IMLebanon

من يجرؤ على دخول المغاور اللبنانية؟ (بقلم رولا حداد)

لا أحد يعرف حتى الساعة ما إذا كان افتضاح أمر مافيات استيراد المشتقات النفطية لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان تم عن سابق تصوّر وتصميم أم حصل عن طريق الخطأ. ولا أحد يمكنه الجزم ما إذا كانت هذه الفضيحة ستصل إلى الخاتمة القضائية المطلوبة ورؤية جميع الفاسدين خلف القضبان على كل المستويات ومهما علا شأنهم، أم أنه ستتم لفلفة القضية سريعاً بإشراف مباشر من “حزب الله” الحريص على عدم انفراط عقد معسكره وحلفائه بشكل كامل، وخصوصاً أن فضيحة استيراد المشتقات النفطية تطال بشكل مباشر وزراء الطاقة المتعاقبين وفريق رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بشكل مباشر، سواء عبر المدير العام لمنشآت النفط سركيس حليس اللصيق بفرنجية والمتواري عن الأنظار حالياً، وسواء عبر الأخوين تيدي وريمون رحمة شركاء آل فرنجية من أعوام طويلة في عدد كبير من الشركات والمشاريع في النفط وغيرها.

الثابت والأكيد أن مغارة النفط واستيراده إذا ما تمّ فتحها على مصراعيها ستغرق معظم أركان الطبقة السياسية في لبنان الذين توزعوا المغانم بمئات ملايين الدولارات سنوياً طوال المراحل الماضية، فهل من يجرؤ على المضي قدماً في التعمّق في دهاليز هذه المغارة كإحدى مغاور الفساد الأساسية في لبنان، إضافة إلى مغاور الاتصالات والتهرّب الجمركي والضريبي عبر  المرافئ الشرعية كالمرفأ والمطار والمعابر الشرعية وغير الشرعية، إضافة إلى مغارة إدارات الدولة والتوظيفات العشوائية فيها؟!

إن الحكومة اللبنانية التي تستجدي اليوم قروضاً وبرامج من صندوق النقد الدولي و”سيدر” وغيرها، تلقى جواباً دولياً موحداً: الإصلاح أولاً. الإصلاح بالتنفيذ وليس بخطط ووعود. الإصلاح فوراً بوقف مسارب الهدر والفساد والصفقات، وقطاع استيراد النفط وبواخر الكهرباء من أبرز قطاعات الفساد والهدر في لبنان. فهل تتمكن الحكومة من التصدي والشروع في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة بشكل كامل أم تحاول لملمة صفوف فريقها برعاية مباشرة من الحزب منعاً لانفراط عقد حلفاء الممانعة؟

أما السؤال الكبير فهو أي قضاء سيتصدّى للفساد والفاسدين في ظل العرقلة المتمادية للتشكيلات القضائية التي أقرها مجلس القضاء الأعلى، وفي ظل عدم انتظار تسهيل إقرار القوانين اللازمة في الهيئة العامة لمجلس النواب بعد المجهود الذي تابعناه في اللجان في دراسة كل مشاريع واقتراحات القوانين المتعلقة باستقلالية القضاء ومحاسبة الوزراء أمام القضاء العادي؟!

إن ملف الفساد في قطاع استيراد المشتقات النفطية لا يمكن أن يمرّ مرور الكرام في بلد منهار، لأن هذا الملف يميل إلى تأكيد نظرية “كلن يعني كلن” بمعنى شراكة الطبقة السياسية في ملفات الفساد، فهل يُطلب من هذه الطبقة السياسية أن تُحاسب نفسها؟

أغلب الظن أننا لن ننتظر طويلاً قبل أن يتم تمييع القضية لمصلحة ملفات أخرى في حين يبقى الفاسدون الكبار خارج القضبان يتنعمون بالحمايات السياسية، وبالشراكة المستمرة في الفساد حيث لا مصلحة تعلو على مبدأ تقاسم الجبن والحصص في بلد ينزف وينهار!