IMLebanon

وجعلنا من إلياس الشاهد على جرائمهم

 

لا ينفكّ صوته يتردّد داخل رأسي.. أكاد أسمعه يصرخ برفاقه أنزولني.

 

ضاق ذرعاً بتابوته الأبيض… لِذا صرخ بهم، علّهم يفهمون أن الإستعراض إنتهى.. وأنّ العمل الجدّي بانتظارهم. عاد يصرخ: يجب أن تسمعوني، إكشفوا الغطاء قليلاً ليصل صوتي.. وانصتوا..

 

فأنا لم أعد فتى.. كبرت كثيراً. أنا إلياس بسام الخوري.. وأنا الشاهد.. ويجب أن أنقل شهادتي إليكم وليس الى أي محكمة دولية.. أو تحقيق دولي.. يا رفاقي حملة التابوت الأبيض.. عليكم أنتم أن تكبروا وانتم تحملون التابوت، وتكونوا القضاة وتحاسبوا. انتم وليس آباؤكم.

 

أو ستلتحقون بي فرادى وجماعات.. سيصطادونكم كما اصطادوني.

 

لذا، يجب أن تحاكموهم وتدينوهم. لا تنتظروا كفاية الأدلّة. الأدلّة متراكمة، ويتجاوز حجمها مبنى الإهراءات الذي انفجر وفجّر حياتي.

 

أن تحملوني في التابوت يعني أمراً واحداً، وهو أنّهم “كلّن يعني كلّن” مذنبون بجريمة موصوفة ارتكبوها عن سابق تصور وتصميم، وهدفهم يتجاوزني ليشملكم. لديهم اليقين بأننا نحن نجسّد إحتمالات تُهدّد وجودهم واستمرارهم في جرائمهم.

 

هم يستكثرون علينا أن نعيش ونحلم ونطمح. المطلوب بالنسبة لهم يجب أن نموت أو نغادر، أو نتصارع في ما بيننا لحسابهم. فهذه الأرض لا تتّسع لهم ولنا، ذلك أنّ الفساد الحالي والإجرام الحالي ومصادرة البلاد لحسابهم لم تؤدّ حتى اللحظة نتائجها المرجوة.

 

لذا، يحسبون أنّ عليهم إبادتنا. قالوا لأنفسهم: “ستخاف كل عائلة من التابوت الأبيض، وحتى لا تحمل أحد أبنائها فيه، سيهاجر كل قادر على هذا الترف، فتبقى الأرض لنا ولمن يدور في فلكنا، ونستمرّ في ترويض من ضاقت بهم سبل الحياة، بحيث لا يستطيعون مواجهتنا، فيوالون، أو يخرسون مقابل أمانهم. وعندما يعجزون عن تأمين خبز أطفالهم كفاف يومهم، يبرّرون بأن الجوع ليس مهماً. همّهم ألّا يحملوا أحد أطفالهم في التابوت الأبيض”.

 

صدّقوني، فقد رصدتهم وأنا أتأرجح بين العودة إليكم وبين الرحيل.. كنت هائماً فوق.. ورأيتهم يعبثون بالأدلّة، وشهدت على ما يفعلون.. تسلّلت الى إجتماعاتهم السرّية.. سمعت بذهول وقرف كيف يخطّطون للآتي، وكأنّ ما حصل ليس مهماً الا بقدر ما يمكن أن يطالهم. والظاهر أنهم يعبثون دائماً بساحات جرائمهم المتواصلة، الّا أن عبثهم لا يُبعد عنهم التهمة الثابتة.

 

وجودي في التابوت الأبيض الذي تحملونه دليل راسخ على جريمتهم.. تماماً كما إغتيال الرائد وسام عيد. كان يكفي دراسة سبب اغتياله وأبعاده لمعرفة المرتكبين وإثبات التهمة عليهم، ليس بقتل شخص رفيق الحريري بكلّ ما يمثله، ولكن بقتل وطن.

 

فهدفهم الوحيد والأوحد هو قتل لبنان. والمُثير للإشمئزاز أنّهم لا يزالون واثقين من قدرتهم هذه المرّة أيضاً على تطويع التحقيق والرأي العام ليُمَيِّعوا الحقيقة.

 

على فِكرة، لا مكان في قاموسهم لكلمة “الحقيقة”.. يستبدلونها بالمؤامرة أو المخطّط أو.. أو.. لا أعرف بأي لغة ينطقون.. فنحن لم نتعلّمها في مدارسنا..على أيّ حال، يبدو أنّ العربية التي نعرفها لغة صعبة عليهم.. كأنّهم يكرهونها..

 

لِذا، إرفعوا غطاء التابوت الأبيض وأنزلوني.. ففي الأيام الخمسة عشر التي فصلت بين الضحكة والزفّة الأخيرة، شهدت على ما يجب أن نناقشه.

 

إطمئنوا، فأنا لست وحدي.. أعراسنا تملأ السماء أنظروا إلينا.. واقرأوا: وجعلنا من إلياس الشاهد، ورفاقه الشهود على جرائمهم..

 

صدّقوا وآمنوا: نحن نكفيكم لِتُعاقبوهم..