IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـMTV المسائية ليوم الاثنين في 27/01/2020

اليوم تأكد الانفصال الكامل للطبقة السياسية الحاكمة عن الناس و ثبت شرعيا و طبيا وعياديا أن ما يصيبها هو الانفصام في كل تجلياته المرضية .

فالرئيس بري أكد للنواب أنه عمل السبعة وذمتها، ونحن نصدقه، واشرك الجيش في بناء جدار الفصل المحكم، وإلا ما كنا تمكنا من عقد جلسة الثقة، ومن ثم نصح النواب عدم الخروج من الجلسة لأن من يغادرها لن يتمكن من العودة.

إلا ان هذا الاعتراف بقوة الناس الذين حاصروا المجلس بأجسادهم، لم يصح ضمائر نواب الأمة بل دفعهم الى المزيد من الإنكار والهروب الى الأمام . فكان أن ارتكبوا مهزلة تهريب الموازنة، علما بأن رئيس الحكومة الذي جلس وحيدا في مقاعد الوزراء كالجالس في قفص اتهام، اعترف بأن ابوتها تعود الى الحكومة السابقة، واضطر مرغما الى تبنيها بعد رفض وممانعة . والأغرب ان الثقة بالموازنة جاءت هزيلة إذ غاب عنها كل الوزراء في فعل إنكار موصوف لها، في ما امتنع عدد من أهل السلطة عن منحها إياها. ولتكتمل الصورة المبكية جاءها الدعم من رافضيها من معارضي دياب، اي المستقبل والاشتراكي، اللذين ناورا برفضهما الموازنة لكنهما أمنا لها النصاب مبررين فعلتهما: الأول، بالإخلاص لخط العقلنة والتروي التاريخي، والثاني لحتمية منح البلاد فسحة للتنفس والتهدئة، ولكن اي تنفس وأي تهدئة وموعد الغضب المقبل مع جلسة الثقة بالحكومة.

وإذا كان الإنكار والاستخفاف بالناس صارا النهج المتبع من أهل السلطة لتسيير شؤونهم والبقاء، أي الإمعان في تحدي الناس والارتماء على الجيش والقوى لحمايتهم، مع ما يتسبب به الأمر من استنزاف عملاني ولوجستي لها، ومن نفور مع الناس، فالسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: كيف لسلطة وحكومة بهذه الذهنية، أن تواجها التدهور المتسارع للأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية ؟ وقد ظهر جليا ألا أب لهذه الموازنة ولا أم ، وبالتالي لا إمكان لتبنيها وتطبيقها لا بارقامها ولا بقراراتها.

ولا ننسى في هذا السياق أن هذه الموازنة كانت سببا في تطيير الحكومة الحريرية، للعورات البنيوية التي تشوبها، وأهمها تخلفها عن الاستجابة للمتطلبات العلمية التي تفترضها عملية النهوض من الانهيار. أكثر من ذلك، كيف لموازنة تقوم على تصغير الاقتصاد وتجميد النمو وتجفيل الاستثمارات، والخالية من أي خطة واضحة لاسترجاع الأموال المنهوبة وخفض الضرائب ومحاربة الفساد، كيف لها أن تهدىء روع اللبنانيين الغاضبين وتطمئن المستثمرين، والأهم، إرضاء الدول المانحة؟ وكيف لمن لا يقتنع بجودة بضاعته أن ينجح في تسويقها؟. كل هذا يعني المزيد من الغضب الشعبي، ولا ينفع أن يتهم الناس الجائعون بتعطيل الدولة وقد ادارت لهم الظهر وصمت الأذنين عن صراخهم وأنينهم، و أصابت جيوبهم وكراماتهم ومصالحهم ومستقبلهم، بأعطالٍ دائمة.