IMLebanon

هل يمكن المراكمة على لقاء المؤسسات المارونية في بكركي؟

«استهداف» المسيحيين بين السياسة والأرقام والمسؤوليات

هل يمكن المراكمة على لقاء المؤسسات المارونية في بكركي؟

قبل نحو أسبوع، ترأس البطريرك الماروني بشارة الراعي اجتماعا في بكركي ضم ممثلين عن المؤسسات والجمعيات والهيئات «المرتبطة بالبطريركية المارونية بطريقة او بأخرى»، كما اشار الراعي نفسه، معتبرا هؤلاء «قوّة في الكنيسة والمجتمع اللبناني، وفي النطاق البطريركي وبلدان الانتشار، تساعد البطريرك على إتمام جزء كبير من مسؤوليّاته الكنسيّة والاجتماعيّة والوطنيّة».

كان الهدف من اللقاء التنسيق بين هذه المؤسسات والتأسيس لاستراتيجية او خطة عمل مشتركة تتكامل فيها الادوار. آخذين في الاعتبار»مجريات الأمور الاقتصادية والاجتماعية والسياسيّة والوطنية، محلّيًا وإقليميًّا».

تفاوتت آراء المشاركين في اللقاء. منهم من اعتبره رائدا ويمكن البناء على تنوعه ومروحته الواسعة وتخصصات اهله المتنوعة؛ ومنهم من رأى فيه خطوة شكلية لن يكون لها ما يليها، خصوصا أن التنسيق والعمل المشترك ليسا من «الطبائع المارونية».

سواء كان لهذا اللقاء ما يليه ام لم يكن، لا يمكن تجاوز فكرة «الحراك» المتراكم في الاوساط المسيحية عموما والمارونية تحديدا. وهو ليس بحراك مستجد. يعود في احد وجوهه الى أواسط التسعينات، لحظة انبرت الكنيسة المارونية برئاسة بطريركها التاريخي نصرالله صفير الى رفض فكرة الاحباط ومحاولة البحث عن مخارج من الواقع السياسي المأزوم والاقتصادي المتراجع، متحدية سلطة الوصاية السورية. يتذكر النائب فريد الخازن تلك المرحلة «حيث كان استهداف المسيحيين، السياسي والديموغرافي والاعلامي، سمتها الاساسية». مشيرا الى «قيام عدد غير قليل من اللقاءات والتجمعات الصغيرة او المتوسطة للنقاش والتحاور ووضع التصورات ورفض الامر الواقع».

لم ينجح اي من اللقاءات في بلورة خطاب سياسي جامع الى ان كانت رافعة الكنيسة في بيانها الشهير عام 2000، ظللت من بعده «لقاء قرنة شهوان». استعاد المسيحيون في تلك الفترة احساسهم بالقدرة على التأثير والمراكمة للتغيير. «كان ثبات بطريركهم، رغم كل محاولات التدجين، استثنائيا»، على ما يقول الخازن، مؤكدا أن ذلك «أعطى دفعا للشباب للعودة تدريجا الى الانخراط في الشأن العام وبلورة الافكار وترجمتها ببعض التحركات او اللقاءات، في محاولة التأثير في الحياة السياسية».

وكانت الـ 2005 وزلزال اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، واكبر هزاته الارتدادية التي تمثلت بخروج الجيش السوري من لبنان. بحسب الخازن «لم يترجم ذاك الحدث الكبير على المستوى الوطني المطلوب». وبعد استعراض سريع لمراحل عودة الاحزاب السياسية المسيحية الى الانخراط في الحياة السياسية، يخلص الخازن الى التأكيد «صرت مقتنعا، كما كثير من المسيحيين، أن هناك استهدافا متواصلا للمسيحيين ودورهم وحضورهم، وان اختلف في الشكل». يستند الى ما يجري في موضوع رئاسة الجمهورية وتعاطي «المستقبل» مع ترشيح العماد ميشال عون وسليمان فرنجية. يقول «كنت احاول ان اتفهم رفضهم للعماد عون على اعتباره من الخط السياسي الذي يخاصمونه. أما أن يرشحوا النائب فرنجية، فهذا لا يستند الى أي منطق وحجة سياسية سوى رفضهم لرئيس قادر أن يكون مستقلا ولا يخضع للابتزاز». هذا الاستهداف، بحسب الخازن، هو «ما يجعل المسيحيين يبحثون عن اطر متنوعة سياسية واقتصادية واجتماعية لرفض تهميشهم واستهدافهم».

عن التهميش والاستهداف والاقصاء يتحدث مطولا رئيس مؤسسة «لابورا» الاب طوني خضرا، الذي كان احد المشاركين في اجتماع بكركي. لكنه يحمّل المسيحيين مسؤولية متساوية مع الآخرين في ما وصلوا اليه. يقول»ليس الآخرون مسؤولين دائما عن أزماتنا. فنحن علينا ان نبادر وننخرط في الشان العام والمؤسسات العامة. فليس مقبولا في اي معيار من المعايير هذا الانسحاب المسيحي من الوظيفة العامة». يقول «في القطاع العام 330 ألف موظف. منهم 100 ألف متقاعد. 100 ألف عسكري و130 ألف موظف مدني، بينهم 40 ألفا مثبتون و90 الفا مياومون او بالفاتورة. كلفة هؤلاء السنوية بين الرواتب والتعويضات والطبابة نحو 13 مليار دولار. يدفع المسيحيون نحو 62 في المئة من مجموعها فيما يستفيد 12 في المئة فقط من المسيحيين منها».

يعتقد لابورا أنه «لا بد من اعادة ترتيب الاولويات في البيت المسيحي والتشديد على دور المسيحيين وحضورهم والرسالة المؤتمنين عليها. وهذا ليس شعرا انما له ترجماته وآلياته العملية لمن يرغب بالعمل».