IMLebanon

هل يستفيد لبنان من «الصدمة الإيجابية»؟

هل يكون انتخابُ رئيس جديد للجمهورية خلال الاشهر الثلاثة المقبلة؟ المعطيات والاسماء التي يتمّ تداولها في بعض الاوساط السياسية تؤكد هذا الامر، وتنقل عن السفير الاميركي في بيروت ديفيد هيل أنّ إنتخاب رئيس للجمهورية قد يحصل أواخر السنة الحالية أو مطلع السنة المقبلة.

منذ دخول البلاد في الفراغ الرئاسي في 25 أيار 2014، لم يصدر عن الاميركيين أيّ كلام يوحي بإقتراب التفاهم على رئيس جديد. آثرت واشنطن الاجابة على السؤال عن الرئاسة بكلماتٍ مقتضبة جوهرها الحفاظ على الاستقرار ودعوة «اللبنانيين» للنزول الى مجلس النواب للإنتخاب.

اليوم وبعد توقيع «الاتفاق النووي» والدخول في مرحلة «إحتمالات التسوية» بين الاطراف الدولية والاقليمية، ينقل مَن يلتقون السفير الاميركي عنه أنه متفائل بحدوث خرق في هذا الشأن، وذلك إستناداً الى «المناخات السياسية الجديدة» التي أرخاها الاتفاق النووي وأدّت الى «حراك سياسي وديبلوماسي» بين طهران وعُمان والدوحة وموسكو.

هذا «الجوّ الأميركي» يتقاطع مع معلومات خرجت من طهران عقب زيارة وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، الذي حمل معه، بحسب مصادر سياسية «اربعة أسماء لبنانية، عسكريان ومدنيان هما وزيران سابقان». وفي المعلومات أيضاً أنّ القيادة الايرانية لم تدخل في الاسماء واقترحت على فابيوس «مناقشة اللبنانيين في هذا الشأن وخصوصاً المسيحيين».

المصادر السياسية تتحدّث عن «زخم دَولي متصل بلبنان من المتوقع أن يُتَرجم بعد أشهر قليلة حيث تتضح معالم المرحلة دَولياً وإقليمياً. والمراهنة على الوقت هنا من أجل إنضاج فكرة التسوية ليس في الملف اللبناني وحسب، بل في ملفات إقليمية أكثر تعقيداً وصعوبة من الملف اللبناني، ويمكن القول إنه مرتبط بها.

الطرح الفرنسي ليس جديداً، ولكنّ أهميته اليوم أنه يتزامن مع تكثيف الاتصالات السياسية الدَولية والاقليمية حول ملفات المنطقة ومنها الملف اللبناني». وإذا جرى خرقٌ ما في مكان ما، سيكون لبنان قادراً على إحداث خرق سياسي يؤدّي بدوره الى إعادة تكوين السلطة.

وفي هذا السياق تقول المصادر نفسها، إنّ «الحريرية السياسية ترتكب مع المسيحيين الخطأ نفسه الذي إرتكبته المارونية السياسية». خطأ التهميش ورفض الشراكة، وكما خسرت المارونية السياسية عند إنتهاء الحرب، وجاء «إتفاق الطائف» ليكرّس هذه الخسارة في النصّ الدستوري، كذلك سيكون الحال مع «الحريرية السياسية» التي ستكون الخاسر الأكبر في أيّ تسوية.

عدم الموافقة على إيصال الرئيس المسيحي القوي، يعني المغامرة بوصول الرئيس السنّي القوي الى رئاسة الحكومة. التسوية تعني الركون الى أسماء معتدلة ووسطية في كلّ السلطة التنفيذية. وإصرار فريق «المستقبل» على مرشَح «وسطي» سيدفع «التيار الوطني الحر» وحزب الله الى الاصرار على رئيس حكومة «وسطي».

وهذا هو مقتضى أيّ تسوية. أما بالنسبة الى العماد ميشال عون والقوى المسيحية عموماً، فتقول المصادر السياسية إن أيّ إجتماع أو مؤتمر يُجرى لإعادة تكوين السلطة، لا بدّ من أن يرضي عون والمسيحيين، وذلك من خلال إعتماد قانون إنتخاب يطمئنهم ويحسّن نسبة مشاركتهم الى النصف وفق مبدأ المناصفة».

أمام لبنان فرصة لا بدّ من اغتنامها، لأنّ الحراك السياسي والديبلوماسي القائم، لا زال يعمل وفق «الصدمة الايجابية» التي أحدثها الاتفاق النووي. لا شيءَ يؤكّد وصول هذا الحراك الى تفاهمات وتسويات تنهي معظم ملفات الاقليم، كلّ ما يجرى اليوم عبارة عن إتصالات ومشاورات لم تصل بعد الى مستوى المبادرات ولا توجد مبادرة محدَّدة للبنان.

وبالتالي لا خيارات كثيرة أمام القوى السياسية ولا بدّ من الاستفادة من هذه «الصدمة الايجابية» قبل أن «يبرد المناخ السياسي الدَولي» وتدخل واشنطن في التحضير لإنتخاباتها الرئاسية ويخسر اللبنانيون فرصة محتَمَلة.