IMLebanon

الحكومة أمام آخر امتحان لتعيين لجنة الرقابة على المصارف

BanksAssociation3
موريس متى

في 17 آذار 2014، تنتهي ولاية أعضاء لجنة الرقابة على المصارف ما يضع مجلس الوزراء أمام امتحان صعب في جلسته غداً نظراً الى استمرار الخلاف السياسي حول التعيينات، اضافة الى الخلافات الدستورية حول تسلم الاعضاء الجدد مهماتهم القانونية من دون قسم اليمين أمام رئيس الجمهورية. فالانظار غدا ستبقى متجهة الى مجلس الوزراء الذي يتوقع ان يناقش من خارج جدول أعماله ملف تعيين أعضاء اللجنة منعا لأن يطاول الفراغ هذه اللجنة التي تُعتبر صمام أمان القطاع المصرفي. واستنادا الى الآلية القانونية التي يجب اتباعها عند تسمية رئيس اللجنة وأعضائها، يطلع وزير المال أولاً على أسماء المرشحين التي ترد إليه، ثم يختار مَن يراه مناسباً، على أن يقدّم للحكومة لائحة بالاسماء المقترحة ليصدر بعدها مرسوم التعيين. وفق ما علمت “النهار”، انتهى وزير المال علي حسن خليل من وضع الأسماء التي سيقدمها الى مجلس الوزراء وهي كالآتي: سمير حمود رئيساً للجنة ومرشح “تيار المستقبل”، جوزف سركيس (ماروني) ومرشح “التيار الوطني الحر” ومؤسسة ضمان الودائع، أحمد صفا (شيعي) مرشح حركة “أمل” و”حزب الله”، ومنير اليان (كاثوليكي ) مرشح “قوى 14 آذار”. في الوقت الذي علمت فيه “النهار” ان النقاش ما زال مطروحا حول المرشح الأرثوذكسي والذي يصر العماد ميشال عون على أن يكون من حصته في الوقت الذي يتجه فيه وزير المال الى اقتراح طوني الشويري لهذا المقعد. ولائحة خليل من المتوقع ان يقابلها رفض من وزراء، اضافة الى رفض محتمل من جمعية المصارف التي كانت طالبت بإعادة التجديد لكامل أعضاء اللجنة الحالية مع إدخال تعديل وحيد عليها، هو استبدال أسامة مكداشي (الرئيس الحالي للجنة) بسمير حمود.
نصّت المادة 8 من قانون النقد والتسليف على أسس تأليف لجنة الرقابة على المصارف ومهماتها وأدوارها، ولحظت تعيين لجنة الرقابة على المصارف من رئيس و4 أعضاء، بموجب مرسوم يصدره مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير المال، على أن يكون ثمة عضو بين هؤلاء تقترحه جمعية المصارف. وفي حال وقع فراغ في إدارة هذا الجهاز الرقابي، يمكن حينها حاكم مصرف لبنان اللجوء الى خطوة تعيين مديرين اثنين من المركزي لتولي مهمات اللجنة، استناداً الى نص قانوني اعتمده حاكم المركزي السابق الراحل إدمون نعيم في نهاية الثمانينات. وقانون النقد والتسليف واضح لناحية منع استمرار اللجنة في تأدية مهماتها بعد انتهاء ولايتها، وتالياً لا يمكن في هذه الحال مراعاة أي حالات شغور كما يحصل عادة في الادارات العامة، اذ تسند مهمات تصريف الأعمال الى المدير العام أو مجلس الإدارة مجتمعاً حتى يتم تعيين البدلاء. وبالاضافة الى الخلافات السياسية التي قد تمنع تعيين أعضاء جدد للجنة، تضاف إليها مشكلة الفراغ الرئاسي وضرورة قسم الاعضاء اليمين امام رئيس الجمهورية بعد صدور مرسوم التعيين.
وحول هذا الموضوع يقول القانوني المحامي الدكتور بول مرقـص: “تنص المادة 62 من الدستور اللبناني على أنه “في حال خلوّ سدة الرئاسة لأي علّة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء”. لكن هذه المادة وُضعت لترميم حالة موقتة عندما يشغر موقع الرئاسة لفترة وجيزة جداً يبادر مجلس النواب خلالها إلى انتخاب الخلف. وتالياً يصحّ تطبيقها وتفسيرها بالحدود الضرورية الدنيا في حالات الخلوّ قصير المدّة في سدّة الرئاسة لأن المشترع لم يتصوّر ولا يُعقل أن يتصوّر خلوّاً في الرئاسة يدوم أشهراً لأنه لا يُعقل عدم انتخاب رئيس جمهورية، بدليل أنّ نص المادة 74 من الدستور تلزم مجلس النواب أن يكون اليوم مجتمعاً “فوراً بحكم القانون” لانتخاب الرئيس. الأمر الذي يزيدنا اقتناعاً في أن ممارسة صلاحيات الرئيس بمعنى المادة 62 من الدستور لا يمكن تنظيمها على نحو دائم لأنها بطبيعتها ممارسة موقتة لأيام فقط. هذا فضلاً عن أن صلاحيات رئيس الجمهورية ذات أنواع مختلفة، منها صلاحيات شخصية حصرية بالرئيس وهي غير قابلة للانتقال حسبما ذهب إليه الفقه الدستوري. مثلاً: مخاطبة مجلس النواب عبر الرسائل (الفقرة 10 من المادة 53 من الدستور)؛ اصدار مرسوم قبول استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة ومرسوم تسمية رئيس حكومة جديد (الفقرة 3 و5 من المادة 53)؛ ترؤس الحفلات الرسمية (الفقرة 8 من المادة 53)، ردّ قرارات مجلس الوزراء (المادة 56) وإصدار مراسيم منح الأوسمة (المادة 57)”.
وعن إمكان اعتبار صلاحية حلف اليمين ضمن الصلاحيات غير القابلة للانتقال، يقول مرقص: “لا يمكن الجزم المطلق بسبب عدم وجود نصّ على غرار الدستور الفرنسي الذي “يحدد الصلاحيات المحفوظة للرئيس وغير القابلة للانتقال وفق المادتين 11 و12 منه. وفي لبنان، يتنازع الأمر تفسيران: تفسير يقضي بأن قسَم اليمين صلاحية محفوظة للرئيس حرصاً على مكانة الرئاسة وضرورتها وإلا انتفت الحاجة إلى انتخاب رئيس، فضلاً عن أن قسم اليمين يكون “بين يدي” الرئيس وفق المادة 8 من قانون إنشاء لجنة الرقابة رقم 28/67. بينما إذا اعتمدنا التفسير الثاني الموسّع فإن هذه الصلاحية قابلة للانتقال إلى مجلس الوزراء مجتمعاً طالما لا نص صريحا يقيّد ذلك على غِرار بعض الصلاحيات المذكورة أعلاه في الدستور الفرنسي وعملاً بمبدأ “الأصل هو الإباحة والقيد هو الاستثناء”. ويعزّز هذا التفسير الأخير أن مبدأ قسم اليمين قائم أمام الرئيس الفرنسي، فلو أراد المشترع الفرنسي استثناءه من الصلاحيات القابلة للانتقال لكان نص على مثل هذا الاستثناء.
في المحصّلة، لم ينص قانون إنشاء لجنة الرقابة رقم 28/67، على خلاف قانون النظام الداخلي للمجلس الدستوري، على أن يستمر أعضاء لجنة الرقابة على المصارف في ممارسة مهماتهم أسوةً بأعضاء المجلس الدستوري لحين تعيين البدلاء وحلفانهم اليمين. وهنا تكمن “خشبة الخلاص الموقتة” في نص المادة 8 من قانون إنشاء لجنة الرقابة، اذ ورد أن “تباشر اللجنة عملها فور تعيينها” من دون اشتراط قسم اليمين مسبقاً، وهذا ما يحصل عادة لحين تعيين رئيس الجمهورية موعداً لأدائهم القسم، مع التشديد على أن يُقسم رئيس اللجنة والأعضاء اليمين فور انتخاب رئيس الجمهورية من دون إبطاء.