IMLebanon

فائض الخسائر… وخراب بيوت

 

اليوم الخامس من الشهر السادس على «حرب غزة»، والرابع من الشهر السادس على «حرب المشاغلة» من جنوب لبنان، من يجرؤ على مواجهة الأرقام الكارثية، بشكلٍ مباشر من جنوب لبنان، وبشكلٍ غير مباشر في كل لبنان؟

 

الجواب، حتى الآن، أنّ الجميع «يمرّون قرب الأرقام» لكن لا أحد لديه القدرة على مقاربة مضاعفاتها. الخسائر التي كانت تقع من جراء الحروب في لبنان، كانت الاتفاقات التي تعقبها، تلحظ كيفية إعادة الإعمار:

 

إثر «حرب السنتين» التي امتدت من نيسان 1975 إلى تشرين 1976، لحظت قمّتا الرياض والقاهرة مساعدات مالية للبنان لإعادة إعمار ما تهدَّم. بعد الإجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، جاءت المساعدات لإعادة الإعمار من الدول الخليجية كما من بعض الدول الأوروبية. عند توقيع اتفاق الطائف عام 1989، أعلنت اللجنة الثلاثية العليا، المؤلفة من المملكة العربية السعودية والجزائر والمغرب، عن مساعدة للبنان بقيمة ثلاثة مليارات دولار، لإعادة الإعمار. إثر حرب تموز 2006، تولَّت دول خليجية المساهمة في إعادة الإعمار ولا سيما الضاحية الجنوبية لبيروت ومدن وبلدات وقرى لبنانية، وتولَّت قطر الجزء الأكبر من المساهمة المالية، وامتلأت لوحات الإعلانات من الضاحية إلى الجنوب بشعار «شكراً قطر».

 

في كل الحروب الآنفة الذِكر، كان هناك الكثير من الدول في حال تعاطف مع لبنان، وكانت ترجمة هذا التعاطف في المليارات التي أُرسِلت إلى الحكومات اللبنانية المتعاقبة. اليوم يُطرَح السؤال التالي: مَن سيتولى من الدول والمنظمات الدولية إعادة الإعمار في لبنان، بعد انتهاء حرب غزة وحرب المشاغلة من جنوب لبنان؟ الجواب حتى اليوم يعتريه الكثير من الغموض، فهذه الحرب، هذه المرة، لم تحظَ بأي تأييد عربي، ولا سيما من الدول التي اعتادت على تقديم المساعدات للبنان وبالتأكيد عبر تأييد دولي.

 

انطلاقاً من هذه المعطيات والأجواء، هل يمكن القول هذه المرة: لا أموال خارجية لإعادة الإعمار؟ السؤال جدّي، فالدول التي سبق أن تعاطفت مع لبنان، منذ قمتَي الرياض والقاهرة، وصولاً إلى «شكراً قطر»، لا تبدي هذه المرة رغبةً في المساعدة، عدم الرغبة يزيد من تأثيرها السلبي أن الخسائر تزداد كل يوم، وبوتيرة باهظة خصوصاً مع استخدام اسرائيل نوعية جديدة من الأسلحة التدميرية، وهذا ما يبدو واضحاً للعيان بعد كل عملية قصف حيث يبدو الدمار شاملاً، وهناك شوارع بكاملها، في المدن والبلدات والقرى، بحاجةٍ إلى إعادة إعمار.

 

في غياب أي احتمال لتقديم مساعدات من الدول الآنفة الذِكر، هل تتولَّى الجمهورية الإسلامية الإيرانية هذه المهمة؟ تتقاطع المعلومات عن أنّ «حزب الله» يجري مسحاً شاملاً شبه يومي للخسائر التي تقع، ويُعدّ تقارير بهذه الخسائر، معززة بالصور، فهل هذه التقارير هي تمهيد لطلب المساعدة من إيران بعدما استشعر أن لا حماسة لدى الدول التي اعتادت على تقديم المساعدات، لتقديمها؟ إذا لم تُقدِم إيران على هذه الخطوة، فإنّ الجنوبيين خصوصاً واللبنانيين عموماً، سيُصابون بأكثر من إحباط، ومنهم مَن يسأل: كيف يكون قرار الحرب والسلم في جنوب لبنان، في إيران، وعند إعادة الإعمار لا يُعرف أين هو القرار؟

 

أكثر من ذلك، إذا أقدمت إيران على قرار تقديم المساعدات، فهل مسموح للبنان أن يوافق على قبولها في ظل التحفظات الغربية على الجمهورية الإسلامية؟

 

لبنان في مأزق، لا هو قادر على طلب المساعدة من أحد، وربما هو غير قادر على قبول المساعدة من إيران، إذا وافقت على تقديمها له.