IMLebanon

تفاؤل

يطل علينا الأسبوع الثالث من تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة العهد الأولى بموجب تفاؤل واسعة، تكاد تشمل كل القوى السياسية نسبياً بإمكان أن تشهد نيابته ولادة لهذه الحكومة تكون طبيعية ومقبولة من الجميع، كونها جامعة تتمثل فيها كل القوى السياسية من دون أي استثناء تنفيذاً للوعد الذي أطلقه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سواء في خطاب القسم أو في الخطاب الجماهيري الذي اقامه في قصر بعبدا أو في قصر الشعب كما يحب هو تسميته إحياءً لذكرى نفيه إلى باريس بناءً لطلب الحكومة السورية التي كانت ممسكة يومذاك بكل تفاصيل الدولة اللبنانية وتبعاً لذلك بكل القيادات اللبنانية.

أول غيث التفاؤل بقرب موعد ولادة الحكومة نقله زوّار عين التينة عن سيّد القصر الرئيس نبيه برّي الذي كان استقبل الرئيس المكلف وأجرى معه جولة من المشاورات لتفكيك العقد التي تعترض سير عملية تأليف الحكومة ومنها احتفاظ الطائفة الشيعية بوزارة المالية حتى تشارك في التوقيع على المراسيم التي تصدر عن رئاسة الجمهورية، وعقدة حصول حزب القوات اللبنانية على حقيبة سيادية الناجمة على اعتراض حزب الله كما يشاع في مختلف وسائل الاعلام وبين الأوساط السياسية المعنية وغير المعنية بتشكيل الحكومة العتيدة.

التفاؤل الذي نقله زوار عين التينة يدل على أن عقدة وزارة المالية قد حلت لمصلحة بقائها في يد الطائفة الشيعية، وهذا أقصى ما يبتغيه حزب الله وحليفه الرئيس برّي من الحكومة الجديدة، فضلاً عن تمثيل باقي حلفاء الحزب من قوى 8 آذار وفي مقدمهم تيّار المردة، والأمير طلال أرسلان، كما يدل على ان عقد تمثيل القوات بوزارة سيادية قد حلت أيضاً علماً بأنها لم تكن موجودة في الأساس كما تقول أوساط الحزب، وكل ما في الأمر أن الحزب اعترض على تمسك برّي بوزارة المالية استناداً إلى محاضر اتفاق القاهرة، علماً بأن هذه المحاضر أكدت على المداورة بالنسبة الى الوزارات السيادية الأربع الداخلية والخارجية والدفاع والمالية بحكم أن وزراءها هم أعضاء حكماً في مجلس الدفاع الأعلى ولذلك أعطوا اسم السيادية، ما يعني بالقلم العريض ان لا عقبات تحول دون ولادة الحكومة قبل الثاني والعشرين من الشهر الجاري موعد الاحتفال الضخم بعيد الاستقلال، الا إذا كان لا يزال هناك عقد مخفية لم يعلن عنها، كاستمرار فيتو حزب الله على إعطاء القوات أية حقيبة خدماتية أو لها طابع أمني كوزارة الاتصالات مثلاً علماً بأن القوات ليست في صدد التمسك بالاتصالات لأسباب أخرى ليس لها أية علاقة بالأمن، وعندها يصبح من الصعب على الرئيس المكلف أن يُطلق عجلة التأليف قبل عيد الاستقلال، وربما تأخر الأمر بضعة أسابيع أخرى وربما أشهراً، غير أن زيارته غير المحسوبة أمس إلى قصر بعبدا واجتماعه إلى الرئيس العماد عون تحمل فيها جرعة كبيرة من الأمل بأن معظم العقد قد ذللت وحان أوان إسقاط الأسماء على الحقائب الوزارية، وهنا يأتي دور رئيس الجمهورية الذي يفضل أن تشهد البلاد في أول انطلاقة عهده، حكومة منسجمة تشكّل فريق عمل واحداً، يوحي بالثقة المفقودة ويطلق عجلة لملمة الوضع الداخلي المهترئ نتيجة سنتين ونصف من التشكيل والتعطيل، لا أن يشهد انطلاقة حكومة الأفرقاء المتخاصمين.