IMLebanon

زوّار واشنطن: اي مواجهة مع حزب الله لن تكون لصالح الدولة اللبنانية

 

على وقع الحرب الاعلامية، حتى الساعة، التي تشنها كل من واشنطن وتل ابيب ضد حارة حريك، تهديدا ووعيدا ومكافآت، تزامنا مع تصاعد المواجهة الاميركية  – الايرانية على خلفية تلويح ادارة الرئيس دونالد ترامب بالخروج من الاتفاق النووي وتصنيف الحرس الثوري الايراني منظمة ارهابية، ورد الجمهورية الاسلامية بأنها سترد بقوة على اي اجراء من هذا النوع، يتحرك المشهد السياسي اللبناني ترقباً لمفاعيل تطورات الخارج وانعكاساتها عليه، ومتنقلا في الوقت الضائع بين هموم الملفات الانتخابية والاقتصادية.

وسط هذه الاجواء،وبلوغ التصعيد الاسرائيلي ضد حزب الله في الساعات الماضية، حدودا متقدمة جدا، لامست تهديداتُ تل أبيب سقفا هو الأعلى منذ سنوات مع كلام وزير الدفاع الاسرائيلي ، ينقل زوار واشنطن عن المسؤولين الاميركيين قولهم ان الحملة ضد حزب الله تأتي على خلفية التهديد القوي الذي يشكله على الامن القومي الاميركي، بعدما تحول الى قوة اقليمية تخطت الحدود اللبنانية وباتت مؤثرة حتى بالساحة العالمية، مع تعزيز قدرات جهاز عملياته الخارجي، مشيرين الى ان الخطأ الكبير الذي حصل سابقا هو التمييز والفصل بين جناحيه العسكري والسياسي، ما اعطى الحزب القدرة على النفاذ الى النظام اللبناني والتحول الى جزء منه، ما صعب من المواجهة، ذلك ان اي اجراء ضد وزرائه او نوابه سيصيب الحكومة والمجلس النيابي ككل، وسيفتح الساحة على مواجهة نتيجتها الحتمية لن تكون لمصلحة تعزيز الدولة اللبنانية ومؤسساتها، في ظل التوازنات الحاكمة حاليا للحياة السياسية اللبنانية.

وتكشف المعطيات المتوافرة ان مجلس الامن القومي والفريق الاستشاري للرئيس الاميركي دونالد ترامب وضعا بالتعاون فيما بينهما خطة متصاعدة، بالتوازي مع التصعيد على الجبهة الايرانية، ابرز معالمها توسيع بيكار الاجراءات ضد الحزب لتنضم الى الحملة دول الاتحاد الاوروبي التي سبق ان وضعت الجناح العسكري منذ عام 2013 على لائحتها للمنظمات الارهابية، كما بدأ العمل على تحضير افيغدور ليبرمان، لمسودة قرار في الجمعية العامة الامم المتحدة لادراج الحزب على قائمة الدولة الارهابية في حال فشل مجلس الامن في التوصل الى قرار بهذا الخصوص، رغم ان واشنطن باشرت اتصالات بعيدة عن الاضواء بالدول الاعضاء في المجلس.

وحول تاثير ذلك في المساعدات المقدمة للبنان، اكدت المعلومات ان الادارة الحالية تميز بين المستويين السياسي والعسكري في لبنان، حيث يبدو ان الحزب نجح في التحول الى قوة مؤثرة وضاغطة على الصعيد السياسي قادرة على التحكم بمفاصل القرار الاساسية، مشيرة في هذا الاطار الى ان بنود الصفقة الرئاسية باتت خارج التطبيق بعدما كان هناك اكثر من رسالة تطمين في فترة المفاوضات مع تراحجع بعض الاطراف عن تعهداتها.

اما عسكريا فان القيادة الجمهورية ملتزمة الاستمرار في استثمارها الامني والعسكري، في ظل الثقة التي يؤمنها وجود القيادة الحالية، وارتياح المسؤولين عن الملف اللبناني في وزارة الدفاع  الاميركية وفي مقدمتهم قائد القيادة الوسطى الاميركية المكلف الملف اللبناني، لأداء الجيش وقيادته منذ وصول العماد جوزاف عون الى اليرزة، معتبرين ان زيارات قائد الجيش للعاصمة الاميركية ولقاءات الوفود التي تزور لبنان، يتخللها نقاش شفاف وصريح حول كل القضايا الاساسية التي تهم واشنطن حاليا وتخدم مصالح البلدين.

وفي وقت ذهبت بعض التحليلات والقراءات في اشتداد الخناق الدولي حول «حزب الله» الى حد القول ان عملية انهائه بدأت بعدما كانت المهمة الاولى تفتيت «داعش»، دعت مصادر مقربة من حزب الله الى تحييد لبنان عن صراعات المنطقة والنأي به عن ازماتها، خصوصاً اننا مقبلون على استحقاق انتخابي ، مذكرة بكلام الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله الذي شدد على ذلك في اكثر من اطلالة، كما ان معظم القوى السياسية اجمعت على اهمية تحييد البلد والانكباب على معالجة الازمات الاقتصادية التي تؤرق اللبنانيين، مقللة من اهمية تأثير العقوبات والاغراءات في جمهور المقاومة المتمسك والحاضن لها اكثر من اي وقت مضى.

في انتظار ما ستحمله الايام المقبلة من تطورات متّصلة برسائل التهديد وسخونة جبهة الجنوب ، تؤكد اوساط سياسية متابعة ان التهديدات المتبادلة، على كافة الجبهات، يُتوقّع ان تبقى في اطارها الكلامي والا تنتقل الى ارض الواقع وتتحول مواجهة عسكرية. فتل أبيب تدرك جيدا ان كلفة الحرب باهظة بشريا واقتصاديا وعسكريا. فضلا عن افتقادها الغطاء الدولي لأي حرب. ذلك ان واشنطن ،كما موسكو، غير متحمستين حاليا لفتح جبهة جديدة في المنطقة، فالاولى تنصحها بانتظار نتائج موجة التشدد الاضافي التي ستنطلق من أميركا نحو ايران وحزب الله، اقتصاديا وسياسيا وديبلوماسيا، اذ ستكون كفيلة بإضعاف ايران وتحجيم دورها ونفوذها الاقليميين، فيما الثانية تطمئنها الى ان التسويات ستبعد التهديد الايراني عن حدودها.

فهل تسكت ايران عن التضييق الاميركي عليها والتهميش الروسي لها؟ ام تقتنع اسرائيل بالنصائح الدولية وتؤدي الدور نفسه الذي أدته خلال حرب الخليج الاولى؟ وماذا عن المظلة الدولية الحامية للاستقرار في لبنان في حال اخل اللاعبون الاقليميون بقواعد اللعبة؟ ام هي نذير بداية نهاية الحرب السورية؟