IMLebanon

هكذا فشل تصنيف «حزب الله» و«أمل» و«البعث»

مواجهة لبنانية ـ خليجية على «اللائحة الحمراء» للإرهاب

هكذا فشل تصنيف «حزب الله» و«أمل» و«البعث»

منذ خرج سمير القنطار من المعتقل، وإسرائيل تسعى إلى استهدافه. لكن محاولاتها تكثفت إثر الدور الفعال الذي لعبه في التأسيس لمقاومة سورية. عند استشهاد جهاد عماد مغنية في كانون الثاني الماضي، كان القنطار هو الهدف، لكنه لم يكن في الموكب الذي قُصِف.

في شهر آب الماضي أعلن عن تفجير عبوة ناسفة في موكبه، قبل أن يتبين أنه لم يكن في الموكب. وهكذا بعد محاولات عديدة بعضها معروف وبعضها مجهول، انتقلت إسرائيل إلى تصعيد الحرب على القنطار. فاستعانت بلوائح أميركا لتصنفه إرهابياً في أيلول الماضي، وتزيد الضغط عليه وتحاصره دولياً، قبل أن تتمكن من اغتياله، أمس.

قبل أيام، كانت «مبادرة خليجية» تطلّ من نيويورك، لا تكتفي بتصنيف «حزب الله» منظمة ارهابية، بل تدرج أيضاً حركة «أمل» و «حزب البعث» تحت هذا التصنيف. وأخطر ما في هذه المبادرة، تزامنها مع قرار السعودية إنشاء تحالف إسلامي لمحاربة الارهاب!

تصنيف أصحاب «المبادرة» لـ «حزب الله» كحزب ارهابي، يعكس الشعور الحقيقي الخليجي، والسعودي على وجه الخصوص، تجاه الحزب. وكذلك قد يقارب تصنيف «حزب البعث» كحزب إرهابي، ربطاً بعلاقته بالنظام السوري. وأما المفاجئ، فكان تصنيف حركة «أمل» كحركة إرهابية!

السؤال البديهي هنا: لماذا حركة «أمل» التي تصنف كحركة سياسية «معتدلة»؟ ليس في أدائها ما يبرر تصنيفها إرهابية، لا بل يصبّ توجّهها وخطابها، الذي يعبر عنه رئيسها نبيه بري، في منطق الوحدة والتلاقي.

أخذ بري علماً بهذه المبادرة، وقد يكون أصيب بالدهشة من مبادرة تناقض شهادات الخليجيين به وإشادتهم بمواقفه واعتداله، كما لا تنسجم مع تلقيه قبل أيام دعوة ملكية لزيارة السعودية. فما هو تفسير هذه الدعوة لرئيس حركة سياسية تعتبرها «المبادرة الخليجية» إرهابية؟ وهل هذه الحركة كانت قبل أسبوع معتدلة، والآن صارت إرهابية؟

تلك المبادرة تعبّر عن قرار أصحابها «الخليجيين» وقناعتهم، ولقد تجلّى ذلك أثناء المحاولة الفاشلة لتمرير هذا التصنيف في نيويورك خلال اجتماع «المجموعة الدولية لدعم سوريا»، والذي عقد بناء على دعوة وزير الخارجية الاميركية جون كيري.

في هذا الاجتماع، وكما تقول مصادر موثوقة، تمّ تكليف الأردن إعداد اللوائح بأسماء المنظمات الإرهابية، التي لن يكون لها مكان في الحوار الذي سيحصل لاحقاً بين النظام السوري والمعارضة السورية والتي لا يشملها وقف إطلاق النار، الذي يفترض أن يبدأ اعتباراً من بداية السنة المقبلة، وبالتالي تبقى في مرمى النار والتصفية والإنهاء، مثل «داعش» وأخواتها من المجموعات التكفيرية.

كلف الأردن الاتصال بممثلي الدول المشاركة في الاجتماع، والحصول منها على جواب حول تصنيفها للمنظمات والأحزاب. وتم اعتماد مسودة بثلاث خانات:

ـ الخانة الأولى باللون الأحمر، وتدرج فيها أسماء المنظمات الإرهابية.

ـ الخانة الثانية باللون الرمادي وتُدرَج فيها المنظمات «غير المحسوم تصنيفها» أي الخاضع تصنيفها للأخذ والرد.

ـ الخانة الثالثة باللون الأخضر، وتدرج فيها المنظمات غير المصنفة أرهابية، حتى ولو كانت مقاتلة أو ميليشيا، تقاتل في الحرب السورية.

تضيف المصادر، اتصل المندوب الأردني بممثلي الدول المشاركة في الاجتماع، وعاد الى الاجتماع الثاني بخلاصة ما انتهى إليه. وقام بتوزيع نسخ من تلك المسودة على ممثلي الدول الحاضرين، والتي تضمنت تحديداً للمنظمات «الحمراء او الرمادية او الخضراء»، وآراء الدول فيها. وحدها إيران قررت الا تشارك في التصنيف، وعدم إبداء رأي في هذه التصنيفات، على اعتبار أن المنظمات الإرهابية معروفة وليس هناك حاجة لإعادة تسميتها.

بعدما وزعت المسودات على الحضور، فوجئ وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، بأن المسودة تلحظ أسماء «حزب الله» اللبناني وحركة «أمل»، و «حزب البعث اللبناني»، وهي مدرجة تحت الخانة الحمراء. أي خانة المنظمات الإرهابية. (تشير المصادر إلى أن السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة كانت مشاركة في هذا الاجتماع، وأن واحدة من هذه الدول وتعتبر «دولة خليجية مهمة»، هي التي اقترحت تصنيف هذه الأحزاب اللبنانية بأنها منظمات إرهابية).

وهنا قدم باسيل مداخلة رفض فيها باسم لبنان فكرة النقاش بأحزاب لبنانية ممثلة بنواب في المجلس النيابي ومشاركة بوزراء في الحكومة إضافة الى انها تمثل شرحة كبيرة من الشعب اللبناني. ورأى أن ما يثير الريبة أن «من بين هذه الأحزاب الثلاثة، حركة لا يوجد اتهام أنها تقاتل في سوريا، والأهم أن رئيسها هو رئيس مجلس النواب اللبناني، فهل يمكن أن نقبل نحن النقاش بهذا الأمر او بهذا التصنيف الإرهابي؟ لذلك نحن لا نقبل بهذا الأمر، فهذه المسودة بالطرح الذي فيها يعقد الأمور ولا يسهلها، وبالتالي نحن نرفض كل هذا الموضوع. ومن هنا نحن نطالب بأن نعمل بالمعايير الصحيحة التي تصنف على أساسها المنظمات إرهابية او غير إرهابية، وليس بهذه الطريقة التي تُتّهم فيها الأحزاب خبط عشواء».

وبحسب المصادر، فإن ممثل إيران أيد موقف باسيل، إلا أن الوزير الممثل للدولة الخليجية «المهمة» ردّ على باسيل، وحصلت مشادّة بينهما، على خلفية تمسك الوزير الخليجي بتصنيف الأحزاب اللبنانية الثلاثة بالإرهابية. وقوله: «إذا أنتم تقولون إن هذه الاحزاب هي احزاب لبنانية، فاسحبوها من سوريا وامنعوها من القتال في سوريا، وعندها لن ينظر إليها أحد على انها أحزاب إرهابية».

بعد احتدام النقاش، توقف الاجتماع، ليعقد اجتماع جانبي شارك فيه ممثلو: الولايات المتحدة الاميركية، روسيا، لبنان، ووزراء الدول الخليجية الثلاثة، وتقرر أن تُسحب المسودة واعتبارها وكأنها لم تكن. وبالفعل بعد العودة الى غرفة الاجتماع الموسّع تمّ سحب المسودة من أيدي الوزراء، لكي لا تُبنى عليها التباسات. وبرأي المصادر فإن قرار سحب هذه المسودة ينطوي على أهمية بالغة تؤكد بشكل غير مباشر، بأن تصنيف الارهاب لا يشمل لا «حزب الله» ولا أي حزب لبناني آخر.