IMLebanon

حراك «الاعتدال» جيد ولكن

 

 

الحراك «الرئاسي» الذي تقوم به كتلة الاعتدال النيابية جيد بالتأكيد، وهو على الأقل دليل على تحسّس أعضاء الكتلة بالمسؤولية الوطنية، في محاولة لكسر الجمود الناجم عن تعذر فك العقدة المتحكمة في هذا الاستحقاق المصيري. ولكن يبدو أن تعامل بعض القوى الفاعلة، إن لم يكن معظمها، مع هذه المبادرة الجيّدة في المطلق ينطلق من ازدواجية وباطنية واضحتين، وقد نقول من نفاق موصوف (…) ولن نُسهب في هذه النقطة. فقط ندعو النائب سجيع عطية وزملاءه في الكتلة إلى أن يواصلوا هذا الحراك، مع اقتناعنا بأنه لن يوصل الى تحقيق هدفه في المستقبل المنظور.

 

ولا شك في أننا نعرف، كما يعرف أعضاء كتلة الاعتدال، بل كما يعرف الجميع تقريباً، أن انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية عمره ما كان قراراً داخلياً فحسب، اذ ينبئنا تاريخ هذه الجمهورية، منذ الانتداب الفرنسي حتى اليوم، بأن الاصبع الخارجية حيناً والقبضة الخارجية حيناً آخر، والإغراءات المالية أحياناً (والمال مصدره خارجي) هي التي كانت الأكثر فاعلية في انتخاب الرئيس.

 

وعلى سبيل المثال ألم يكن التدخل الفرنسي هو الذي جاء بإميل إده رئيساً؟ والإنكليزي ببشارة الخوري وبكميل شمعون بعدما نام حميد فرنجية رئيساً ليستيقظ على رئاسة شمعون؟ ثم أوليس تقاطع مصالح جمال عبد الناصر مع الأميركيين هو الذي أوصل فؤاد شهاب الى الرئاسة؟ وفي زمن الوصاية السورية ألم يكن حافظ الأسد صاحب القرار؟ ثم كان لا بد من الخارج (مؤتمر الدوحة) لإنهاء الفراغ الرئاسي؟..

 

ولا يفوتنا الكلام على الدور الإسرائيلي في صنع الرئيس في العام 1982…  وفي بعض تلك الرئاسات اسهمت حقائب المال في «أقناع» نواب عديدين …

 

واليوم المسألة «على عينك يا تاجر»… من المبادرة الفرنسية بفصولها وتقلباتها، الى المبادرة الخماسية وحراك الموفَدين والاجتماعات في العواصم الإقليمية والدولية، الى اجتماعات السفراء الخمسة التي تذكرنا بأدوار قناصل الدول الستّ في الزمن العثماني، زمن القائممقاميتين والولايات. وأيضاً زمن الحمايات، إذ كانت كل مجموعة طائفية ومذهبية تلجأ الى حماية قوة أجنبية أوروبية عموماً، فالدور الأميركي كان مغيّباً في الشرق الأوسط ولم يبدأ في الحضور إلّا بعد حرب السويس في خمسينات القرن الماضي بعدما قرر عبد الناصر تأميم القناة، فأعلنت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل «الهجوم الثلاثي» على مصر، وكان أن تدخلت الولايات المتحدة وأنذرت الدول الثلاث فتوقف الهجوم وبدأ دور واشنطن، الى أن تمكنت من إنهاء الأدوار الأخرى وسيطرت مكانها على الشرق الأوسط، باستثناءات قليلة حالفت الاتحاد السوفياتي في زمن «الحرب الباردة».  ومن أسف شديد أن عقدة الأجنبي لا تزال مستحكمة، وهي التي ستقرر مَن سيكون رئيساً لجمهوريتنا البائسة.