IMLebanon

عندما لا يختار المسيحيّون رئيسهم؟!

من دون شكّ يمرّ جمهور 14 آذار في أيّام عصيبة، وهذا الجمهور خليط من اللبنانيين المسيحيّين والمسلمين السُنّة والدروز الذين حرصوا على الوفاء لثورة الأرز عندما انقلب عليها وليد جنبلاط، كُلّنا اليوم تحت وطأة الصدمة، وإن قلتُ غير هذا سأكون من الكاذبين، بل أصارح القارىء بأكثر من هذا مرّت عليّ بالأمس لحظات لم يخطر لي في أسوأ «المصالح» التي تدفع أي سياسي لتقديم مصلحته على مصلحة الوطن، في أسوأ هذه الكوابيس لم يخطر لي مرّة أن يكون «سليمان الزغير» رئيساً للجمهوريّة اللبنانيّة!!

بشفافيّة أقول؛ في هذه اللحظة المصيريّة من حياة لبنان وشعبه، سيبقى بالنسبة لي «لبنان أوّلاً وأخيراً» وبعيداً عن كلّ الانتماءات الحزبية والتياراتيّة، في هذه اللحظة المصيريّة لن أكذب على نفسي ولا على القارئ، لذا يُـملي عليّ ضميري وواجبي المهني أن أقول ما لا بُدّ من قوله.

من الآخر.. هذه المقايضة الخاسرة التي يجري الحديث عنها ليس دقيقاً وصفها بأنّها مقايضة بين 8 آذار وبين 14 آذار، هي على وجه الدقّة مقايضة بين «خيي بشّار الأسد» فهذا الخيار قد يضغط على حزب الله ليتخلّى عن ترشيحه للنائب ميشال عون، مع أنّ رسالة بشّارالأسد جاءت سريعة وواضحة فحلّ سفيره علي عبد الكريم ضيفاً على الرّابية، ناقلاً تطميناً لحليفه ميشال عون بالاستمرار في دعم ترشيحه، هذا على «مَيْلَة» 8 آذار، أما من «مَيْلَة» فريق 14 آذار فهذه «صفقة» بين تيار المستقبل منفرداً متخلّياً عن أخلص حلفائه في كلّ أوقات الشدّة التي مرّ بها!!

اللّعب على وَتَرِ «إنقاذ لبنان والدولة» صار مادّة ثقيلة على قلب اللبنانيين، خصوصاً أنّ التجارب السابقة في التعطيل أثبتت أنّ سياسة التعطيل وشلّ البلاد والمؤسسات لن تقضي لا على الدولة ولا على مؤسساتها، لذا كلّ كلام عن «الإنقاذ وتجاوز المأزق الخطير بتعطيل وشلّ الحياة السياسية في لبنان، والتراجع الخطير في الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية والتداعيات الخطيرة سياسيّاً وأمنياً ووطنياً»، هو كلام «تهويليّ» لا أكثر ولا أقلّ، تماماً مثل الحديث عن ضرورة «إنهاء الشغور الرئاسي» الذي قفز بسليمان فرنجية كمشروع رئيس للجمهوريّة، هو أيضاً غير قابلٍ للصرف عند اللبنانيين الذين عايشوا حرباً أهلية استمرّت أكثر من خمسة عشر عاماً كانت فيها دولتهم في أوهى أحوالها، ومع هذا استمرت ودارت عجلتها، وعاش اللبنانيّون برغم انقسام وطنهم ولم يغادروا يوماً أرض مشروع الدولة.

والحديث عن حفظ «الميثاقيّة واتفاق الطائف» يحتاج إلى كثير من الصدق قولاً وفعلاً في الأداء والممارسة، فالميثاقيّة تقتضي أن لا يُسقط النائب سليمان فرنجية الذي لا تتجاوز كتلته النوّاب الأربعة بـ»الباراشوت» على المسيحيين اللبنانيين، ولا على المسلمين اللبنانيين أيضاً الذي هدموا جدار الخوف وخرجوا يهتفون على مرأى من شاشات العالم منادين بطرد المحتلّ السوري بعد ثلاثين عاماً من قبضه على لبنان وشعبه، ما هكذا يُكافىء هؤلاء!! أبداً نضال السنوات العشر الماضية، ودماء كلّ الشهداء الذين سقطوا على طريق المناداة بلجنة تحقيق دولية ومحكمة دوليّة ثمّ تحملهم لكلّ ما فعله حزب الله بدءاً من محاصرة السراي الحكومي انتهاء بـ 7 أيار وشهدائه ورايات وصور الخامنئي التي ارتفعت في بيروت، لا يُكافىء هؤلاء بعد كلّ هذا الصبر  بـ»صفقة» غامضة تأتي بسليمان فرنجيّة رئيساً، ومن المخجل الحديث عن «ضمانات» يُراد لنا أن نصدّقها ونحن جرّبنا هؤلاء عشرات المرات وخبرنا كيف ينقلبون على كلّ ما يقدّمون عليه العهود والمواثيق!! لبنان واللبنانيون يستحقّون رئيساً يحترمونه حتى يحترمه العالم معهم، هنا أجد لزاماً أن أقول «يا محلى إميل لحود»!!

لا.. سليمان فرنجيّة لا.. وألف لا.. هذا ليس إنقاذٌ للبنان واللبنانيين، هذا هدرٌ لدماء الشهداء وكرامة اللبنانيّين، لذا ألف لا.. وإن كان البعض يُريد من اللبنانيين أن يتصرفوا على طريقة جمهور حزب الله وأن يقولوا «آمين» فهو مخطئٌ جداً، لا أحد أكبر من لبنان، ولا مصلحة تعلو فوق مصلحة لبنان، ثمّ علامَ هذه العجلة و»العجلة من الشيطان»، ولا يقنعنا أحد أن البلد سيغرق اليوم إن لم يُؤتَ بسليمان فرنجية رئيساً من دون أخذ رأي نصف الشعب اللبناني، وأكثر، لقد عشنا عامين ويزيد من تعطيل الرئاسة في العاميْن 1989 و1990 وحروباً طاحنة حتى توصلنا إلى اتفاق الطائف، وميثاق العيش المشترك بالمناصفة، وهذه المناصفة فإمّا هي ميثاق وطني حقيقيّ وإما هي «خديعة»!!

لماذا أقول اليوم هذا الكلام، لأنّ نبيّنا صلوات الله عليه علّمنا أنّ «الدّين النصيحة»، ولعلّ الذكرى تنفعُ المؤمنين، أذكّر بقوله تعالى: «فمن نكث فإنما ينكث على نفسه»… صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم صلوات الله عليه، وبأعلى صوتي أقول مع لبنانيين كثر «الفراغ» ولا سليمان فرنجية… وألف لا.. ولا.. فوقها أيضاً، وكفى الله اللبنانيين شرّ مكر وليد جنبلاط وانزلاقات مصالحه الشخصيّة وشرّ بشّار الأسد و»خيّو» سليمان فرنجيّة!!