IMLebanon

حملة أشْطُف

 

 

في الشهر الماضي رفض ملك الأردن عبد الله الثاني بن الحسين ( 57 عاماً) مشروعاً لتعديل قانون التقاعد المدني الذي يمنح برلمانيي بلاده رواتب تقاعدية مدى الحياة. وسطّر الملك رسالة وجهها إلى رئيس وزرائه عبد الله النسور هذه زبدتها: “لقد قررنا استناداً إلى الصلاحيات المخولة إلينا بموجب الدستور رد مشروع القانون وعدم التصديق عليه”.

 

إستلهم العاهل الأردني قراره من اعتبارين:

 

الأول: النقمة الشعبية المتزايدة في الأردن ووجوب احتوائها.

 

الثاني: إيمانه العميق بأهمية شطف الدرج من فوق.

 

تقابل الإعتبارين مفارقتان:

 

المفارقة الأولى: واحدة من الخطوات المهمة التي أقدم عليها الملك الأردني قبل سنوات أنه ألغى مخصصاته الشهرية، وهو بالتالي لا يتقاضى أي راتب من الموازنة العامة.

 

المفارقة الثانية: أن “الشطف من فوق”، كشعار لبناني، يستحيل تطبيقه في لبنان لكنه يصلح كموضوع إنشاء يتبارى فيه النواب المتفوقون في الكتل النيابية.

 

وبخلاف المطروح أردنياً فقد جاء الخفض الذي طاول الرواتب التقاعدية للنواب والرؤساء السابقين في موازنة العام 2019 محدوداً خصوصاً لمن أمضى ثلاث دورات في الندوة البرلمانية.

 

أما المسّ برواتب الحاليين، نواباً ووزراء ورؤساء حاليين، فهو أمر يُقارب المحرمات وكان سبق للنائبة بولا يعقوبيان أن تقدمت باقتراح يقضي بحسم 50% على مخصصات النواب، فاغتيل الاقتراح في ساحة البرلمان وهو يهم بصعود الدرج وأهيل التراب فوق جثته.

 

ربّ قائل، ما تأثير أي تخفيض لمخصصات الحاليين والسابقين وعوائل المتوفين، على تحسين عجز الموازنة، علماً أن مجموع ما تدفعه الخزينة لهم هو بحدود الـ 107 مليارات و700 مليون ليرة و”الله لا يفقر حدا؟”.

 

وربّ مجيب يقول: بما أنكم نذرتم أنفسكم لخدمة الناس بالغالي والنفيس مما تملكون، وبينكم ما لا يقل عن 40 نائباً ووزيراً من أصحاب الملايين، فتابعوا النذر إلى الآخر.أضيئوا شمعة. ضعوا بحصة تحت الخابية. تبرعوا بثمن مكنسة وشاركونا في حملة “أشطف”. صحيح أن راتب النائب، من دون ما يكون لاقط مصلحة “لا يكفي ثمن قهوة ودخان” على حد قول النائب السابق نجاح واكيم، فكيف إذا كان من أصحاب الواجبات مثل منصور غانم البون ؟

 

وليستنر، من شاء، ومن بيده الإمرة والمجذاف والحق والحقيقة المطلقة، بخطوة العاهل الأردني، إذاك تحدث الصدمة المرجوة ويعود الدولار إلى حدود الليرتين و35 قرشاً كما كان في زمن جورجينا رزق.