IMLebanon

إفادة تؤكّد تورُّط سماحة

michel-samaha

 

كتبت في صحيفة “الجمهورية” ناتالي اقليموس: «حافِظ درسو، ولكن!». عبارة تختصر مضمون أكثر من ساعتين وقفَ فيها المتّهم ميشال سماحة في محكمة التمييز يَسرُد إفادته للمرّة الأولى بعدما سبقَ ونكَر ما اعترفَ به على اعتبار أنّه «لم يكن صافيَ الذهن». ألقى سماحة عيناً على أوراق بين يديه، وأخرى على هيئة المحكمة، أمّا يدُه اليمنى فلم يَكُفّ عن الإيماء بها مسترسلاً في تحاليله، قبل أن يقاطعه القاضي طاني لطوف: «أخبِرني وقائع ولا تسرد محضراً»، فعندها ابتلعَ سماحة ريقَه متلعثماً، نزع نظّاراته، ومسَح العَرق المتصبّب عن جبينه.دخلَ سماحة محكمة التمييز قرابة الحادية عشرة قبل ظهر أمس، متأبّطاً ملفّيه الشهيرين، الأخضر والأسود، وكالعادة ألقى التحيّة على عائلته. إفتتَح رئيس محكمة التمييز العسكرية القاضي طاني لطوف الجلسة بحضور ممثّل الحكومة لدى محكمة التمييز العسكرية القاضي شربل أبو سمرا.

وأبلغ لطوف أنّ المحكمة تسلّمت ما سبقَ وطلبته من شركة MTC في شأن داتا الاتصالات، فبادرَ سماحة إلى رفع إصبعه، طالباً الحصول على نسخة، فوافقَت المحكمة مع إشارة من أبو سمرا بتحميل المتّهم كامل مسؤولية تسريبها أو تداولِها.

وعلّق القاضي لطوف: «بُكرا بتطبَع نسَخ وبتوزّعا ومنرجَع للسينما وللحَكي الصحافي. لذا يُمنع التداول بها». وتوجه الى سماحة قائلاً: «نحن أمام 3 إفادات، لن أبدأ بالأسئلة والأجوبة، أخبِرنا أوّلاً القصة كاملة»، معلّقاً: «مِش قصّة حياتك من الأوّل ولكنْ منذ بدءِ الاتصالات مع الكفوري إلى حين وصولك إلى فرع المعلومات».

تفاصيل الجلسة

بدأ سماحة يُدلي إفادته: «أنا رَجل سياسي، سأضع الأمور في الإطار الذي حصلت فيه». فقاطعَه القاضي: «أتمنّى أن نبقى في الوقائع». فصوّب سماحة سردَه منطلقاً من تفاصيل علاقته مع ميلاد الكفوري التي تعود إلى التسعينات عندما كان الكفوري يتردّد إلى منزله كأيّ شخص من أبناء المنطقة. إلى أن حصَل عام 2011 تغيير حكومي في لبنان وترَأس نجيب ميقاتي الحكومة.

فكان الكفوري يزور سماحة علّه ينجَح في توزير محمد الصفدي بحُكم عمل الكفوري مسؤولَ أمن واتّصالات لدى الصفدي، «كان يتردّد الكفوري إليّ كمرسَل من الصفدي، وبشكل شخصي، وبناءً لطلبه»، وتزامن ذلك مع بدء الاحداث في سوريا.

وفي كانون الثاني 2012 بدأت وتيرة زياراته تتسارع من 3 إلى 4 مرّات شهرياً، مرّة أجيب على اتصالاته التي تَرِدني على رقمي 300600-03 ومراراً أهمِلها»، مشيراً إلى أنّ الكفوري «غالباً ما كان يتصل من رقم محجوب».

ولفت إلى أنّ «الكفوري بدأ يثير مواضيع لم يكن يذكرها سابقاً، ترتبط بالحدود اللبنانية الشمالية السورية، وأنّها تُستعمل للتهريب ولتسلّل المسلحين في الاتّجاهين».

وبين آذار نيسان وأيار، تسارعت وتيرة زيارات الكفوري لسماحة، «مؤكداً له هذا الأخير: «أنه قادر على التحرك بسهولة مردداً «لازم نعمل شي»…»، وتزامن ذلك مع ضبط باخرة لطف الله وضبط كمية كبيرة من الاسلحة المهربة».

وتابع سماحة: «في مطلع حزيران بعدما اتّصَل الكفوري مراراً، وبعدما لم تُحدّد له السكرتيرة موعداً، جاء لزيارتي في مكتبي في سوديكو، وتمنّى لو ينتظر في غرفة لا يوجد فيها أحد سواه، وكذلك تمنّى على السكرتيرة ألّا تذكر إسمَه، وأن تناديَه في كلّ مرة بأسماء وهمية، مثل زهير نحاس».

وتابَع: «في هذا اللقاء أعلمَني بصورة مباشرة أنّه قادر من خلال إحدى المجموعات أن يقوم بأعمال «تلغيم» على المعابر الحدودية غير الشرعية شمالاً والطرق المؤدّية إليها، بحيث يعرقل التسلّل أو يمنعه».

– القاضي: «ألم تستغرب» حماسَه الزائد؟ فأجاب سماحة: «مبَلا، ولكن استغربت ولم أستغرب كثيراً نظراً لماضيه وكونه يتعاطى بالشؤون الأمنية». وأشار سماحة إلى أنّ الكفوري سبقَ وأعلمه بأنّ لديه مجموعات كونُه يعمل في الأمن لدى الصفدي، وأمن المجمع التجاري ABC، تأتي له بالمعلومات من كلّ لبنان، وأيضاً في «القوات اللبنانية»، فقاطعَه القاضي: «هلّق خلّينا بالـ ABC». وسأله ماذا طلب منك الكفوري مقابل هذا الشيء؟ لوجه الله؟ فأجاب سماحة: في ذلك التاريخ لم يطلب أيّ ثمن، ولا ثمناً شخصياً.

وأشار سماحة إلى أنّه استوضَح الكفوري عن سبب اختياره له شخصياً، فكان جوابه: «أثِق بك ولا أطلب مساعدة أمنية، إنّما بحكم علاقتك مع السوريين بوسعِك تأمين ما أحتاج إليه في التلغيم».

وفي لقاءٍ آخر، إثرَ عودة سماحة من السفر، ألحَّ الكفوري على رؤيته، وعاد وجدّد مطلبَه «أن يتوسّط سماحة لدى المسؤولين السوريين، على اعتبار «هول صحابَك، أنت بتَعرفن»، لافتاً إلى أنّ مجموعته جاهزة ومؤلّفة من أخوين من طرابلس.

«عم تِكبر العيلة»

وأوضَح سماحة أنّه زار سوريا حيث التقى العقيد عدنان في مبنى مكتب اللواء علي المملوك وأخبرَه بعرض كفوري إذا كان يهمّه، فاستمهله عدنان لدرس إمكانية المساعدة قائلاً: يهمّنا الموضوع لكنّ سياستنا لا تقضي بتنفيذ عمليات داخل لبنان، وهذا من واجب الدولة اللبنانية.

وهنا سأله القاضي: «عدنان بيَعرف الكفوري؟»، فنَفى ذلك سماحة، مشيراً إلى أنّ عدنان سأله ما إذا يثق به. وبعد عودة سماحة، نَقل أجواء الزيارة إلى الكفوري الذي أعلمَه بأنّ المجموعة توسّعَت وباتت تضم 3 أشخاص، فقاطعَه القاضي معلّقاً: «عم تِكبر العيلة». فضحكَ الحاضرون.

وخلال وجود سماحة في فرنسا في 13 تمّوز، اتّصل به الكفوري طالباً لقاءً سريعاً، فعُقد اللقاء في 21 تمّوز، إثر عودة سماحة، وفيه تسَلّم الأخير مغلّفاً يحوي ورقتين تضمّان قائمة مستلزمات تنفيذ التفجيرات». ولحظة استرسال سماحة في التفاصيل، وكأنّه يسرد ما جاء في المحضر، قاطعَه القاضي قائلاً: «أخبِرني وقائعَ ولا تسرد محضراً».

وعدّدَ سماحة الأهداف التي عدّدها كفوري «إذا في أجانب بَدّن ينضِربو»، «إثارة حال من الفوضى في المنطقة من خلال فتنة طائفية»، «خلقُ حال فوضى في منطقة المعابر في منطقة عكار»، وأضاف: «إنتقلَ للحديث عن التكاليف وخلُصَ إلى طلب 200 ألف دولار، وكانت المرّة الأولى التي يثير مسألة الكلفة المادية».

مباركة سورية

بعدها عاد وتوجَّه سماحة إلى سوريا في 25 و26 تمّوز والتقى العقيد عدنان الذي أعلمَه بموافقة مبدئية على مساعدة الكفوري، بعدما تسلّمَ من سماحة مغلّفاً بمستلزمات التفجيرات، وفي السياق عينه أشار إلى تخصيص 170 ألف دولار فقط لهذه العملية.

وكذلك التقى سماحة المملوك الذي أكّد له تكليفَ عدنان للتنسيق معه. مجدّداً عادَ سماحة إلى لبنان ووضَع الكفوري في أجواء زيارته، لافتاً إلى أنّه نسيَ طلبَ المسدّسين من عدنان مع كاتمين للصوت، وكفوري قال لي «إنّ جماعته تحضّر للتنفيذ… صِرنا تقريباً جاهزين».

وفي إطار سرد سماحة للأهداف، وتوقّفِه عند القرى العكّارية التي عدّدَها كفوري، قال: «بذكرُن؟ فأجاب القاضي: «لَاه لَاه بعدَك ذاكرن؟»، فردّ سماحة: «لحِنِّي قدّامي».

وفي معرض حديث سماحة عن التحضير للعمليات، سأله القاضي: «ألم تستغرب كلامَ الكفوري؟ فأجاب: «إستغربت ولكن «راسي مبرمج معه، وذهني في أنّ الاهداف هي المعابر، مسالك التهريب». ثمّ تابَع ذِكرَ الأهداف، بينها «إفطارات يَحضرها النواب…». فقاطعَه القاضي: «إفطارات على المعبَر؟»… فضحك الجميع.

تابعَ سماحة: «فوجئتُ ولكن اعتبَرت أنه يكَبّر الحجر بالنسبة إلى الأهداف، ولن يستطيع تنفيذها. ثمّ انتقلَ كفوري للحديث عن استهداف الطوائف…».

عاد سماحة مطلعَ آب إلى الشام والتقى بالعقيد عدنان الذي أعلمَه أنّ الأغراض ستكون جاهزة غداً، فجاءَ في اليوم التالي وتسَلّم الأغراض، وحَملها في صندوق سيارته إلى بيروت، أمّا مبلغ المال فكان في كيس خلف مقعدِه. بعد وصول سماحة إلى منزله في بيروت، تواصَل مع الكفوري الذي جاء متأخّراً ساعةً عن الموعد الذي اتّفق عليه عند الساعة 7:30 مساء 7 آب.

«توجّهنا إلى كاراج المنزل وهو مرتبك، أدخلَ سيارته قرب سيارتي ونقلنا البضائع». وبعد ذلك اللقاء توجَّه سماحة إلى منزله في الجبل، إلى حين صباح التاسع من آب عند إلقاء القبض عليه.

اختُتمت الجلسة على أن يستكمل الاستجواب في 21/01/2016.