IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”LBCI” المسائية ليوم السبت في 25/04/2020

لنعد إلى أصل المشكلة، المتمثلة بهوة مالية قاربت ال83 مليار دولار، هي خسارة المصرف المركزي والمصارف اللبنانية. هذا الرقم هو الأهم في كل المعادلات السياسية والاقتصادية، وحوله تدور المعارك، من كيف فتحت هذه الهوة، إلى من المسؤول عنها، إلى من لعب دور شاهد الزور، وصولا إلى ومن سيدفع الثمن ومن سيخرج البلاد من المأزق الحالي وكيف “سيقرش” الخروج هذا إن حصل؟.

قبل أن نتلهى كلبنانيين بالجدل حول إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أو عدم إقالته، لا بد أن نقرأ وبروية تسلسل الأحداث. في هذا التسلسل، ليس هناك من إشارة واضحة توحي بأن قرار الاقالة اتخذ، وحتى في مجلس الوزراء الجمعة، لم تطرح الإقالة، فالمطلوب بحسب المعطيات أن يسلم سلامة السلطة رقما ثابتا للخسارة المالية، تبني على أساسه خطة الانقاذ، لتواجه بها الخارج والداخل، هذا بالتزامن مع بدء ثلاث شركات تدقيق حسابات عالمية التدقيق في حسابات المصرف المركزي.

وكالعادة، التدقيق في الحسابات، فتح البازار السياسي اللبناني، وأعاد فرز خارطة المواقف. ففي الوقت الذي يقول “حزب الله” إن اقالة سلامة هي قرار تتخذه السلطة السياسية، وإن كان لا يمانع به، إلا أن عدم وجود توافق حول الإقالة، أدى إلى مخرج مرحلي أسفر عن تكليف شركات مالية مراقبة الوضع داخل المصرف المركزي. ويبدي الحزب انزعاجه من محاولات زج اسمه بمحاولة إقالة رياض سلامة، وتحميله تبعات الإقالة إذا حصلت.

حركة “أمل” تؤكد من جهتها أنها لم تضع خطوطا حمراء أمام الإقالة، إنما تتحفظ عليها، وتصر على التدقيق المالي في حسابات المصرف المركزي، الذي إذا ظهر ما يكشف تورط الحاكم بسوء الأداء، ما يمهد لاقالته بحسب المادة 19 من قانون النقد والتسليف، أو ينفي هذا التورط، وحينها، لا داعي للإقالة، أما اليوم، وفي ظل التخبط المالي، لماذا المخاطرة لا سيما أن المصرف المركزي يفتقد لمرشحين أقوياء يحلون مكان رياض سلامة، كما يفتقد لنواب الحاكم.

تيار “المستقبل” والحزب “الاشتراكي” يتحدان في موقفيهما، فإقالة الحاكم وتحميله وحده مسؤولية الانهيار المالي، خط أحمر بالنسبة للطرفين، لأنه لا يستهدف الحاكم وحده إنما الفريق السياسي الذي يمثلانه، وتاليا فإن الإقالة هي هجوم من العهد وحلفائه لا يمكن السكوت عنه.

“القوات اللبنانية” قصدت التميز في هذه المعركة عن حليفيها في الرابع عشر من آذار، فهي وإن دعمت التحقيق المالي في حسابات المصرف المركزي، إنما تربطه بكل القطاعات التي يضربها الفساد، وعينها على ضرورة إنقاذ الوضع المالي الدقيق، وهو الهم الأساسي عندها.

أجواء “التيار” تشير من جهتها إلى أن معركتها الحقيقية ليست ضد شخص رياض سلامة، إنما ضد النهج السياسي والمالي الذي اتبعه بالتوجهات المالية للحكومات المتتالية، التي يقول “التيار” إنه حاول تعديلها فلم يوفق لا من خلال مجلس النواب ولا مجلس الوزراء، أما المعركة الحقيقية بالنسبة ل”التيار” اليوم، فهي تغيير النهج المالي، فإذا كان تغيير السياسات المالية يمر حتما بتغيير المولجين بتنفيذها، فمصلحة الدولة واللبنانيين، يقول “التيار”، فوق أي اعتبار آخر.

بالمحصلة، لا قدرة لأي طرف، رغم الرغبة، على إقالة حاكم مصرف لبنان، لغياب التوافق السياسي وتوفر الفجوة القانونية، وكل الوساطات التي حاولت إحداث خرق في الساعات الماضية لم تنجح، فيما الوضع المالي والنقدي إلى مزيد من الانهيار.