IMLebanon

 أيّ سياسة خارجية للرياض في عهد الملك سلمان؟

إنشغل الاعلام العربي والاجنبي أمس بالحديث عن ترتيبات انتقال العرش الملكي الذي حصل بسلاسة لافتة في المملكة العربية السعودية إثر وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود، ولم يتطرّق الى ما يمكن ان تكون عليه السياسة الخارجية للمملكة في عهد الملك الجديد سلمان بن عبد العزيز.

يقول مطلعون على شؤون المملكة إن السلاسة في انتقال العرش من الملك الراحل الى الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وتكريس الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود وليّاً للعهد وتعيين وزير الداخلية الامير محمد بن نايف وليّاً لوليّ العهد، يعكس توافقاً داخل الاسرة المالكة سيؤمن استقراراً في الحكم، خلافاً لتوقعات معاكسة روّجها البعض اثناء حكم الملك الراحل.

ويقول هؤلاء انه في موازاة هذا الاستقرار سيكون على القيادة الجديدة للمملكة مواجهة الملفات والأزمات المشتعلة التي تحوط بها من اليمن الى البحرين فالعراق وسوريا وصولاً الى لبنان.

ولذلك، فإنّ النقاش الحقيقي الذي لم يغص به الاعلام ولا المهتمون بشؤون المنطقة سيدور في قابل الايام حول الاسئلة الآتية:

هل انّ الملك الجديد وادارة حكمه ستكون في صدد اعادة النظر في السياسة الخارجية للمملكة على المستويين الاقليمي والدولي؟ بمعنى هل انّ المملكة ستعيد النظر في موقفها من الملفات المتعلقة بالعلاقة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية وأزمات سوريا واليمن والعراق ولبنان والبحرين ام انها ستستمر في السياسة نفسها الحالية التي تتبعها إزاء هذه الازمات؟

ويقول هؤلاء المطلعون انّ الموقف السعودي من الملف العراقي لن يتغيّر لأنّ المملكة ستستمر في تشجيع حكومة حيدر العبادي على اتخاذ مزيد من الخطوات التي تحقق مزيداً من التوازن في السلطة، وذلك في موازاة انخراطها في التحالف الدولي الذي يحارب تنظيم «داعش» وأخواتها في العراق وسوريا.

وفي الملف السوري هناك حضور سعودي قوي ولم يتزحزح عن الموقف الداعي الى حلّ سياسي للأزمة السورية يستبعد الرئيس بشار الاسد عن السلطة على رغم المبادرة الروسية الهادفة الى جمع النظام والمعارضة على طاولة حوار توصّلاً الى حل سياسي للأزمة، ولم يتأثر موقف الرياض بالمواقف الاخيرة للادارة الاميركية التي اكدت فيها اصرارها على ان يكون الاسد حاضراً في المفاوضات الهادفة الى إيجاد حل سياسي للأزمة على رغم عدم اعترافها بشرعيته بعد مضيّ نحو أربع سنوات على بدء الازمة.

وفي الملف اللبناني هناك حضور سعودي قوي وفاعل ومباشر ومن خلال أفرقاء سياسيين، كذلك من خلال الدعم الذي تقدمه المملكة للبنان في مختلف المجالات، وآخرها هبة الاربعة مليارات دولار التي قدمتها للجيش والقوى الامنية اللبنانية، ما يعني انّ السياسة السعودية لن تتغير، علماً انّ الملك سلمان معروف بحبّه لهذا البلد الى درجة انّ البعض من السياسيين اللبنانيين والسعوديين كان يسمّيه يوم كان أميراً بـ«أمير اللبنانية الزائدة»، وهو يؤكد دوماً «انّ المملكة ليست لفئات أو اخرى من لبنان، بل هي للبنان كله».

امّا في ملف العلاقة مع ايران، فعلى رغم ما يحكى عن استمرار التواصل بين البلدين عبر أقنية ديبلوماسية وغير ديبلوماسية مختلفة، فإنّ الطافي على سطح المواقف يشير الى أنّ الخلاف بين الجانبين ما زال مستحكماً، وقد ارتفعت وتيرته منذ أواخر العام الماضي نتيجة الاحداث التي يشهدها اليمن والناجمة من اتساع نفوذ حركة الحوثيين الذين يحظون بالدعم الايراني.

ولا يتوقع ايضاً ان تتغير السياسة السعودية تجاه الازمة في البحرين، فالمملكة أدخلت قوات «درع الجزيرة» الى تلك البلاد في بداية الازمة تلافياً لـ«مخاطر إيرانية» شعرت انها يمكن ان تتهددها، خصوصاً انها تشتبه بوجود دعم ايراني للمعارضة البحرينية، إذ انّ هذه الجزيرة متشاطئة مع المنطقة الشرقية في المملكة التي تشهد بعض الاضطرابات من حين الى آخر، علماً انّ البحرين ترتبط بالاراضي السعودية

بواسطة جسر الملك فهد البحري الممتد بين العاصمة البحرينية المنامة ومدينة الخبر السعودية.

لكن البعض لا يستبعد ان تكون للملك سلمان مبادرات، على غرار المبادرات التي اشتهر بها الملك الراحل، خصوصاً في ضوء المخاطر التي بدأت تهدد كل الدول العربية من المشرق الى المغرب، بحيث تؤدي هذه المبادرات الى إعادة إحياء النظام العربي.

كذلك، لا يستبعد ان يكون من ضمن هذه المبادرات تطبيع العلاقات مع إيران، خصوصاً اذا تمّ التوصّل في الاشهر المقبلة الى اتفاق شامل على الملف النووي الايراني وحدود نفوذ دول الإقليم وأدوارها.