IMLebanon

حركة ناطوري كارتا لم تولد من رحم الصهيونية

 

 

إنّ حركة ناطوري كارتا هي حركة يهودية حريدية، ترفض الصهيونية بكلّ أشكالها وتعارض وجود دولة إسرائيل. تعداد أعضائها يقارب الـــ 5000 ويتواجدون في القدس ولندن ونيويورك. هي جماعة دينية يهودية تعارض الصهيونية وتنادي بإنهاء سلمي للكيان الإسرائيلي وإعادة الأرض إلى أصحابها الأصليين الفلسطينيين. ناطوري كارتا تعني باللغة الآرامية حارس المدينة، وهي حركة دينية يهودية مناهضة للصهيونية، ولا تعترف بدولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتعتبر أن قيام دولة لليهود لا يكون بسلب شعب آخر أرضه ولا يكون إلّا بإذن من الرب، وذلك بعد أن يرجع اليهود إلى تطبيق شريعتهم التي عاقبهم الرب لمخالفتها وتشتتهم بين الأمصار وبين شعوب الأرض بسبب تضييعها. كانت جماعة ناطوري كارتا جزءاً من حزب أغودات يسرائيل الذي أنشئ في بداية القرن العشرين لمواجهة الصهيونية ولكن بعد عام 1917 الذي أصدرت فيه الحكومة البريطانية وعد بلفور، وأعلنت إقامة حكم الإنتداب البريطاني في فلسطين عقب هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، دعم الحزب هجرة اليهود من أوروبا إلى فلسطين ولكنه مع ذلك رفض إقامة دولة يهودية. كما أجرى ممثلون عن اغودات يسرائيل مفاوضات مع المجلس المالي اليهودي التابع للقيادة الصهيونية لتشكيل حاخامية موحّدة في فلسطين وإجراء مفاوضات أخرى مع الأحزاب الصهيونية لتنسيق العمل والتعاون فيما بينهم. فانشقّ جزء من الحزب عنه عام 1935 جرّاء تقاربه مع الحركة الصهيونية، لينشئوا فيما بعد حركة ناطوري كارتا. بدأت جماعة ناطوري كارتا تستخدم هذا الإسم أول مرة عام 1938 كتعريف بها بين الأوساط العالمية. تأسست الجماعة في القدس على يد الحاخام امرام بلاو، بعد حصولهم على قرار الفصل عن الأحياء الصهيونية في القدس من قبل حكومة الانتداب البريطانية. وتولى بلاو قيادة الجماعة منذ إنشائها حتى وفاته عام 1974، وسعى مع جماعته إلى تأكيد إنكار صلاحية اسرائيل دولة قومية يهودية، كما رفضت الجماعة اعتبار الصهيونية الوكيل المزعوم لمصالح اليهود حول العالم. شجبت حركة ناطوري كارتا منذ تأسيسها القبول الدولي بإنشاء دولة إسرائيل عام 1948، والوضع الذي أفضى إليه ذلك من ممارسات تعسّفية ضد الشعب الفلسطيني بشقّيه: المسلم والمسيحي. يعيش 5 آلاف يهودي من جماعة ناطوري كارتا في حي مئة شعاريم وسط القدس، وبسبب معارضتهم للصهيونية فإنهم يتعرضون للملاحقات المستمرة على أيدي السلطات الإسرائيلية. يعتمد فكر ناطوري كارتا بشكل أساسي على الأدب الحاخامي الذي ينص على أن اليهود طردوا من أرض إسرائيل بسبب خطاياهم. تعتمد ناطوري كارتا على عدد من المبادئ التي استنبطتها من تفسيرات الحاخام موشيه تيتلبوم، وعُدّ الكتاب المكوّن من عدة أجزاء من أمّهات الكتب المفسّرة للتوراة وترجع إليه طائفة اليهود الأرثوذكس بشكل كبير ومنهم أعضاء جماعة ناطوري كارتا. تناول الكتاب فكرة العلم والمسبق للقادة الصهاينة في فلسطين وأوروبا وأميركا بالحل النهائي، وقد اختار التعجيل بحدوثه مستفيدين من الحالة السائدة أعقاب الهولوكوست ويعتقد الحاخام تيتلبوم أن الصهاينة المتعجلين بهذه الخطة كانوا في نهاية المطاف أكثر شداً من قوات هتلر نفسها، لأنهم يخفون كراهية اليهود ويظهرون الإهتمام برفاهيتهم. ترى جماعة ناطوري كارتا ان الأرض المقدسة منحت لليهود ليسكنوا فيها شرط إقامة الشرائع التوراتية ولكن إخلالهم بذلك الشرط سحب منهم الحق في الأرض المقدسة وفرض عليهم الشتات بين شعوب العالم. وترى جماعة ناطوري كارتا أن ادّعاء الصهيونية أنها مقدمة للخلاص ليس سوى إنكار لثوابت الدين اليهودي والحاد به. وتنفي أن يكون الخلاص بواسطة وكلاء غير ملتزمين بالدين اليهودي، لهذا يرفض أعضاء حركة ناطوري كارتا الفكر الصهيوني وزعمائه، ويعدّونهم وكلاء غير واعين بالخلاص الإلهي كما يرون أن الديمقراطية صالحة لكل المجتمعات السياسية غير اليهودية ومرفوضة تماماً عند اليهود، لأن عليهم اتباع قوانين التوراة فقط. تنطلق جماعة ناطوري كارتا في كل مشاركاتها وأنشطتها الإقليمية من شعار اليهودية لا تساوي الصهيونية وتؤكد أن دعم الشخص اليهودي للصهيونية يجرّده من يهوديته، وتستمر في مواقفها الحادّة ضد الصهيونية والدولة التي أنجبتها على أرض فلسطين المحتلة. في عام 1924 أجرت الحركات المناهضة للصهيونية اتصالات مع عدد من الزعماء والسياسيين لدولة بريطانيا العظمى للضغط بهدف إلغاء وعد بلفور. وقد اغتيل المبعوث يعقوب داهان في القدس، عندما شعر الصهاينة بخطر تحركات الجماعات المناهضة للصهيونية. غداة إعلان قيام دولة الكيان الصهيوني عام 1948 أرسل الحاخام هيرش رسالة إلى الأمم المتحدة تتضمن رفض جماعة ناطوري كارتا قيام دولة الكيان الإسرائيلي، ودعت ناطوري كارتا إلى تدويل القدس لكي لا تخضع لحكم إسرائيل بل طلبت من الأمين العام للأمم المتحدة جعل حيّ مئة شعاريم إمارة مستقلة عن الدولة الجديدة. وكان لناطوري كارتا عضو مراقب في هيئة الأمم المتحدة، وهو ما جعلها تسهم بدور فعّال أثناء مناقشة قرار الأمم المتحدة رقم 3379 عام 1975، الذي اعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية. وفي عام 1992 حضر قادة من ناطوري كارتا مؤتمر أيلول 1992، وقالوا أن الشعب اليهودي مكلّف بالقسم الإلهي بعدم السعي للإستغلال والتخلص من نير المنفى الذي فرض عليه. كما أكد البيان أن الصهاينة تمرّدوا على هذا المرسوم الإلهي باحتلالهم فلسطين وإقامة دولتهم عليها، وبهذا الإحتلال استحقوا العقاب الإلهي المنصوص عليه في التلمود. تُعدّ جماعة ناطوري كارتا مناضلة من أجل أن لا تقام دولة يهودية على التراب الفلسطيني. وتحارب دخول الفكر الصهيوني على أبناء الديانة اليهودية. ويصلي أعضاء حركة ناطوري كارتا يومياً لأجل التفكك السلمي والسريع لدولة الكيان الإسرائيلي. ويرون فيما يسمّى عيد الإستقلال الإسرائيلي ذكرى تأسيس الكيان الإسرائيلي يوم حداد ويصومون فيه ويتوجهون إلى الله بالدعوة لإزالة الدولة الصهيونية. كما يعمد أعضاء حركة ناطوري كارتا إلى إحراق الأعلام الإسرائيلية ويرفعون العلم الفلسطيني.