IMLebanon

مذابح غزة وخنجر «بروتس»

ما دام أنَّ الشك مذهب من مذاهب الفلسفة، فهل يحقّ لنا أنْ «نتفلسف» مرّةً واحدة لنسأل: ما إذا كانت إسرائيل تتعامل مع بعض العرب وتنظيماتهم لتدمير العرب، حتى لا نتهم بعض العرب بالتعامل مع إسرائيل؟

وبالرغم من أن علم النفس يرى: أنَّ استمرار الشك من دون وضوح اليقين يرجِّح ثبوت التهمة.. فإني، معاذ الله أنْ ألصق تهمة الخيانة القومية بأحد، ولا أتّهم أحداً بالتواطؤ المقصود، ولا أرشق أحداً بقمر فيه شيء من الشوك وشيء من الشك، بل أتساءل: كيف؟ ولمصلحة من؟

ولخدمة أي قضية أو عروبة أو قومية وبتدبير أي عقل وأي مؤامرة، وبسحر أي ساحر، يتفجّر العالم العربي كلّهُ على كلِّهِ دفعة واحدة بزلازل النار، وتلاؤماً مع كلّ زلازل عدوه على بعضه الأعمق في غزّة؟

وما لك إلا أن تطالع النشرة الأمنية للدول العربية لتواجهك أرقام مخيفة من مئات الأبرياء يتساقطون يومياً في حرب العرب على العرب، وتبهرك احتفالات المزاد العلني بدحرجة الرؤوس إبتهاجاً كأنك في حصاد المواسم لا في حصاد الجماجم.

ولوْ لمْ يلِّوح بعضهم باللون الأحمر للثور الهادئ، بهدف التقاط آخر نقطة حياء من ماء الوجه العربي لما وقعت مواجهة في غزة، ما دامت إسرائيل تعتمد على خنجر بروتس الروماني لاغتيال القيصر الروماني، وما دامت تتفرّج بافترار ثغر واغتباط صدر على «روما» العربية وهي تحترق، ودولٌ الممانعة الغارقة في بحور الدم، لنْ يكتب لها النهوض من احتضارها لمحاربة العدو التاريخي مغتصب الأرض ومنتهك العرض، وقد تموت أجيال وتولد أجيال ويظل خير الدين أسوأ من أخيه.

هل يعلم القادة العرب والمحاربون العرب، والفرسان والفقهاء والعلماء والمفكرون والأدباء أن الرؤساء المستترين للتنظيمات «الداعشية» هم من الأجانب، ومثْلُهم بعضٌ راجح من المقاتلين؟

وهل يعلمون أن الأعمال الرهيبة والمستغربة والمفجعة التي تمارس باسم الدين، هي أحد بنود الخطة التي تستهدف تفجير الدين من داخل الدين، لأن الدين هو الحلقة العقائدية الجامعة للدول العربية ضد إسارئيل؟

ولعلّ تدمير المقامات وتدنيس المقدسات وتهجير الجماعات، هي محاولات تؤول الى تطهير عربي عرقي تكون نتائجه شبيهة بنتائج المحرقة الألمانية للجماعات الصهيونية.

وأمّا السؤال عن الحل: فقد سقطت دونه المعالجات السياسية، وتتهالك دونه المواجهات العسكرية، ويسقط معه الإسلام المعتدل إذا ما ظل يتصدى للتطرّف الهمجي بالشجب والإستنكار.

لعلّ الحلّ يكمن في مواجهة صارمة بين حقيقة الدين وهرطقة الإنحراف، وفي النزول الى الميدان بالمصاحف المرفوعة وفق خطة مدروسة تتولاها المرجعيات الروحية والسياسية الفاعلة في أرجاء العالم العربي.

وخذوا سرَّهم من مِصْرهِمْ: في مصر لم تفلح الإعتراضات المنبرية في كبْح جماح الإخوان المسلمين، لو لم تكن هناك مواجهة جذرية على يد عبد الفتاح السيسي، فتعلَّموا أن تكونوا «سيسيّين» حتى لا تسحقكم آلة «الداعشيين».