IMLebanon

11 مليار ليرة شهرياً لـ120 صاحب مولد كهربائي

Safir
سامر الحسيني

لم تعد العتمة الشاملة التي وصلت إلى حدود 20 ساعة في اليوم الواحد بتوقيع من «مؤسسة كهرباء لبنان»، مستغربة في ظل التقنين المزمن الذي تعيشه المناطق اللبنانية عموماً، ومنطقة قضاء زحلة خصوصا، منذ سنوات طويلة بعد أن اعتادت على الظلمة، على الرغم من كونها من أولى المناطق التي تدفع كامل مستحقاتها المالية، وتصل نسبة الجباية فيها إلى ما يزيد على 98 في المئة.
فوفق أرقـام منقولـة مـن مـصادر رسمية في القـطاع الكـهربائي، يـشير رئيس «جمعية تـجار زحلة» ايلي شلهوب عبر «السفير» إلى جـبايـة 11 ملـيار ليـرة شهريا في منطقـة قـضاء زحـلة، تذهـب كلها إلى جيـوب حـوالي 120 شخـصا من أصحـاب المولـدات، في حين ان المبلغ الطبيعي لهذه الجباية لا يجب أن يتجاوز 3 مليارات ليرة مع انارة كاملة.
ويؤكد شلهوب أن «التوفير في فاتورة الكهرباء الذي قد يصل إلى حدود 8 مليارات التي ستعود إلى جيوب الأهالي في البقاع الأوسط، كفيل بتحويل هذا الوفر إلى مصلحة الحركة التسويقية، وهذا الأمر سيؤدي إلى انعاش الاقتصاد البقاعي من خلال هذه الدورة الاقتصادية.

العتمة الشاملة

يسرد البقاعيون يوميات وليالي من العتمة الـشاملة، تترافق مع صرخات متتالية، ومطالب متجـددة يصر عليـها أكـثر من 100 ألف بقاعي يئنون يومـيا من الواقـع الكهربـائي المظلـم في قراهم، ولم تنفعهم كل التحركات الاحتجاجية التي أطلقوها من الاعتصامات والعرائض والكتب المفتوحة التي تروي مأساة منطقة قد وضعت أسيرة بأيدي أصحاب المولدات الذين يمعنون يوما بعد يوم في احتكارهم وابتزازهم لأكثر من 60 ألف وحدة سكنية في الحد الأدنى في البقاع الأوسط.

«دواعش المولدات»

«دواعش المولدات» توصيف يجده طبيعياً ينطـبق على أصحاب المولدات، وفق ما يقـول أسـعد الاسطـا من زحلة لـ«السـفير» الـذي يحمل بيده فاتـورة صادرة عن قسم محاسبة أحد المولدات في زحلة، تبلغ قيمتها 350 ألف ليرة، بدلا عن استهلاك 363 كيلوات بسعر 900 ليرة للكيلو الواحد، يضاف إليها بدل اشتراك شهري قيمته 20 ألف ليرة.

الاستنزاف %25

يبدو أنه ليس في مقدور أحد أن يردع أصحاب المولدات في ابتزازهم لكل اللبنانيين من خلال الزامهم فواتير مالية تفوق كل امكانياتهم، وتستـنزف أغلـب مواردهـم المالية بنـسبة لا تقـل عـن 25 فـي المئـة، وفق تقدير صاحب مؤسسات تجاريـة في زحلة، إذ يؤكـد لـ«السفـير» أن «بـدلات المولـدات الخاصة تتصدر قائمـة الأكـلاف الماليـة في المئـات من المؤسسات التجارية إن كانت في زحلة أو في مختلف المناطق اللبنانية».
في المقابل تبلغ فاتورة المولد الخاص في منزل أحمد صوان من سعدنايل ما يقارب 30 في المئة من مورده المالي في ظل مدخول شهري لا يتجاوز ما قيمته مليون ليرة. علما ان هذه النسبة تزيد مع رواتب المئات من البقاعيين التي لا تتجاوز 800 ألف ليرة في الشهر الواحد.

440 ساعة

في الشهر الماضي، بلغ الحد الأدنى لفاتورة المولد الخاص 250 ألف ليرة، والتزم آلاف البقاعيين بسداد هذه القيم المالية إلى أصحاب المولدات، ولم يكن أمامهم بديل آخر في ظل ارتفاع ساعات التقنين التي بلغت ما مجموعه 440 ساعة انقطاع، في حين يشكو البقاعيون من اتفاق أصحاب المولدات في ما بينهم على احتكارهم وابتزازهم من خلال ميثاق تعاون يشمل كل أصحاب المولدات، وأبرز بنوده رفض استقبال أي مشترك يحاول أن ينقل اشتراكه من مولد إلى آخر.

حبر على ورق

لعله بات من «المحرمات» الاعتراض على قوى الأمر الواقع التي يشكلها أصحاب المولدات. ويشير عشرات المشتركين من البقاعيين الى فشل كل محاولات تعديل الأسعار التي يفرضها أصحاب المولدات الذين يرفضون أيضا بدورهم كل قرارات وزارة الطاقة والمياه وبياناتها وتعاميمها التي تحدد فيها سعر مبيع الكيلوات، فتبقى هذه التسعيرات وأرقامها حبرا على ورق. ويقال ان أصحاب المولدات لا يكلفون أنفسهم حتى قراءة هذه التعاميم، بل يمضون في التسعير الذي يتراوح ما بين 900 و1000 ليرة لبنانية للكيلوات الواحد، مقابل سعر يتراوح ما بين 400 و500 ليرة من قبل وزارة الطاقة.
100 ألف بقاعي يطالبون بالإنارة وبخفض أكلافها المالية، وهذا ما يصر عليه شلهوب بالاتفاق مع الجمعيات التجارية على امتداد البقاع التي تتشارك في ما بينها في معضلة العتمة الشاملة، والبدل المالي الذي يستنزف مقدرات المواطنين والتجار ومواردهم، إذ تتوزع مواردهم المالية على سداد أكلاف الكهرباء والمياه والهاتف، ولا يبقى شيء لحركة التسوق بعدما تتبخر مع هذه الأكلاف، وفق توصيف شلهوب الذي يربط معادلة انطلاق العجلة الاقتصادية بالانارة وفق السعر العادل بعد التخلص من ابتزاز أصحاب المولدات.

رفع جديد للاشتراكات

لا يريد البقاعيون سوى حقهم بالإنارة التي يحرمون منها عن سابق تصور وتصميم، ويتركون أسرى احتكار وابتزاز أصحاب المولدات الذين أبلغوا مشتركيهم في الأيام الماضية عن رفع جديد لأسعار الاشتراكات من جراء ارتفاع ساعات التقنين، وغياب الرقابة الرسمية، والأهم الوقوف في وجه اية محاولة جدية لتغيير هذا الواقع الكهربائي.