IMLebanon

مفاجأة مرتقبة في إنتخابات بعلبك – الهرمل؟

كتب عيسى يحيى في صحيفة “الجمهورية”:

تكتسب الإنتخابات أهمية كبرى في حياة المواطنين بوصفها التعبير الأمثل عن إرادتهم التغييرية، ويشكّل قانون الإنتخاب العامل الأبرز لترجمة إرادة الناس في إختيار ممثليهم في الندوة البرلمانية، وبلورة التوازنات والأحجام للشرائح والأحزاب كافة.في إنتظار إقرار قانون جديد للإنتخابات المقبلة، تعيش محافظة بعلبك- الهرمل حالاً من الركود الإنتخابي، إذ إنّ التحرّكات المعلنة للأحزاب والقوى الفاعلة في المنطقة كما مرشحيها والتحالفات المرتقبة لا تزال قيد الكتمان، لمعرفة ما سيؤول إليه قانون الإنتخاب.

تمتد محافظة بعلبك- الهرمل على مساحة 3009 كيلومترات مربعة وتضم أكثر من مئة مدينة وبلدة وقرية موزعة على قضاءي بعلبك والهرمل، وبحسب إحصاءات وزارة الداخلية في الإنتخابات البلدية الأخيرة بلغ عدد الناخبين في المحافظة 303102 ناخب، ينتخبون عشرة نواب (6 شيعة، 2 سنّة، 1 ماروني، 1 روم كاثوليك).

وكما في كلّ لبنان، ومع إنتهاء الحرب الأهلية، جرت أول إنتخابات نيابية مطلع العام 1992 حيث إعتمد البقاع دائرة واحدة (البقاع الغربي وراشيا، زحلة، بعلبك الهرمل) وخاض “حزب الله” غمار الإنتخابات والحياة السياسية في البقاع وفاز بثمانية مقاعد من أصل عشرة في وجه الرئيس حسين الحسيني الذي تحالف مع حركة “أمل” آنذاك وخرق اللائحة مع النائب يحيى شمص.

كذلك جرت إنتخابات العام 1996 على القانون نفسه، ليبدأ بعدها تحالف “أمل” و”حزب الله” في إنتخابات العام 2000 أو ما سُمّي بإتفاق “المحدلة” بعدما تمّ تقسيم البقاع الى ثلاث دوائر.

التركيبة السكانية والطائفية والحزبية للمحافظة حكمت عليها على مدى الدورات النيابية السابقة بتركيبة سياسية لا يزال أسماء بعضها يتكرّر مع كلّ لائحة منذ العام 1992 حتى اليوم، وهو ما أفقد الحياة السياسية في المنطقة عامل التنوّع بحيث أصبح التمثيل محصوراً بجهة معيّنة. لكن تنذر طلائع المرحلة المقبلة بالتغيير نتيجة حال الإمتعاض السائدة جراء السياسة المتبعة طوال الفترة الماضية.

وما شهدته الإنتخابات البلدية لم يكن سوى بروفا للإنتخابات النيابية في نظر البعض، حيث تشكلت لوائح في معظم القرى والبلدات والمدن في وجه لوائح الأحزاب، وتحميل الأحزاب مسؤولية عدم تأمين حاجات المنطقة والاكتفاء بالوعود عند كلّ عملية إنتخابية.

وهنا ترى مصادر متابعة أنّ الإنتخابات وإن حصلت وفق قانون “الستين” لن تغيّر شيئاً، لأنّ العامل السكاني والتركيبة الطائفية هما الطاغيان، بحيث سينجح النواب السنّة والمسيحيون بالرافعة الشيعية، وهو أمر يحرم فئة كبيرة من الطائفتين التمثيل الصحيح، فيكون الناجحون من الذين يختارهم “حزب الله” وحركة “أمل” لا مَن يمثلون.

وتشير المصادر نفسها الى أنّ البقاع بأمس الحاجة إلى قانون إنتخابي عادل على أساس النسبية تتمثل فيه مختلف الشرائح، في حين يرى البعض أنّ أيّ قانون ستنتجه الطبقة السياسية لن يغيّر في الحال شيئاً بفعل التركيبة العددية للسكان وجمهور “حزب الله” الواسع في البقاع الذي ستكون له الحصة الكبرى.

وعن نقل مقعد سنّي ومقعد مسيحي من البقاع إلى مناطق أخرى، تستبعد المصادر هذا الأمر لما لذلك من تأثير في البيئة الشعبية وقضايا التشبث بالأرض والدعوات التي تطلق في هذا الشأن خصوصاً عند الطائفة المسيحية بعد الأحداث الأخيرة التي طاولت عدداً من بلداتها.

وتؤكد المصادر أنّ “القوات اللبنانية” قد حسمت بشكل شبه نهائي إسم مرشحها في المنطقة ولكنه يبقى قيد الكتمان في إنتظار وضوح صورة القانون الجديد ومصير الإنتخابات.

أما المرشحون السنّة فلا تزال الضبابية تلف هويتهم في انتظار مصير التحالفات المقبلة خصوصاً أنّ تيار “المستقبل” يحظى بشعبية واسعة في المنطقة، وما المرشحون المنفردون من الطائفة بحسب المصادر سوى مغرّدين خارج السرب لكسب مصالح ضيقة.

المرشح الوحيد المعلن حتى اليوم في بعلبك الهرمل هو خلدون شريف، الذي يقول لـ”الجمهورية”، إنّ المسؤولية تقع أولاً على عاتق المواطنين الذين إختاروا نواباً ينتمون إلى أحزاب، بحيث يعود هؤلاء إلى أحزابهم عند إتخاذ أيّ قرار ما إنعكس سلباً على العمل لمصلحة المنطقة.

أما العشائر والعائلات فكان دورها مهمشاً طوال المرحلة الماضية ما حرمها صوتاً تمثيلياً في البرلمان، وعليه كان هناك تهميش للعشائر على حساب الأحزاب ما ألغى دورها”.

ويضيف: “أما المسؤولية الكبرى فتقع على عاتق الدولة لغيابها إنمائياً وإعطاء الدور للأحزاب والقوى الفاعلة في المنطقة، ومعظم مَن هم في السلطة من أمراء الحرب، والدليل أنه عند كل حادثة أو إنتقاد لأيّ مسؤول يهدّدوننا بالشارع وهي ذهنية لا تزال موجودة منذ الحرب”.

ويرى شريف أنّ “الأحزاب ونتيجة لمصلحتها ستتحالف في وجه الشعب ضد مصالحه في الإنتخابات المقبلة”، سائلاً “عن إنجاز حققته القوى والأحزاب التي تمثل بعلبك الهرمل سوى جعل المنطقة ثكنة عسكرية فارغة”. ويضيف: “لماذا لا تعامل أسوة بالجنوب؟ فهي تملك كلّ المقوّمات الإقتصادية والطبيعية”.

ويطالب شريف بأن “يكون البقاع دائرة واحدة على أساس النسبية ليأخذ كلّ شخص حقه، وفي حال تمّ الإبقاء على قانون الستين فلتنصف المنطقة وعشائرها ويكون لها ممثلوها لتنقل همومها على مبدأ “أهل مكة أدرى بشعابها”.

ويبقى أن تتبلور صورة القانون الإنتخابي الجديد ومصير الإنتخابات الذي يراوح بين التأجيل حتى أيلول أو أكثر ليُبنى على الشيء مقتضاه، فيما يسأل البعض عما إذا كان السبب وراء الركود الإنتخابي إطمئنان القوى الفاعلة في المنطقة إلى النتائج مسبقاً.