ينقل زوار بكركي ان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لم ولن يستسلم ازاء العقم الحكومي في ملف التشكيل وهو يضغط باتجاه توفير المناخ لعقد لقاء مصالحة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري. ويضع الراعي اللقاء في اطار وجداني للمصلحة الوطنية وانقاذ لبنان، معتبراً ان “من العيب الاختلاف على أسماء أعضاء الحكومة في لبنان والدولة نفسها تكاد تسقط”. وطالب البطريرك الرئيسين عون والحريري باتخاذ القرار الشجاع والمسؤول لانقاذ الوطن. هو سأل في عظته أمس: “ألا تتلاشى العقبات الداخلية والخارجية أمام إنقاذ مصير لبنان؟ ما قيمة حكومة اختصاصيين إذا تم القضاء على استقلاليتها وقدراتها باختيار وزراء حزبيين وليسوا على مستوى المسؤولية؟ ما قيمة الحياد والتجرد والشفافية والنزاهة إذا تسلم الحقائب المعنية بمكافحة الفساد ومقاضاة الفاسدين وزراء يمثلون قوى سياسية؟”
وتضع اوساط في المعارضة المواقف التي اطلقها الراعي في سياق التحذير قبل فوات الاوان، حيث جدد دعوة رئيس الجمهورية والرئيس المكلف الى “اجتماع مصالحة شخصية، يجددان فيه الثقة التي تقتضيها مسؤوليتهما العليا، ولا ينهيانه من دون اعلان حكومة، وفقا لنص الدستور وروحه”، مشيراً إلى أن “ثمة صعوبات تعترض الجهود لتشكيل الحكومة، لكن الصعوبات الكبيرة تستدعي موقفا بطوليا”، وختم: “استفيدوا من هدوء العاصفة الشعبية لتتفادوا هبوباً من جديد”.
اوساط معنية بالحراك البطريركي تؤكد لـ”المركزية” ان البطريرك لن يوقف مسعاه، ويقوم باتصالات يومية بعيداً من الاضواء، لافتة الى ان الراعي قال موقفه امس بوضوح، خاصة في ما يتعلق بالحقائب المرتبطة بالقضاء والامن والتي يجب الا تنحصر في يد واحدة وجدد الدعوة الى تشكيل حكومة من اختصاصيين مستقلين عن الاحزاب، جازمة ان البطريرك ما زال “طاحشاً” في مبادرته والدليل انه لم يغيّر رأيه حتى بعد استقبال الرئيس عون في بكركي، مؤكدة أهمية التوقف عند أبعاد العظة.
وتطرقت الاوساط الى الاتصال الذي أجراه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالبطريرك والذي يعوّل عليه لأنه لم يكن مجرد اتصال للتعزية انما جرى خلاله التطرق الى الشأن السياسي. كما تلقى البطريرك أيضاً يوم الجمعة اتصالاً، بعد طول غياب، من رئيس المجلس السياسي في “حزب الله” ابراهيم امين السيد الذي عزّاه أيضاً برحيل شقيقه، كما تطرق الحديث بين الرجلين لمواضيع الساعة في لبنان.
من جهة أخرى، كشفت الاوساط، ان حركة اتصالات تتم عبر الموفدين بين بكركي وبيت الوسط من اجل تفعيل المبادرة البطريركية الهادفة الى تذليل العقبات من طريق تشكيل الحكومة، كاشفة عن اتصالات دائمة يقوم بها الوزير السابق سجعان قزي مع الوزير السابق غطاس خوري ومع شخصيات قريبة من الرئيس عون لتقريب وجهات النظر. إضافة الى التواصل الذي يتولاه المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم للتنسيق بين بعبدا وبيت الوسط.
ورأت الاوساط ان الوضع غير مريح، خاصة بعد الكلام الذي قاله رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في مؤتمره أمس عندما نقل الوضع من تأليف الحكومة إلى عقد مؤتمر تأسيسي، وهذا معناه ان لا حكومة في الوقت الحاضر، لافتة الى ان الرئيس الحريري لا بد الا ان يطرح وجهة نظره من الموضوع، لأن باسيل لم يكن يتحدث امس باسمه الشخصي. فهل يستفيد عون والحريري من “هدوء العاصفة الشعبية” لعقد لقاء مصالحة وتشكيل الحكومة بدفع من اكثر من وسيط؟