IMLebanon

ناغورني كاراباخ… متى تنتهي مأساة “الإقليم الملتهب”؟

كتبت يولا هاشم في “المركزية”: 

شنّ الجيش الأذري هجوماً الثلاثاء على منطقة ناغورني قره باخ الانفصالية، التي تسكنها أغلبية من الأرمن وكانت مسرحاً لحرب عنيفة في العام 2020 سمحت لباكو باستعادة أجزاء كبيرة من الأراضي هناك.

بعد 24 ساعة فقط من القتال، استسلم الانفصاليون الارمن أمام قوة نيران باكو وفي ظل عدم مساعدة يريفان، وبدأت المفاوضات في اليوم التالي بوساطة موسكو، لإعادة إدماج الأراضي الانفصالية في أذربيجان، وذلك في وقت تقطّعت السبل بأكثر من 100 ألف شخص. فمتى تنتهي مأساة هذا “الاقليم الملتهب”؟

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يقول لـ”المركزية”: “تشير المعلومات الاخيرة الى أن عصابة كاراباخ سلّمت سلاحها لقوات الفصل الروسية وفقا لمطالب باكو. ويبدو أن الاتفاقات، في حرب كاراباخ الثانية، فشلت في التوصل الى حل القوة الدولية الروسية المنتشرة في منطقة ناغورني كاراباخ او القسم الذي لم يسقط في العام 2020 تحت سيطرة الجيش الاذربيجاني. وبغض النظر اليوم عن تذرّع اذربيجان بأن هناك مناوشات ولغماً ومجموعة عسكرية دخلت، لكن علينا ان نعلم جيدا ان اذربيجان اعلنت موقفا واضحا بأنها تريد تجريد العصابات الارهابية المتواجدة على ارضها من السلاح، خاصة ان هذه المجموعة منذ ايام قامت بانتخابات رئاسية غير معترف بها وانتخبت رئيساً”.

ويضيف: “اليوم ترى اذربيجان ان الظروف الدولية تسمح لها، بسبب ضعف موسكو وانشغال الولايات المتحدة وفرنسا بالأزمة الاوكرانية، بتنفيذ عملية عسكرية بغض النظر عن الذرائع التي تشير اليها. العملية لم تُنفَذ، كما الاتفاقات والجولات التي حاولت بروكسل وواشنطن وموسكو التوصل اليها، لعدم رغبة هذه الاطراف في الوصول الى اتفاق فعلي ينهي مشكلة ارمينيا. وبالتالي يقول رئيس وزراء أرمينيا نيكول بشينيان بأن “هذا الحادث بالرغم من اعتراضنا عليه وبالرغم من ان العملية العسكرية تخالف الاتفاقات، لكن لا بد من القول اننا لن ندخل كأرمينيا في معركة مع اذربيجان من اجل كاراباخ التي يجب ان تُحَل وفقا للاتفاقات التي تمت في ما بيننا وهو تعهد اذربيجان الابقاء على هذه المنطقة تحت السيادة الاذربجانية لكن ضمن تأمين الحقوق الفعلية لهذه البقعة الجغرافية ولسكانها ولأن هذه المنطقة يجب ان تؤسس لسلام فعلي لا ان تمارَس ضدها حصارات، لأن روسيا لم تستطع فك الحصار عن الممرات التي تم الاتفاق عليها ،في الاخص معبر لاتشين الذي يعتبر المنفذ البري لوصول المساعدات الانسانية الى سكان ناغورني كاراباخ”.

ويشير العزي الى ان هناك اختلافا فعليا بين عصابة ناغورني كاراباخ الممولة من روسيا والدولة الارمنية التي لم تعترف باستقلال هذه الدولة وانما تحافظ على حماية وحقوق الارمن كشعب وليس تأسيس دولة ارمنية ثانية الى جانب ارمينيا تفرض وجودها بسبب مساعدات ايرانية وروسية وتتحمل اعباءها ارمينيا. يرفان تعلم جيدا بأن ضغوطا كبيرة مورست عليها من روسيا المسؤولة عن الازمة والتي لم تتدخل لحل هذه المشكلة، وبالتالي هي من أجاز فعليا بيع صفقة سلاح كاملة لأذربيجان عام 2020 للدخول في معركة عسكرية لاستعادة قسم كبير من اراضيها بسبب ظهور حقول غاز في هذه المنطقة ولا يمكن اخراجها إلا بتأمين 40 كلم بعيدا عن الارمن وبالتالي محاصرة ستيباناكيرت عاصمة ناغورني كاراباخ”.

ويعتبر العزي ان “ما نشهده في ناغورني كاراباخ هو اقرار فعلي اذربيجاني بالتخلص النهائي من الازمة الاوكرانية وما صرح به الرئيس الاذربيجاني إلهام علييف منذ ايام بأن الازمة الكراباخية تحل فورا فور استسلام هذه المجموعات والبدء بحوار فعلي بين اذربيجان وارمينيا على وضعية كاراباخ ضمن الحدود والاراضي الاذربيجانية كما كانت عليه سابقا قبل ان يقدمها الاتحاد السوفياتي هدية خاصة كنظام حكم مستقل يرضي ويشتري الحزب الشيوعي الارمني للاستفادة منه في التصويت في المكتب السياسي. وهنا يمكن مقارنة قصة ستيباناكيرت بالقرم حيث تقع المسؤولية على الشيوعيين السوفيات، وروسيا استغلت هذه المشاكل بدل حلها إلى جانب حليفيها الطرفين”.

ويتابع: “لكن كما يبدو في هذه الفترة، فقد فهمت يرفان ان الاتفاق بينها وبين روسيا اصبح بعيد المدى وانها ذاهبة للتوقيع على الاتفاقية الجنائية لحقوق الانسان، وهذه بطاقة رفعت في وجه موسكو خاصة ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحضر لزيارة العاصمة الارمنية، وهذا يعني ان في حال توقيع الاتفاقية قبل الزيارة، فإن بوتين سيمنع من الذهاب الى العاصمة التي كان يعتبرها في جيبه الصغير اضافة الى ان اذربيجان رفضت الوساطة من منظمة الامن الجماعي التي تحاول ان تفرض نوعا من قوة امنية مشتركة تساعد في نشرها بين المتحاربين وهذا يعني ان هذه القوة بالاساس واغلبها آسيوي لن تقف الى جانب ارمينيا بهذا الحل وستعيش روسيا مشكلة جديدة مع هذه المجموعات القريبة منها. من هنا التزمَت الصمت وشاهدنا تجمع الاهالي في ساحات يريفان امام البرلمان، ما ينذر بأن هناك حالة اعتراضية وصفقة قد تحاول روسيا ابرامها لاسقاط باشينيان وبالتالي يمكن ارضاء اذربيجان بالاراضي مقابل تغيير النظام. لكن بشينيان لن تخيفه هذه التحركات وهو صمد بوجهها مرتين وهذا الافتعال هو من كل قيادات وجمهور احزاب موالية لروسيا في كاراباخ وبعض الموالين في ارمينيا لكن استطاع ان يصمد، هو يتجه غربيا ويفتش عن مكان له في الاتحاد الاوروبي ويبرم وساطة مع بروكسل ولن يكون النقطة السوداء بفتح دولته ارمينيا لتكون نقطة تهريب والتفاف على عقوبات الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الاميركية وان تضع اميركا نفسها في عملية المواجهة مع الغرب”.