IMLebanon

تداعيات

بمعزل عن التداعيات التي أفرزتها الانتخابات البلدية والاختيارية على التحالفات السياسية في فريقي الثامن والرابع عشر من آذار وأظهر هشاشة هذه التحالفات، إلا أن هذه الانتخابات سلّطت الضوء مجدداً على الانتخابات الرئاسية المتعثّرة منذ أكثر من سنتين، ولم يعد مستبعداً أن تشهد الأسابيع القليلة التي تلي الانتهاء من الانتخابات البلدية والاختيارية، مقاربة جديدة من القوى السياسية المتنازعة تعجّل في الوصول إلى تفاهم ما على ملء الشغور الرئاسي برئيس توافقي يكون من خارج الإصطفاف القائم.

وليست المبادرة التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه برّي يوم الأربعاء الماضي انطلاقاً من تجربة الانتخابات البلدية والاختيارية، سوى مؤشر على أن توفّر معطيات داخلية شجّعته على إطلاق مثل هذه المبادرة ونقصد بذلك نجاح تجربة الانتخابات البلدية والاختيارية بدلالاتها القريبة والبعيدة على مستوى رفض الشعب اللبناني بكل مكوناته لممارسات الطبقة السياسية، أضف إلى ذلك عودة الاهتمام الدولي بلبنان وتجلّى ذلك في الرسالة التي وجهها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى البطريرك الماروني بشارة الراعي والتي أكد فيها دعوته لانتخاب رئيس للجمهورية بصورة سريعة من أجل تفعيل عمل المؤسسات من جديد واستمرارية هذا النموذج، واعداً بأن فرنسا ستتابع بذل الجهود إلى جانب الأفرقاء المعنيين لمساعدة اللبنانيين على إيجاد حل للأزمة السياسية والمؤسساتية بأسرع ما يمكن وستتابع حثّ الأسرة الدولية على العمل في هذا الاتجاه.

وفي السياق نفسه حثّ الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريللا خلال زيارته القصيرة إلى بيروت المسؤولين الذين التقاهم على وجوب التعاون بين الجميع لإتمام الاستحقاق الرئاسي لأن الوقت لم يعد يعمل لمصلحة أي من الأفرقاء، وبالأخص ليس لمصلحة بلدهم الذي يعيش وسط خضم من التحولات على مستوى منطقة الشرق الأوسط كلها.

قد يقول قائل بأن المسألة لم تعد بيد اللبنانيين بعدما سلّمتها قياداتهم للخارج، ولذلك فإن ما يُحكى أو يؤمل باستعادتهم المبادرة والتلاقي فيما بينهم على انتخاب رئيس للجمهورية يضع انتخابه حدّاً للأخطار المحدقة لا يعدو كونه أضغاث أحلام، بما في ذلك المبادرة التي أطلقها الرئيس برّي على خلفية ظاهرة الانتخابات البلدية والاختيارية خصوصاً أن هذه المبادرة تتناقض مع سلوك رئيس المجلس بالنسبة إلى جلسات انتخاب الرئيس، والتي تخالف الدستور لجهة تمسكه بنصاب الثلثين لعقد جلسة الانتخاب في الوقت الذي يدعو في مبادرته الجديدة النواب الىانتخاب الرئيس بمن حضر، فأين المنطق في كل هذا، ولماذا لا يعقد جلسة الانتخاب بمن حضر، ويصرّ على الثلثين في الوقت الذي سبق لمجلس النواب أن عقد جلسة أولى بحضور الثلثين ولم يتم انتخاب الرئيس لأسباب لا علاقة لها بالدستور.