IMLebanon

ماذا يُخبِّئ أمين عام الأمم المتحدة لنساء العالم؟

يتّجه العالم بخطوات واثقة نحو تغيير وضع النساء وبالتالي وجه المجتمعات. انتقالُ المرأة من مسؤولة عن أعمال المنزل إلى ميدان العمل منذ انتهاء الحرب الأولى شكّل بداية التغيير، الذي لن يكتمل بوصولها إلى مراكز القرار. فتحقيق المساواة بين الجنسين يمرّ بطريق طويلة يعبرها العالم بخطوات بطيئة.

مبادرة جديدة في اتجاه تحقيق المساواة، تمثّلت بإعلان الأمين العام للأمن المتحدة أنطونيو غوتيريس في فيديو عبر تويتر، عن استراتيجية المساواة بين الجنسين في الأمم المتحدة، حيث يؤكد: «يمكننا، ويجب أن نبلغ المناصفة 50/50».

غوتيريس

يشدّد الأمين العام في كلمته على أنّ «المساواة بين الجنسين في الأمم المتحدة هي حاجة ملحّة وأولوية شخصية، وواجب أخلاقي وضرورة تشغيلية». ويشير إلى أنّ «اندماج النساء المجدي في عملية صنع القرار يزيد الفعالية، والإنتاجية ويطرح وجهات نظر جديدة، وحلولاً على الطاولة ويفتح البابَ لمصادر أكبر من الطاقات في إطار عملنا».

ويرى غوتيريس أنّ تحقيق المساواة الجندرية في الأمم المتحدة يأتي متأخراً. وعن الأهداف يقول: «يجب أن نحقق المساواة في المراكز العليا والوظائف رفيعة المستوى بحلول العام 2021، وفي المجلس بحلول العام 2028». ويؤكّد: «منذ كانون الثاني شغلت النساء أكثر من نصف التعيينات التي قمت بها في الإدارة العليا، فقد عيّنتُ 17 سيدة و15 رجلاً حتّى الآن، دافعاً بالوضع عدّة خطوات إلى الأمام نحو المساواة».

ويلفت إلى أنّ «التغيير المطلوب ليس فقط بالتوظيف والمنظومة وقوانين الموظفين بل بتغيير تصرّفاتنا ومقاربتنا للأمور. يجب أن نكون القدوة للآخرين مع إجراء تحوّل ثقافي ينقلنا إلى محيط عمل يضمن المساواة والتنوّع ويسمح لنا بالاستفادة من قدرات جميع موظفينا».

الهوّة الكبرى

يُذكر أنّ النساء يعانين التمييز في أماكن العمل في شتّى أنحاء العالم لناحية الراتب والرُّتب. وبينما ستنتظر النساء بلوغهن المساواة في الأمم المتحدة حتّى العام 2021 أقله، ربّما سينتظرن لأكثر من 170 عاماً لتحقيق المساواة في مهنهنّ من حول العالم.

توقعت دراسة صادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2016 تحقق المساواة الاقتصادية بين الرجال والنساء عام 2186، أي بعد حوالى 170 عاماً. وحدها رواندا تُسجّل تقدّماً ملحوظاً في هذا المجال وَضعها في صدارة الدول التي تتساوى فيها أجورُ الرجال والنساء.

وزاد المنتدى من تقديراته بالنسبة للمساواة الاقتصادية بين الجنسين بمقدار 53 عاماً، بينما كان اعتبر أنّ تحقيق هذه المساواة سيتطلّب 118 عاماً في تقريره عام 2015.

ويعزو ذلك إلى أنّ «التقدّم في تقريب الفجوة بين الجنسين في أماكن العمل يتباطأ بدرجة كبيرة، حتّى إنّ الفجوة أصبحت الآن أكبر من أيّ وقت منذ العام 2008». ويلفت التقرير إلى أنّ النساء في أنحاء العالم يحصلن على ما يزيد قليلاً عن نصف أجور نظرائهن الرجال، على رغم أنهن يعملن لساعات أطول ومشاركتهن في سوق العمل تعادل ثلثي مشاركة الرجال.

في هوليوود

حتّى أكثر النساء شهرةً ونفوذاً في العالم يعانين التمييز بشكل صارخ. تؤكد ذلك قائمة النجوم الأعلى أجراً في هوليوود، بحسب مجلة فوربس. فقد حلّت الممثلة إيما ستون في صدارة الممثلات الأعلى أجراً في العالم للعام 2017 إذ تقاضت 26 مليون دولار، ولكنها لم تحصد سوى المرتبة 15 على القائمة المشترَكة بين الممثلين والممثلات وسبقها 14 رجلاً. وبلغ الفرق بين ما تقاضته وما جناه مارك والبرغ الأعلى أجراً بين النجوم 42 مليون دولار وقد حصد 68 مليون دولار كراتب.

في عالم السياسة

لا يزال تعيين سيدة لمنصب إداري رفيع أو وصولها إلى سدّة الحكم في بلادها أمر غير شائع على رغم التطوّر. في هذا المجال يشير المنتدى الاقتصادي في تقريره للعام 2016 إلى أنّ التمثيل السياسي للمرأة أقل من ربع التمثيل السياسي للرجل.

وجاء في التقرير أنّ «عدد النساء في المواقع الكبرى لا يزال منخفضاً. 4 دول فقط في العالم تتساوى فيها أعداد الرجال والنساء في المجالس التشريعية والمناصب العليا، على رغم أنّ عدد النساء الحاملات مستوىً جامعياً يعادل أو يفوق عدد الرجال في 95 بلداً.

نماذج مضيئة

لكن على رغم تقييد النساء بالموروثات الثقافية عبر العصور، وتحجيم قدراتهن وطموحاتهن إلى حدّ كبير وفي غالبية المجتمعات وحصر مهماتهن بالزواج والإنجاب خلال قرون خلت، ها هن يسجّلن التغييرات ولو بشكل بطيء. وها هي امرأة جديدة تستعدّ لاستلام زمام الحكم. فقد وصلت حليمة يعقوب إلى سدّة الرئاسة في سنغافورة لتكون أوّل امرأة تتبوّأ هذا المنصب في بلادها، بعد أن كانت رئيسة سابقة للبرلمان لأكثر من 3 سنوات.

من بين 193 دولة تتربّع 21 امرأة على عروش بلادهنّ كرئيسات للجمهورية أو لمجلس الوزراء، ويشكّلن قدوةً لمَن يسعين إلى كسر السقف الزجاجي والتحكّم بمصير دولهن، ونذكر من بينهن: المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، الرئيسة الكرواتية كوليندا غرابار كيتاروفيتش، رئيسة ليتوانيا داليا غريبا وسكايتي، رئيسة مالطا ماري لويز كوليرو بريكا، الرئيسة التايوانية تساي إنج-وين، رئيسة النيبال بيديا ديفي بنداري وهي أوّل امرأة تفوز بهذا المنصب في بلادها، رئيسة مجلس الوزراء في بنغلاديش شيخة حسينة واجد…

صحيح أنّ الأرقام تُبرز عدداً محدوداً من النساء على الساحة السياسية العالمية، ولكن تحمل الأيام المقبلة أملاً باختراق النساء أكثر فأكثر للميدان السياسي، خصوصاً أنّ السنوات القليلة الماضية شهدَت تبَوُّءَ المزيد من النساء المناصبَ الأرفع في بلدانهنّ للمرّة الأولى.