IMLebanon

الأستانة… مكانك راوح

إنعقَد في العاصمة الكازاخستانية مؤتمر أستانة للتفاوض بشأن الأزمة السورية، في 24 الجاري، بحضور وفدَي المعارضة والنظام السوري، ومشاركة وفود من تركيا وإيران وروسيا والأمم المتحدة. خرَج المؤتمر بتوصيات لإنهاء الصراع ووقفِ إطلاق النار، وأكّد فيها كلّ من روسيا وإيران وتركيا، الاستعدادَ لمحاربة الإرهاب في سوريا بشكل مشترك.

أشاد الكرملين، بمحادثات السلام في سوريا التي أجريَت في كازاخستان، ووصَفها بـ«الناجحة»، مُشيراً إلى أنّه من المحتمل إجراء المزيد في المستقبل إذا تطلّبَ الأمر. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف خلال مؤتمر عبر الهاتف بأنّه «يعتقد أنّ المحادثات، قد تساعد في دفعِ المفاوضات المتعثّرة بوساطة الأمم المتحدة في جنيف».

وعلى رغم التفاؤل الذي خرَج به داعمو المؤتمر في الأستانة، إلّا أنّ الواقع على أرض المعركة في سوريا، يُظهر العكس. فالقتال لا يزال مستمرّاً، وموازين القوى العسكرية لم تمِل إلى إية دفّة، ما يُنذر بأنّ نهاية الصراع بعيدة جداً، بسبب مجموعة من العراقيل التي تَحول دون تطبيق التوصيات.

لا يمكننا فصلُ الصراع الدائر في سوريا عن ما يجري في المنطقة، وعن حالة الانتظار لِما ستكون عليه سياسات الرئيس الأميركي ترامب حول المنطقة. لذلك، وضعت مجموعة من العراقيل، هدفت لإفشال هذا المؤتمر، أبرزُها:

– التباين الروسي – الإيراني، الذي انفجَر على خلفية الدعوة التي وجّهها لافروف، إلى الولايات المتحدة الأميركية للمشاركة في أعمال المؤتمر. كما وأنّ إيران تتوجّس من التقارب الروسي – التركي، ومن عدمِ اعتراض روسيا على مطالبة تركيا سحبَ المسلحين غير السوريين من سوريا. في إشارة إلى الميليشيات المدعومة من إيران، لهذا تُحاول إيران وضْع العراقيل أمام هذا الاستحقاق.

فيما يبدو الجانب الروسي متمسّكاً بإيجاد حلّ واقعي للأزمة، ويُدرك جيداً أنّ ذلك لن ينجح، من دون الأخذ في الاعتبار مواقفَ الدول الإقليمية، خصوصاً تركيا، والدولية.

– أميركا مع إدارة أوباما مهمَّشة في المعادلة، والغرب لم يعُد هناك. اميركا التي راهنَت على الجماعات المسلّحة غير النظامية، سَقطت في شركِ الانقسام والتشرذم وقتال بعضها البعض، ما أضعفَ وطأتَها أمام قوات الأسد المدعومة بقوة من روسيا وإيران.

إلّا أنّ وصول ترامب إلى سدّة الرئاسة الأميركية، والغموض الذي يحيط بسياساته تجاه سوريا والمنطقة، دفعَ بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لعدم التسرّع في البناء على نتائج الأستانة، على رغم الأجواء الإيجابية التي حاوَل بثَّها بعد المؤتمر.

– الأكراد الخاسرون الكبار من المعادلة. فالتقارب التركي الروسي قلبَ المقاييس على الجانب الكردي، فأصبحوا كبشَ محرقة في الصراع الدائر. لذا، فهُم من المعارضين مسبَقًا للتوصيات، خصوصًا وأنّهم قاب قوسين من تحديد دولتهم الكردية.

في تقرير تحت عنوان «لعبة الخرائط في سوريا» في صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، ذكر «أنّ الرئيس أردوغان، فهِم أخيراً أهمّية أن يجلس ببلاده على طاولة المنتصِرين في سوريا والشرق الأوسط، المتمثّل في روسيا وإيران»، ما يُظهر أنّ أردوغان يحاول أن يلعبَ دور الوصيّ على الجماعات المعارضة في سوريا، من أجل أن يصبح له كلمة في مستقبل هذه الجارة، وهذا يعني ضمانَ نفوذ خارجيّ لبلاده.

أخيراً، مؤتمر الأستانة، وما يجمع حوله من تناقضات، بما في ذلك أسباب انعقاده، ونوايا الأطراف الداعمين له، قد يَحمل الكثيرَ من الآمال والرغبات، لكنّ نتائجه الفعلية لم تتخطَّ التمنّيات.

هذا ما أكدّه وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف في كلمة له أمام منتدى دافوس: «علينا عدم انتظار اختراق في أستانة، يجب أن نكون متواضعين في ما نتوقّعه، لكنّنا نأمل في الحصول على تثبيت نظام وقفِ إطلاق النار، وجعلِه يشمل جميعَ الأراضي السورية».