IMLebanon

كيف تعاطى إعلام 8 و14 آذار مع لقاء عون – جعجع؟

geagea-aoun-rabieh

 

كتبت صحيفة “النهار” أن الصورة التي جمعت القطبين المسيحيين ميشال عون وسمير جعجع طغت على مجمل تطورات أمس، وخصوصا اعلان رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” قبل ساعات اعطاء الحكومة اجازة قسرية حتى ايلول المقبل ما لم تبت جلسة غد في ملف التعيينات الامنية.

وفي ظل التصعيد المتفاقم بين الأطراف السياسيين، والذي حاولت قمة روحية اسلامية انعقدت امس في دار الفتوى تخفيفه، عقد اللقاء الذي كان البعض يشكك في حصوله، في الرابية، التي وصل اليها رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع واستقبله رئيس “التيار الوطني الحر” ميشال عون، وعقدا مؤتمراً صحافياً مشتركاً عقب اذاعة “اعلان النيات” الذي اعده النائب ابرهيم كنعان ومستشار جعجع ملحم رياشي. واللقاء الذي تاخر نحو 30 سنة، لم يخرج بجديد عما نشر قبل مدة، لكنه شكل نقطة انطلاق لمرحلة جديدة من العلاقة المسيحية – المسيحية، في مقابل الحوار الذي يجريه “تيار المستقبل” و”حزب الله”.

وفي معلومات “النهار”، ان اللقاء دام نحو ثلاث ساعات، ووصفت مصادر المجتمعين الأجواء بأنها كانت “ايجابية جداً، ذلك ان “إعلان النيات” يشكل مشروعاً ورؤية سياسية”.

وقد تناول اللقاء كل الملفات، “من تاريخية الحوار بين الطرفين، الى رئاسة الجمهورية ومبادرة العماد عون وتشريع الضرورة، ووضع المنطقة وتعقيداته ومسؤوليتنا في مواجهة الاخطار المحيطة، وموضوع اللاجئين، اضافة الى العلاقة مع بقية الاطراف ومع بكركي وتأكيد كلّ على تحالفاته وان هذا اللقاء لا يستهدف أحداً بل بالعكس. وفي النهاية كان اتفاق بين الجانبين على عدم اعلان ما يتمّ التفاهم عليه الا تباعاً ووفقاً للظروف”.

وعلمت “النهار” ان كنعان والرياشي زارا الاثنين البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وأطلعاه على التنسيق بين الفريقين وكان تأكيد للتنسيق الدائم مع بكركي.

وتحت عنوان “بداية عودة الفعالية المسيحية” كتب شارل جبور في “الجمهورية”: الانطباع العام الذي سبقَ اللقاء بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع كان يَنحو باتّجاه استبعاد انعقاده لسببَين مترابطين: تجَدّد الاشتباك العوني مع «المستقبل» من باب عرسال واستطراداً التعيينات، وتصعيد عون الحكومي وصولاً إلى اعتكافه في جلسة الغد.

توقيت زيارة جعجع لعون كان مفاجئاً، تماماً كما كان الإعلان عن انطلاق الحوار بينهما، وقد تزامنَ في التوقيت أيضاً مع الجولة التي يقوم بها الموفد البابوي الكاردينال دومينيك مومبرتي في محاولةٍ لإعادة تحريك الملف الرئاسي، وعشيّة الجلسة النيابية المخصّصة لانتخاب رئيس للجمهورية.

وإذا كان اللقاء لن يبدّلَ في موقف عون الرئاسي لجهة تمسّكِه بترشيحه، ولن يبدّل بموقفه من التعيينات وعرسال والحكومة، فما الهدف إذاً من التوقيت السياسي-الوطني الذي اختارَه جعجع؟

أوّلاً، التأكيد أن لا عودة إلى الوراء في العلاقة بين «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر»، وأنّه على رغم كلّ التطورات التي تستبعد حصولَ اللقاء أصَرّ جعجع على انعقاده.

ثانياً، التمييز بين الخلاف الوطني مع عون حول ملفّات وقضايا عدّة، وبين المشترَك الذي يجمعهما، وبالتالي الحِرص على حماية هذا المشترك وتطويره وتثميره.

ثالثاً، تَطمين الفاتيكان بأن لا شرذمة مسيحية في لبنان، وتحميل مومبرتي انطباعات إيجابية وتفاؤلية للبابا فرنسيس.

رابعاً، رسالة إلى المسيحيين اللبنانيين بأنّ وحدة الصف المسيحية التي شكّلت مطلباً مسيحياً تاريخياً بدأت بالتحقّق على أرض الواقع، وبالتالي إذا كان مجرّد الحوار شكّل ارتياحاً مسيحياً، فكيف بالحري سيكون الوضع بعد هذا اللقاء ومتمّماتِه الآتية.

خامساً، رسالة إلى المسيحيين المشرقيين بأنّ الوجود المسيحي في لبنان سيبقى الركيزة والمنطلق لإعادة انتشار المسيحية المشرقية التي تقلّصَت بفعل تطوّرات العقود الماضية، ولا سيّما السنوات الأخيرة.

سادساً، رسالة إلى الشرَكاء في الوطن بأنّ الخلاف في الخيارات الوطنية لا يعني إطلاقاً التفريط بالبُعد الميثاقي المتمثل بالشراكة المسيحية -الإسلامية وحسن التمثيل المسيحي.

سابعاً، التذكير بأنّ البعد السيادي الذي يشَكّل مطلباً مسيحياً أساسياً، لا يعني إهمالَ البعد التمثيلي الذي يجَسّد فلسفة التجربة اللبنانية التي قامت على فكرة الشراكة المسيحية-الإسلامية الفريدة من نوعها عالمياً، والتي لا يجب التفريط بها تحت عناوين حَداثوية وبَرّاقة الهدفُ منها ضرب الحضور المسيحي الفاعل في لبنان.

والمسيحيون في هذا المجال لا يَشذّون عن القاعدة المتّبعة من جانب «المستقبل» و«حزب الله» و«حركة أمل» والحزب «الاشتراكي»، حيث إنّ الأولويات الوطنية للقوى الإسلامية لم تجعلها تتخلّى يوماً أو تغضّ النظر عن البُعد التمثيلي، بل كلّ فريق من هؤلاء الفرَقاء يعمل على تعزيز حضوره التمثيلي من أجل دفعِ خياراته الوطنية قدُماً، وهذا عينُ الصواب، إلّا المسيحيين مطلوب منهم التخَلّي عن تمثيلهم بذريعةِ خيارات مدنية بعيدة عن الطوائفية في زمن صعود الإسلام السياسي السنّي والشيعي.

ومن هذا المنطلق فأهمّية لقاء جعجع-عون تَكمن في بُعدَين:

البُعد الأوّل يتّصل بالوثيقة التي صدرَت عن اللقاء واستغرقَ نقاشها أشهراً من البحث والتواصل، وهي تجسّد كلّ ثوابت المسيحيين التاريخية، وتشَكّل ترجمةً عملية أو متمّمة ومفسّرة للدستور اللبناني، إنْ على مستوى السيادة والاستقلال والحرّيات وبَسط سلطة الجيش اللبناني وحدَه على كامل الأرض اللبنانية، أو لناحية علاقة لبنان مع الخارج، أو لجهة دور لبنان وحُسن التمثيل السياسي لكلّ المجموعات اللبنانية.

فما اصطُلِح على تسميته بـ«إعلان النيّات» يُعبّر عن المفاهيم التي تناضل من أجلها «القوات»، ولكنّه في نفس الوقت يُعيد تقريبَ «التيار العوني» من هذه المفاهيم التي تمّ التخلي عنها مع توقيع وثيقة التفاهم مع «حزب الله»، ولا بل إنّ هذه الوثيقة تخدم في هذه اللحظة بالذات المصلحة العونية أكثر من القواتية لسبَب بسيط هو أنّ ما قيلَ تُجاهر به «القوات» يومياً، فيما تبنّيه من قبَل العماد عون يضعه في المساحة الوسطية الفعلية، ويعزّز فرَصَه الرئاسية، خصوصاً إذا ما عملَ على تطبيق هذه المبادئ والمجاهَرة بها، واللافت في هذا السياق أيضاً، والذي يجب أن يتوقف عنده عون مليّاً، هو ملاقاة الرئيس سعد الحريري الدكتور جعجع بدعوة عون إلى عدم السير باتّجاه شلّ الحكومة، وإعلانه إمكانية التفاهم معه، وبالتالي لا مصلحة لعون بالعودة إلى الوراء بعد اليوم.

والبُعد الثاني يتصل باللقاء بحدّ نفسه الذي أراد عبرَه جعجع تجاوز كلّ الخلافات الماضية والحاضرة، وكلّ الاعتبارات المتصلة باللحظة السياسية ومواقف عون الأخيرة وتحالفات كلّ منهما، وذلك في رسالة واضحة مفادُها تكريس الثنائية المسيحية العونية-القواتية، وأنّ رئيس «القوات» ماضٍ في هذا التوَجّه إلى النهاية بما يخدم المصلحة المسيحية واللبنانية.

فالمبادئ التي تمّ إعلانها تجعل من هذه الثنائية تتجاوز وحدةَ الصف إلى وحدة الموقف في القضايا الأساسية، وتبرّر لـ»القوات» تفاهمَها مع «التيار الحر» والعكس صحيح. وإذا كان هذا اللقاء مجرّد بداية، فلا يجب أن يستثيرَ حلفاء الطرَفين إذا كانوا حريصين على الحضور المسيحي في لبنان والذي لا يمكن تعزيزه وتثبيته وتحصينه بالشعارات الرنّانة والأدوار الوهمية التي لا تستند إلى الفعالية المسيحية.

فتَغييب هذه الفعالية في زمن الوصاية السورية هو الذي ضربَ الدورَ المسيحي، وبالتالي المعبَر لاستعادة الدور يكون من خلال إعادة الاعتبار لفعالية التمثيل السياسي المسيحي أسوةً بالتمثيل السياسي الإسلامي.

ولا يَعني هذا اللقاء إعادةَ خلط الاصطفافات الوطنية بين 8 و14 آذار، خصوصاً أنّ «إعلان النيّات» هو في صلب مبادئ 14 آذار، بل هو أوّل محاولة جدّية لإعادة تقريب عون من 14 من دون أن يكون في مواجهة مع 8 آذار.

وإذا كان هناك مَن يراهن على خسارة السنّة في المنطقة، فهو مخطئ، وذلك تماماً كالذي يراهن على خسارة الشيعة، وبالتالي في ظلّ التوازن السني-الشيعي لا بدّ من إعادة الوزن إلى الحضور المسيحي، وأوّل الطريق لقاء عون-جعجع.. فرحلة الألف ميل تبدأ بخطوة…

 

عماد مرمل كتب في صحيفة “السفير”: بعد 30 سنة من الصراعات الدموية، على الخيارات والسلطة والتحالفات والأحجام، قرّر ميشال عون وسمير جعجع إعادة تأهيل علاقتهما المعقدة، وإخراجها من “زنزانة” الماضي المثقل بالعداء والدماء، على أن الأيام والتجارب المقبلة هي التي ستُبين ما إذا كان «الإفراج» مؤقتاً ام دائماً.

ولئن كان لقاء الرابية بين القطبين المسيحيين قد تولّى تظهير «إعلان النيات» الذي تضمّن عرضاً للعناوين المتفق عليها، فإن المحكّ يبقى في حقيقة “النيات المضمَرة”، والمسكونة بشياطين التفاصيل.. والحسابات.

بدا واضحاً أن نص الإعلان الذي تلاه كل من النائب ابراهيم كنعان وملحم رياشي قد اعتمد على توازنات دقيقة في الشكل والمضمون، بحيث لم يكن صعباً التقاط نَفَس «القوات اللبنانية» في بعض البنود ونَفَس «التيار الوطني الحر» في بنود أخرى، وإن يكن هناك في أوساط حلفاء عون من اعتبر أن الأرجحية في الورقة هي لأدبيات التيار.

ولعل ورقة النيات تشبه في بعض جوانبها “الباب الدوّار” الذي يسمح لكل من الطرفين أن يخرج من النص ويدخل اليه بسلاسة، على ان التحدي الأهم امامهما يتمثل في مدى قدرتهما على الالتزام بتفسير واحد للنيات المعلنة، وإخضاعها لترجمة سياسية مشتركة، متخففة من التأويلات والاجتهادات.
ويحمل اللقاء في توقيته إيحاء بأن “الثنائي المسيحي” يسعى في اتجاه استعادة المبادرة والانتقال من ضفة ردّ الفعل الى ضفة الفعل، بالتزامن مع احتدام الاشتباك الداخلي حول التعيينات الأمنية وتشريع الضرورة، وزيارة الرئيس تمام سلام الى السعودية.

ويبدو واضحاً في الاسباب الموجبة للقاء ان المخاطر والتحديات التي تواجه الوجود المسيحي في لبنان والشرق باتت داهمة إلى الحد الذي لم يعد بمقدور عون وجعجع تجاهله، أو المضي في مواجهته وفق القواعد القديمة.

ثم ان الرجلين اطلعا على نتائج معبرة لاستطلاعات رأي مسيحية حول حوارهما، أظهرت أن قرابة 97 بالمئة من الذين تمّ استطلاعهم يرفضون استمرار الثنائية الصدامية بين “القوات” و”التيار”، وبالتالي فإن عون وجعجع أدركا ان إخفاقهما في تنظيم الخلاف، بالحد الادنى، سيولد نقمة واسعة عليهما في الشارع المسيحي القلق.

وقبل كل ذلك، شعر القطبان المسيحيان أن بقاء فجوة التناقض بينهما، على اتساعها السابق، يعني أنهما سيظلان الحلقة الأضعف في المعادلة الداخلية والتوازنات الميثاقية، بينما يؤدي إقفال الطوائف في الساحات الأخرى الى منحها امتيازات في السلطة.

ولا يتوهم الجانبان ان “إعلان النيات” يرقى بأي حال الى مستوى التحالف السياسي، بل إن طموحهما هو ان ينتج هذا الإعلان رؤية مشتركة حيال قضايا وجودية وتأسيسية، من دون ان يكون مطلوباً منه الغاء التمايزات والخصوصيات التي ستظل حاضرة في الخطاب والسلوك.

وكان ملاحظاً ان اعلان النيات لم يأت على ذكر “حزب الله” أو “تيار المستقبل” في المباشر، موحياً بانه ليس موجهاً ضد الآخرين، وبأن أياً من طرفيه ليس بصدد إعادة النظر في تحالفاته الاستراتيجية.

ولما كان الاستحقاق الرئاسي يشكل الاولوية الملحة في هذه المرحلة، فان الاختبار الحقيقي للنيات المعلنة والمستترة لدى عون وجعجع، يتمثل في مدى نجاحهما في إنتاج مقاربة مشتركة لهذا الاستحقاق، تتجاوز المواصفات الى الاسم.

ومهما يكن، فإن الأكيد هو أن لقاء عون – جعجع من شأنه ان يمهد لرسم مشهد مسيحي جديد، ستكتمل معالمه مع تولي النائب سامي الجميل رئاسة حزب الكتائ» الذي قد يكون الضحية الأكبر للتلاقي بين معراب والرابية، بل ان جعجع لم يتردد في القول صراحة من على منبر الرابية ان نتيجة الاستفتاء الذي يطالب به عون معروفة سلفاً، وهي أن “التيار” و”القوات” يحظيان بالشعبية الأكبر في الساحة المسيحية.

ولكن، ماذا عن الحسابات التفصيلية لكل من عون وجعجع؟

بالنسبة إلى عون، يمكن القول إن الحد الادنى من التفاهم مع جعجع سيسمح له برفع فرص وصوله الى الرئاسة، على قاعدة “الرئيس القوي” الذي تصدّر إعلان النيات، خصوصاً ان خصوم الجنرال كانوا يطرحون عليه باستمرار ما يفترضون أنه شرط تعجيزي لقبول انتخابه، وهو حصوله على دعم رئيس حزب “القوات”.

وإذا كان من المبكر الذهاب بعيداً في التوقعات، والافتراض من الآن أن جعجع يمكن ان يتحول من “لغم سياسي” على طريق عون نحو بعبدا الى “كاسحة ألغام”، إلا أن تقدّم الحوار بينهما يجعل الأمر يتدرّج على الأقل من مرتبة “المستحيل” الى مرتبة “الصعب”.

وما جرى أمس في الرابية سيعزّز بشكل او بآخر صورة “المرشح الوفاقي” التي يسعى عون الى الترويج لها، ولن يكون هناك بحوزته دليل أبلغ من تقاربه مع الخصم اللدود سمير جعجع، حتى يثبت أنه قادر فعلياً على مدّ اليد في كل الاتجاهات واستيعاب الجميع، وفق مفهوم “الوسطية القوية” التي تنطوي على نكهة ولون من دون أن تكون نافرة أو مستفزة.

كما أن عون سيستفيد من التقارب مع جعجع لتحسين شروط معركة تحصيل الحقوق المسيحية في الدولة، تحت سقف الشراكة والتوازن المندرجين في إعلان النيات، ما يمكن أن يحشر أو يُحرج “تيار المستقبل” الذي لم يكن مسروراً، على الأرجح، بمشاهدة جعجع وهو يضع يده على كتف عون تحبباً، خلال المؤتمر الصحافي المشترك بينهما.

أما جعجع فله اعتباراته أيضاً.

يذهب بعض “الخبثاء” إلى الافتراض ان رئيس “القوات” يضمر من وراء تصالحه مع عون، وبالتالي مع القاعدة الواسعة لـ”التيار الوطني الحر”، تسهيل إمكانية وراثته لجزء من هذه القاعدة، وفرض نفسه الزعيم الأول للمسيحيين.

لكن وبمعزل عن محاكمة النيات، فإن جعجع الذي يعرف ويعترف في قرارة نفسه بأن تحالفه مع “تيار المستقبل” لم يساهم في تعزيز حضوره النيابي أو الوزاري داخل الدولة، بات يشعر بأن تفاهمه مع عون سيكون أكثر إنتاجية وفائدة، وسيسمح له بتعزيز موقعه التفاوضي مع الحليف قبل الخصم.
وإذا كان جعجع يدرك أن عون يتقدم عليه حالياً في الفرصة الرئاسية، إلا انه يعتقد ان قاعدة “الرئيس القوي” التي جرى تثبيتها في الإعلان قد تجعله من المرشحين الجديين في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

صحيفة “الأخبار” وتحت عنوان “مانيفستو” عون ــ جعجع، قالت: “هل طوى الجنرال ميشال عون وسمير جعجع صفحات الخلافات والحروب بينهما؟ في الشكل، كان لقاؤهما أمس خطوة متقدمة في هذا السياق. أما في المضمون والتوقيت، فللقاء أكثر من دلالة. فتح الرجلان باباً لحوار يؤسس لمستقبل بينهما مختلف عن ماضيهما، رغم أنّ من المبكر الجزم بأي نتائج ملموسة لتفاهمهما.

وأضافت: “ساعتان وأربعون دقيقة وخلوة لمدة عشرين دقيقة، ختمت 237 يوماً من المفاوضات السياسية بين رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، ورئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع، عبر الموفدين النائب إبراهيم كنعان ورئيس جهاز التواصل والإعلام في القوات ملحم رياشي. اجتماع فجائي أمس أنهى مرحلة أساسية من الصراع بين الرجلين، بعدما كانت المفاوضات قد أدت سابقاً إلى سحب الدعاوى بين الطرفين ووقف التراشق الإعلامي.

ولم يأت لقاء الرابية أمس، على غرار اللقاء الذي حدث قبل عشرة أعوام، بل واكبه بيان إعلان النوايا الذي صدر بعد ساعات طويلة من النقاش السياسي واللقاءات التي تنقلت بين معراب والرابية، وكادت مرات تصل إلى حدود الفشل والإحباط، إلى أن وصلت أمس إلى خواتيمها بلقاء ظهر فيه الارتياح التام على عون وجعجع، أثناء كلمتيهما أمام الصحافيين، إلى حد أن جعجع حرص في الختام على إحاطة عون بوضعه يده على كتف الأخير.
والصورة التي «طال انتظارها أعواماً» كما قال جعجع، تمت مساء أمس في الرابية، والتقطت أولاً عبر هاتف محمول، بعدما فاجأ جعجع عون بحضوره إلى الرابية، فيما كان عون يخلد إلى الراحة بعد اجتماع «تكتل التغيير والإصلاح» الأسبوعي، قبل أن يُستدعى الصحافيون والمصورون.

مصدر وثيق الصلة بعون، قال لـ«الأخبار» إن الأهم في الموضوع هو توقيت عقد اللقاء، «الذي كان من الممكن أن يتأخر قليلاً لولا عدد من الأسباب التي حتمت تقديم موعده».

ويشرح المصدر أنه «في ظل هجمة فريق 14 آذار بكافة أطرافه على عون، وبعد موقف البطريرك بشارة الراعي الذي اعتبر أن انتخاب رئيس للجمهورية هو العودة إلى الدستور واستلهامه في كل مبادرة فعلية ومنطقة. وبعد أن أطلق تكتل التغيير والإصلاح مبادرته، حصل اللقاء في هذا التوقيت». هذه العوامل الثلاثة «تشير إلى قيام جبهة مسيحية يتفق أركانها على الأساسيات وهي ستمثل تحدياً لباقي القوى».

ويؤكد المصدر أن «اللقاء كان سيتأخر لو أن الأجواء في المنطقة لم تنحُ إلى ما آلت إليه، ولو أن موقف الراعي كان بهذه الحدّة».ما بعد اللقاء، بالنسبة إلى المصدر، هو «مراقبة حركة مربع بكركي، الرابية، معراب وبنشعي، لنرى إن كانت ستتمكن من إنضاج حل انطلاقاً من المبادرة التي طُرحت وورقة النوايا». أما بالنسبة إلى حزب الكتائب، «فنحن لم نستثنِ أحداً، بل بكفيا هي التي فضلت النأي بنفسها حين قررت الدخول بجبهة مع الرئيس السابق ميشال سليمان وحين لم تستجب للاتصالات معها»، على الرغم من ذلك هناك نية للبحث مع الكتائب من أجل أن يعودوا إلى هذا المناخ الجامع.

أخبار ذات صلة

قصة “الإنزال المباغت” لرئيس “القوّات” في الرابية!

عون وجعجع من الرابية: الآن يبدأ العمل الحقيقي

مضمون ورقة “إعلان النوايا” بين “القوات” و”التيار”