IMLebanon

رسائل «حزب الله» من استعراضيْ «القصير» و«الجاهلية»

رسائل «حزب الله» من استعراضيْ «القصير» و«الجاهلية» تعبير مبطن عن الاستياء من ممارسات العهد الجديد

محاولة لفرض سلّة شروط في تأليف الحكومة الجديدة وتحديد مسار سياسي معين

أولى مفاعيل هذين الاستعراضين المسلحين تُرجمت عملياً برفع سلّة شروط حلفاء الحزب في مشاورات تشكيل الحكومة

الصمت الرسمي الذي التزمه المسؤولون على كل المستويات تجاه العرض العسكري الذي نظمه «حزب الله» في منطقة «القصير» السورية المحاذية للحدود اللبنانية والتي دمرت مساكنها أسلحة «مقاومة» إسرائيل سابقاً وهجرت معظم اهاليها قسراً إلى لبنان، واستتبعه الحزب باستعراض مموه في بلدة «الجاهلية» بالداخل اللبناني تحت اليافطة الدرزية المستحدثة بعد أيام معدودة من انطلاقة عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، لا يعني الموافقة الضمنية أو الاستهانة بهذين الحدثين المتزامنين مع دخول لبنان في مرحلة سياسية جديدة، بل كان بدافع التعبير عن الاستياء ضمناً مما حصل والسعي قدر الإمكان لمنع الحزب وأتباعه من تأجيج المناخ السياسي وابعاد أي انعكاسات سلبية على انطلاقة العهد الجديد وتوفير مناخ مقبول نسبياً لتشكيل الحكومة الجديدة.

الا انه وبالرغم من تجنّب كل المسؤولين، من حلفاء الحزب وخصومه على حدّ سواء التعليق سلباً أو إيجاباً على استعراضات القوة الترهيبية للحزب بالداخل والخارج على حدّ سواء والتي تعوّد اللبنانيون على تحسس مؤثراتها السلبية الضاغطة كمؤشر اعتراضي ينفذه الحزب في الاستحقاقات السياسية والمحطات المفصلية المهمة لتغيير الواقع السياسي بالقوة، كما حصل على مدى السنوات العشر الماضية، فإن أولى مفاعيل هذين الاستعراضين المسلحين تُرجمت عملياً برفع سلّة شروط حلفاء الحزب في مشاورات تشكيل الحكومة وزيادة مطالبهم التعجيزية تحت شعارات مختلفة، مما اعاق عملياً تشكيل الحكومة الجديدة أكثر مما كان متوقعاً، وأخر انطلاقة العهد الموعود، لأنه بدون تشكيل الحكومة العتيدة لا يمكن المباشرة باتخاذ القرارات المطلوبة لمعالجة المشاكل المتراكمة وتلبية مطالب المواطنين الحيوية.

ويعتبر بعض السياسيين ان اقدام «حزب الله» على تنظيم العرضين العسكريين المذكورين في هذا الوقت يحمل في طيّاته أكثر من مؤشر، الأوّل يتمثل بردة فعل الحزب السلبية على خطوة خصومه السياسيين في تأييد انتخاب العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية خلافاً لكل الحسابات السابقة والاحتمالات المتوقعة التي كانت تستبعد لجوء الخصوم السياسيين وتحديداً «تيار المستقبل» إلى هذا الخيار ويعمد إلى تغيير الوقائع على هذا النحو مما اوجد حالة إرباك واستياء لدى جمهور الحزب وحلفائه لأنهم لم يكونوا بالفعل يؤيدون وصول عون لرئاسة الجمهورية، بالرغم من إعلان الحزب مراراً وتكراراً تأييدهم العلني لترشيحه للرئاسة منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان وحتى الأمس القريب.

ويضيف هؤلاء السياسيون ان تعطيل «حزب الله» لانتخابات رئاسة الجمهورية لأكثر من عامين ونصف متواصلين وامعانه في إبقاء لبنان بلا رئيس للجمهورية بحجة تأييده لترشيح عون للرئاسة لم يكن الا بدافع تمكين النظام الإيراني من مقايضة انتخابات رئاسة الجمهورية في الصفقات المنوي عقدها مع الإدارة الأميركية الجديدة بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وكانت المماطلة الإيرانية المكشوفة في المحادثات التي يتم التطرق فيها إلى ضرورة فك أسر الانتخابات الرئاسية اللبنانية مع مسؤولي مختلف الدول اقوى دليل على إمساك إيران بالملف الرئاسي وسعيها لاجراء مقايضة بخصوصه مع الولايات المتحدة الأميركية لتحصيل ما يمكن من مكاسب إيرانية صافية على حساب المصلحة اللبنانية على وجه العموم.

ويشير هؤلاء السياسيون إلى أن «حزب الله» الذي وافق على مضض على تأييد انتخاب عون للرئاسة بعد تأييد «القوات اللبنانية» و«المستقبل» لترشيحه، يحاول من خلال عروض القوة الترهيبية التي ينظمها، إزالة الاحباط وعدم الرضى الذي أصاب جمهوره جرّاء ذلك، ويسعى لاسترضاء واستنهاض حلفائه وإزالة كل عوامل الجفاء التي اصابتهم ويحاول الضغط على العهد والمسؤولين كافة لتحقيق أعلى نسبة من مطالبهم في انطلاقة المسيرة السياسية الجديدة.

ومن وجهة نظر هؤلاء السياسيين فان الصمت المطبق الذي خيم على المسؤولين ومنعهم من التعليق على العرض العسكري للحزب في «القصير» وما تبعه في الجاهلية، لا يمكن أن يتواصل في حال كرّر الحزب مثل هذه الممارسات في المستقبل، أكان بالداخل اللبناني أم خارجه، لأن هؤلاء المسؤولين سيكونون ملزمين تجاه الرأي العام اللبناني وتجاه الخارج بضرورة إبداء موقفهم سلباً أو إيجاباً، كون تكرار مثل هذه العروضات العسكرية التي تتجاوز الدستور والقوانين اللبنانية، لن تنعكس سلباً على الواقع السياسي فقط، بل ستزيد من حالة التفلت وتزيد من نقمة اللبنانيين ورفضهم تفلت السلاح غير الشرعي للحزب، أكان بهدف الترهيب أم لحسابات المصالح الإيرانية أم غيرها.