IMLebanon

أوقفوا الموت المجاني

 

هذا المقال اليوم، كان يجب أن يُكتَب بالصور:

صور السيارات المحطَّمة على الطرقات، من جراء حوادث السير، وصور سيارات الإسعاف تنقل الجرحى والمتوفين إلى المستشفيات، من جراء هذه الحوادث، ولكن بإمكان القارئ أن يتخيَّل بسهولة ما نحن في صدده.

في كلِّ دول العالم تقع حوادث سير، لكن حجمها وخطورتها في لبنان بات يستدعي دقَّ ناقوس الخطر، والعمل على كلِّ المستويات لتفادي قدر الإمكان حجمها وويلاتها.

في أثناء الحرب اللبنانية ومآسيها، كانت تصدر إحصاءات شهرية عن عدد الضحايا الذين يسقطون بسبب أعمال القنص أو التفجيرات أو سقوط القذائف، فكان يُقال على سبيل المثال لا الحصر:

في شهر آب سقط في لبنان خمسون قتيلاً من جراء القصف والتفجيرات وأعمال القنص.

اليوم يُقال:

في شهر آب سقط في لبنان خمسون قتيلاً من جراء حوادث السير.

تخيّلوا معنا هذه المأساة:

يسقط من اللبنانيين من القتلى بحوادث السير، بمقدار ما كان يسقط منهم من جراء القصف والقنص والتفجيرات! فأيُّ انتحارٍ جماعي هذا؟

وإلى متى؟

لن نبقى في مربّع التساؤلات، بل سنطلقها صرخة مدوية في وجه الجميع من دون استثناء، لأنَّ الجميع مسؤولون ولا يصحُّ إعفاء أحد من المسؤولية:

نبدأ بجيل الشباب الذين يسقط العدد الأكبر من الضحايا منهم:

الحياة أمامكم، فلا يجب أن تدمّروها بنزوة سرعة. السرعة آفة مثلها مثل الكحول والمخدرات، فرجاءً الإبتعاد عنها.

وإلى المسؤولين نقول:

إنَّ اختبار الكحول يجب أن يكون عند الخروج من الملاهي وقبل الصعود إلى السيارات. فمَن يسقط في الإختبار يجب إرغامه على العودة إلى المنزل بالتاكسي وإبقاء سيارته في المكان حيث كان يسهر، والعودة في اليوم التالي إلى أخذها. ما لم يحصل هذا التشدد فإنَّ فلتان السرعة سيستمر.

يجب إرغام أماكن السهر على الإقفال عند الواحدة بعد منتصف الليل كحدٍّ أقصى. إنَّ السهر حتى الفجر مع الموسيقى الصاخبة، وفوق المعتاد المسموح، يُسبِّب بتدمير الأعصاب، فكيف تتم قيادة السيارة في هذه الحالة؟

يأتي دور الأهل الذين يجب أن يكونوا متشددين إلى أقصى حد مع أبنائهم من جيل الشباب:

الذهاب إلى مكان السهر والعودة منه بالتاكسي، ونقطة على السطر. هذا التشدد، على قساوته، يبقى أفضل من كسر قلوب الأهل على فلذات أكبادهم من جراء حادث سير تافه يتسبب في إنهاء الحياة، فتنقلب البسمة إلى مأساة.

يأتي دور الأجهزة المختصة:

من غير المسموح أن تكون هناك طرقات من دون إنارة ليلية، هذا موضوع غير خاضع للمساومة وللنقاش، فلتتولَّ كل بلدية الإنارة في نطاقها، فإذا لم تخصص البلديات جزءاً مما تجبيه للإنارة، فكيف تُصرف ميزانياتها وجباياتها؟

من غير المسموح ألا يتمَّ تفعيل الرادارات على الطرقات. وغرامة السرعة يجب أن تصل إلى مبلغ يكسر الظهر، هكذا ليتعلم المسرِعون أنَّ عاقبة السرعة لم تعد مزحة، لا على المستوى المادي ولا على مستوى زهق الأرواح.

ماذا عن الشاحنات؟

هنا يجب أن يكون التشدد الكبير:

مَن يقود هذه الشاحنات؟

هل يحوذون على رخص سوق ملائمة؟

ماذا عن دوام سير الشاحنات؟

ما هي الغرامات بحقهم؟

لماذا لا يتمُّ التشدد في أن يكون سير الشاحنات إلى يمين الطريق دائماً؟

ماذا عن الحمولات الزائدة؟

هذا غيضٌ من فيض، والعبرة في بدء تنفيذ الإجراءات، وإلا ستبقى إحصاءات ضحايا حوادث السير توازي إحصاءات ضحايا الحروب.