علي عسيران، على سبيل المثال، الذي شكّلَ حالة استثنائية ومرجعية كبيرة عند المسيحيين، منذ عام 1992.