IMLebanon

“إفتح يا سمسم”  

 

 

كل شيء في تصريحات المسؤولين اللبنانيين رائع وعظيم ومبشر بمستقبل الورد والرياحين. وسعادة المتربعين على رأس الهرم والكومبارس المحيط بهم لا يمكن وصفها. فالذهب الأسود الكامن منذ ملايين السنين في حوض مياهنا الإقليمية كان ينتظر هذا العهد القوي ليحتكر مجد اكتشافه وإستخراجه.

 

كيف لا؟ فلولا هذا العهد لما كنا لنعيش ونغرق في نعيم النفط. وبانتظار استخراجه لا لزوم للتفكير. فاليوم خمر وغداً أمر. ما علينا الا ان نستمتع بهذه النشوة، فلا نشغل بالنا بالأزمة الاقتصادية، التي لا دخل للعهد القوي فيها من قريب أو بعيد. ويكفي لمواجهتها اتهام الحريرية السياسية بتداعياتها مع معزوفة الثلاثين عاماً التي يجب ان نقتنع بها، ونكررها ببغائياً باللغة ذاتها التي كان يتشدق بها طرابين حبق الوصاية السورية ونظامها الأمني، ونرمي كرة الاتهامات والفساد عليها وعلى من لف لفها، ونتسامح مع ما يرتكبه غيرها من بدائع النهب الممنهج في ملف الكهرباء مثلاً.

 

والأهم أن ندعو فطاحل البنك الدولي الذين لا هم لهم الا إحباطنا وتهديدنا، الى أن يتعلموا من سياسيينا الذين تحولوا الى خبراء إقتصاديين، معلنين رفضهم الخضوع للأدوات الإستكبارية في العلاج، وإن تنازلوا وقبلوا من هذا الصندوق تقديم الاستشارات. لكن لا شيء أكثر من ذلك يمكن السماح به. وكما كرَّت الإنتصارات الإلهية بمواجهة الصهاينة والتطرف، لا بد أن تستكمل بانتصار إلهي جديد مع عزل اقتصادنا المنهار، وصولاً الى عزلته عن النظام المالي الدولي.

 

ومهما حصل على أرض الواقع، علينا أن نصدق هذا العهد المصر على إنجازات دفترية الى ما شاء الله. وأن نتعامى عن هواجسنا الوجودية التي تبدأ وتنتهي مع مصادرة السيادة وصولاً الى وقوع لبنان، سياسياً واقتصادياً وأمنياً وصحياً في القبضة الإيرانية، التي لا يسمح رأس الهرم بالتطرق اليها، ما دام سبب وجوده مرتبطاً بها.

 

لنلتفت الى الأهم، ونتابع بأريحية عملية التنظيف الهادفة الى محو آثار كل من توهم أن بقدرته المشاركة في السلطة وفق تسوية انتهت مدة صلاحيتها. وفي الأمر حكمة، خصوصاً لأن العمل بعد التنظيف هو غيره مع الفوضى التي كانت سائدة مع موروثات المرحلة السابقة على مبدأ “كُلْ وأَطْعِمْ”. فالمطلوب في هذه المرحلة المصيرية تغيير المعادلات المهترئة لنثبت على قاعدة “من بعد حماري ما ينبت حشيش”.

 

والتعيينات الإدارية والتشكيلات القضائية خير دليل على فعالية التنظيفات القائمة على قدم وساق، فلننتظر ونشهد “النيو محاصصة” مع “النيو ترويكا” المتمثلة بالتيار العوني و”حركة أمل” و”حزب الله”، المرشحة بعد استنفاد غايتها ان تتحول الى ثنائية مقفلة على نفسها يصعب اختراقها. فنِعَم الذهب الأسود لا تكفي لإشباع أطماع الداخل والخارج. ويجب أخذ جانب الحيطة والحذر لحمايته.

 

وبلا سوء نية تدفعنا الى الإفتراض أن “حاميها حراميها”، فلنبق “عالوعد يا كمون” مؤمنين بقدرة العهد القوي الذي يملك وحده دون غيره إمتياز الدخول الى “مغارة علي بابا” لإستئثاره بعبارة “افتح يا سمسم” ليغدق علينا من خيراته، إذا بقي منها شيء خارج الإنجازات الدفترية.