IMLebanon

طرابلس تستعد للربيع…السنونو لا تُضلّ الطريق

هل اقترب موعد انتهاء الحرب في سوريا؟ واستطراداً، هل اقترب موعد تحويل لبنان الى منصّة دولية لتنفيذ مشروع اعادة اعمار سوريا، مع ما يستتبع ذلك من سلام وبحبوحة؟ وفود البنك الدولي التي جعلت من طرابلس في الفترة الأخيرة مربط خيلها، هي مثل أسراب السنونو، لا تضلّ الطريق، وتبشّر دائماً بقدوم الربيع.

كانت الحرب مستعرة في شوارع وأزقة باب التبانة وجبل محسن، ودوي الانفجارات مسموعاً في انحاء كثيرة من مدينة طرابلس، عندما تلقى رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في الشمال توفيق دبوسي اتصالا هاتفيا، ومن ثم زيارة أبلغه فيها الزائر عن نية مسؤول كبير في البنك الدولي، زيارة عاصمة الشمال للاطلاع على أوضاعها.

في الموعد المحدّد تم اللقاء في احد مطاعم المدينة. وكانت السيارات التابعة لاجهزة امنية رسمية تملا المكان، وقد أرسلت لحماية الزائر، وهو في المناسبة لبناني يتبوأ مركزا قياديا في البنك الدولي. وقد أدرك المُضيف، عندما رأى حجم الحماية الأمنية اهمية الزائر اولا، واهمية توقيت الزيارة وأهدافها ثانياً.

واذا كانت المجالس بالامانات، فان ما فهمه المُضيف الضيف، ان البنك الدولي مهتم بدراسة الوضع في طرابلس والشمال، وان المنطقة موضع عناية خاصة، وان مهمته تكمن في رفع تقرير الى البك الدولي حول الامكانات والفرص والوضع في طرابلس.

مرّت الايام منذ تلك الزيارة، وانتهت الحرب في طرابلس على حين غرة، عندما كاد اليأس يدفع الطرابلسيين وأهل المنطقة الى فقدان الامل، وبدأت مرحلة جديدة فيها سلام وأمن، وينقصها الانماء والبحبوحة.

منذ اشهر معدودة، بدأت طرابلس تشهد حركة زيارات لوفود أجنبية اكثر من المعتاد. وكان اللافت أكثر الزيارات التي يقوم بها وفد البنك الدولي الى المدينة بشكل دوري. وقد تم احصاء اربعة زيارات حتى الان. والمهم في هذا الموضوع ان المحادثات التي يجريها الوفد انتقلت من العموميات الى العنوان الرئيسي للتحرّكن وحتى الى التفاصيل.

البنك الدولي يتحرك على اساس ان طرابلس يمكن ان تكون مع الشمال، المنصة الرئيسية لاعادة اعمار سوريا. ومن المعروف ان اعادة اعمار سوريا ستكون واحدة من اكبر عمليات اعادة الاعمار في العالم. وتكلفة هذه العملية مئات مليارات الدولارات، ولو ان لا أرقام دقيقة يمكن الاستناد اليها حتى الان.

ومن خلال المناقشات التي بدا يتطرق اليها وفد البنك الدولي، يبدو واضحا اننا صرنا امام حقيقتين ايجابيتين من حيث المبدأ:

اولا- ان البنك الدولي، بما يمثل، وهو حتما يمثل ارادة المجموعة الدولية الفاعلة، مقتنع ويعمل على اساس ان لبنان، وطرابلس بشكل خاص، هما المنصة التي سيعتمدها المجتمع الدولي في عملية اعادة اعمار سوريا.

ثانيا – ان هذه الورشة العالمية اصبحت وشيكة نسبياً، بدليل ان المحادثات والاسئلة التي تُطرح باتت تلامس التفاصيل التقنية، مثل اين سيتم تخزين مواد البناء، وكيف ستنقل، ومن هي الجهات القادرة على تنفيذ مشاريع ضخمة لتأمين المستودعات…

ماذا تعني هذه المؤشرات على الارض؟

من المعروف ان البنك الدولي لا يتحرّك من دون خارطة طريق تضعها الدول الكبرى القادرة على قراءة الاحداث قبل حصولها. ويبدو ان زيارة الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، برفقة رئيس البنك الدولي، جاءت لتتوّج المهمة الاساسية التي بدأ المجتمع الدولي يعمل عليها.

وهذا الامر ينبغي ان يشكل بارقة امل للبنانيين لأنه لا يعني ان حقبة من الازدهار الاقتصادي يمكن ان تكون على الابواب فحسب، بل يعني ايضا ان لبنان سيكون محمياً، وان ما يتردّد اليوم عن وجود مظلة دولية لابعاد لبنان عن نار الحروب المشتعلة في المنطقة هو في محله، لان القرار الدولي أن لبنان سيكون المنصة التي يستند اليها العالم للانطلاق الى مشاريع الاعمار في سوريا، وربما في العراق أيضاً.

ومن خلال المعلومات المتوفرة، يبدو ان الوقت لن يطول قبل ان تطل الشركات العالمية وفي مقدمها الشركات الاميركية، لبحث تفاصيل شراكات او مشاريع حيوية ستنفذها في المنطقة انطلاقا من إعداد الأرضية لمنصة الاعمار، وهي ورشة طويلة ستستغرق سنوات طويلة.

ومن خلال ما تسمعه الفعاليات الطرابلسية اليوم، من وفد البنك الدولي، يبدو ان المدينة ستشهد في الفترة المقبلة ورشة تأهيل على كل المستويات لكي تكون جاهزة للعب الدور الجديد المُعد لها. هذا الدور يختلف طبعاً عن دور الحروب والاضطرابات والتطرّف، وكلها أمور يقول عنها دبوسي، الذي يتابع هذا الملف بشغف وحماسة، انها كانت طارئة على المدينة وأهلها، وان الناس في عاصمة الشمال مسالمون بطبعهم، وجاهزون للتعاون من اجل الدور الجديد لمدينتهم، وهو دور يشبههم ويعبّر عن حقيقتهم.