IMLebanon

بعد الاصطفافات السياسية والانتخابية الجديدة خطاب الحريري إنتخابي هادئ في جو متأزم

 

جاء خطاب رئيس الحكومة سعد الحريري لمناسبة ذكرى استشهاد الرئيس الراحل رفيق الحريري يوم الاربعاء الماضي، هادئ النبرة السياسية العامة، برغم كل الاجواء التي تشير الى تأزم سياسي بينه وبين بعض المكونات السياسية ولا سيما علاقته بـ«حزب الله» بشكل عام، لكنه اكتفى بالتأكيد على «ربط النزاع» مع الحزب وعدم التحالف معه في الانتخابات المقبلة، بل العكس، حيث اعلن المواجهة الانتخابية ضده وهو أمر ليس بجديد، لكنه جاء ضمن سقف التهدئة، ما عدا توجيه الرسائل القاسية الى من تركوه وتركوا خيار الاعتدال ممن وصفهم «كتبة التقارير».

خطاب الرئيس الحريري كان ذا توجهات وطنية عامة وبلهجة شعبوية وانتخابية لمرحلة مقبلة، استعاد فيه نهج رفيق الحريري السياسي والانمائي والاقتصادي، وهو مؤشر الى استعادة التحالف السياسي والانتخابي مع الحزب التقدمي الاشتراكي، والى المصالحة مع الرئيس نبيه بري، وجديد الخطاب تلافى اية اشارة الى «التيار الوطني الحر» تمهيداً لتثبيت التحالف السياسي والانتخابي معه، خاصة بعد تأكيده على وحدة الموقف مع رئيس الجمهورية ميشال عون.

وفي هذا الكلام مؤشر على وحدة رموز وأركان الحكم، وان الكتلة النيابية للحكم بعد الانتخابات النيابية ستكون هي القوية لا غيرها، بينما ترك هامشا ضيقا لتجديد العلاقة مع القوى الحليفة السابقة، من «قوات لبنانية» و«كتائب» وسواهما، فلم يوجه أية كلمة اليهم تنم عن توجه لتصحيح العلاقة، بل العكس، كانت «الاخطاء البروتوكولية» بحق ممثلي «حزب الكتائب» وآخرين الذين حضروا المناسبة بمثابة استكمال للقطيعة، برغم احتمالات ضعيفة للتحالف الانتخابي في بعض الدوائر بحكم المصلحة الانتخابية لا السياسية.

واستعاد الرئيس الحريري في خطابه عصب «تيار المستقبل» كقوة اساسية كانت رافعة لـ«قوى 14 اذار» سابقاً، وهو ركز على انه تيار عابر للطوائف والمناطق، لاستقطاب او للحفاظ على المناصرين من غير الطائفة السنّية، ولعل حشد التيار لمناصريه في الاحتفال دليل على توجهه لاستنهاض عصبية التيار السياسية في الانتخابات ولتكون القاعدة الشعبية الصلبة والواسعة التي يستند عليها بعدما خذله بعض حلفائه.

ولهذا كان من الطبيعي ان يتوجه الحريري الى الحضور بخطاب وطني جامع وهادئ في شعاراته الوطنية والسياسية وحتى العاطفية والوجدانية، كونه سيخوض منافسات انتخابية صعبة في عدد من المناطق ومن دون «مال انتخابي»، ستمهد لمرحلة سياسية جديدة بعد الانتخابات، قد تُترجم شكلا جديداً للحكومة المقبلة، التي يعتبرها ايضا الرئيس ميشال عون حكومة العهد، لا الحكومة الحالية.

خطاب الحريري كان تعبيراً واضحاً عن حصول اصطفافات سياسية جديدة وليس اصطفافات انتخابية فقط، لكنه كان حريصاً برغم إعلان الاختلاف مع هذا الطرف او ذاك، على تأكيد متانة السلم الاهلي، وحصر الخلافات والاختلافات ضمن الاطر المؤسساتية الدستورية، من دون ان يقفل باب الحوار، وفي ذلك مصلحة سياسية لاحقة له وللعهد الحليف، لضمان الاستقرار السياسي الذي يمكّنه من العودة الى رئاسة الحكومة، او على الأقل الحصول على تحالف سياسي برلماني جديد يستطيع من خلاله ايصال خططه وبرامجه السياسية والاقتصادية الى نهاياتها السعيدة، حتى لو لم يصل الى رئاسة الحكومة.

وستشهد التحالفات الانتخابية في بعض الدوائر لا سيما في الشوف وعاليه والبقاع الغربي وزحلة وبيروت، على توجه الحريري نحو استعادة وجود نيابي يبقيه قوياً داخل اللعبة السياسية برغم تعدد الخصوم و«كتبة التقارير».