IMLebanon

أزمة الرجال في لبنان

 

 

في ساعة تأمل بأحوالنا وأوضاعنا، شعرت والحزن يلفني أن هناك غيابا للرجال الرجال في حياتنا العامة.

 

استعرضت اسماء رجال اليوم وقارنتهم بأقرانهم من رجال الأمس، فوجدت نفسي أمام فاجعة وطنية.

 

لم أجد بين رجال اليوم أمثال أميل إده وبشارة الخوري وكميل شمعون وعبد الحميد كرامي وسامي الصلح ورياض الصلح وعبد الله اليافي وصائب سلام ورشيد كرامي وعادل عسيران وكمال جنبلاط وحبيب أبو شهلا وأحمد الأسعد ورشيد بيضون وصبري حمادة وكامل الأسعد. ان أياً من هؤلاء كان زعيماً لا في طائفته وحسب، بل معتبراً رجلاً من رجالات الوطن.

 

رجال الأمس كانوا أكثر شجاعة وحكمة، وأعمق علماً وأرفع خلقاً من رجال اليوم. كانوا مناضلين من أجل استقلال بلدهم. أما رجال اليوم، فلا قضية كبرى لهم يناضلون من أجلها، لبنانية كانت أم عربية. من هنا القلق الذي يعيشه المثقفون والخوف الذي ينتابهم من مستقبل غامض لبلدنا وسط تيارات فكرية خطرة تدعي الدينية والدين منها براء.

 

أمام هذه الصورة ما عسانا نضيف؟ جيلنا كالأجيال السابقة كان جيل تعلم وقراءة. أما جيل اليوم، فإنه جيل الآلة الصغيرة المسماة حاسوبا كما الهاتف الخليوي، خزان أرقام وألعاب، يأخذ معظم أوقات فراغ أولادنا وشبابنا وشاباتنا بحيث لا يترك لهم فسحة من الوقت للاهتمام بدروسهم والتثقف من خلال الكتب المختلفة المواضيع.

 

واقعنا اليوم أنه لا يوجد بيننا أقران لرجال الأمس. هناك نوادر منهم لا يمكن اعتبارهم مقياسا.

 

في لبنان يلفتنا قلة رجال السياسة وكثرة الرجال المسيسين التابعين لهذه الجهة او تلك، لعل هذا يعود الى غياب قضايا لبنانية وطنية أو عربية كبرى. هل هناك من بوادر تغيير جدي في هذا الشأن على الساحة اللبنانية؟ كلا، في لبنان استرخاء ملفت، لعل ذلك يعود الى فراغ الساحة من أي نضال لقضية ما.

 

ولكن كيف لنا أن نفسر ما يجري اليوم على الساحة السياسية؟ لقد كلف الرئيس سعد الحريري بتشكيل حكومة اثر استقالة حكومة الرئيس تمام سلام. ومضت اسابيع غير قليلة حتى تم له ذلك انما هو من طبيعة عمل السياسة، بئس هذه السياسة القائمة. ولا يجوز إعتبار ما حدث قاعدة لكل تأليف: ما يحدث اليوم ان هذا يصر على أن تكون وزارة الأشغال له أو من حصته، وذلك لا يقبل الا بوزارتين، احداها وزارة الصحة. ان أقل ما يقال عن هذا التصرف انهم بعملهم هذا يضعون أنفسهم، دون ادراك في موضع الشك داخل دائرة الفساد. انه لأمر محزن أن نراهم هكذا.

 

شكراً للرئيس ميشال عون الذي كسر الصمت وأعلن موقفه الحازم ضد الفساد. لقد ارتاح الناس لهذا الموقف وهي تترقب الخطوات الآيلة الى وضع القول في موضع الفعل.