IMLebanon

تحقيق IMLebanon: أيُها الأطباء إنتبهوا له… (بقلم نوال نصر)

 

 

 

تحقيق نوال نصر:

لأولِ مرة منذ أعوام أشعر أنني فهمت ماذا أصاب قريبتي قبل أعوام! لأولِ مرة أتأكد، مما ظننته دائما، أن كل الأطباء الذين عالجوها منذ أعوام عالجوها خطأ!

لأولِ مرة أفهم ماذا يعني أن يُصاب إنسان بارتفاع ضغط الدم الرئوي الشرياني المزمن!

الإسم صعب، التشخيص صعب. فماذا في التفاصيل التي تجعلنا نفهم عن المرض في شكلٍ صحيح كي لا يستفحل فينا و”نختنق”!

المرض نادر لكنه يزيد، المرض صعب التشخيص لكن الوعي يزيد، والعلاجُ يتطور ويتطور. معلومات كثيرة عن المرض الرئوي كرجت في مؤتمر إقليمي دعت إليه “باير” وضمّ أطباء من كل العالم العربي للبحثِ في ما يُعدّ مرضا نادرا لكنه في حال أصاب إنسان يخنقه حتى الموت!

هي أنثى في سن الأربعين عانت، منذ دخلت عقدها الثالث، من صراعٍ مرير مع داء المفاصل الشرس الروماتيزم، داوته، اشتدّ عليها وبدأ نفسّها يتقطع، قصدت طبيب رئة، قصدت طبيب رئة ثان وثالث ويوم أدخلت على عجل الى المستشفى وهي تموت من “انقطاع النفس” قررت طبيبتها إحداث ثقب في زلعومها ومدها عبره بالأوكسيجين الإصطناعي وبالتالي كان القرار مداواة ما أخطأوا كلهم في تشخيصه بخطئ ما زالت تعاني الأمرين منه حتى الآن! فماذا عن حالتِها؟ وكيف تمّ التأكيد اليوم أن ما أصابها كان مرض ارتفاع ضغط الدم في الشريان الرئوي؟

أطباء روماتيزم؟ أطباء كلى وقلب وحتى سرطان؟ مطلوبٌ منكم إذا أن تنتبهوا في حال أتاكم مريض يعاني من مشاكل في التنفس من إمكانية أن يكون مصابا بارتفاع ضغط الدم الرئوي. التوصية هذه أطلقت في مؤتمر “باير” وكررها لنا الطبيب السعودي إستشاري أمراض الصدر الدكتور مجدي إدريس فماذا في التفاصيل؟

ليست هناك في لبنان إحصاءات حول عدد المصابين بهذا المرض لكن، في المملكة العربية السعودية، صدرت إحصاءات في هذا المجال يُمكن أن يُركن إليها من أجل أخذ صورة مبدئية عن وضع المرض في منطقتنا. والبداية، في المملكة، كانت قبل عشرة أعوام بالتمام والكمال، وتحديدا عام 2007، حين وصلت طفلة الى عيادة طبيب أمراض الصدر تعاني من ضيق حاد في التنفس، كانت تتداوى سابقا لدى طبيب القلب، لكن حين عجز عن علاجها هو أولا ثم طبيب الرئة بدأ التفكير حول سبب ما بها، فالتأم شمل خمسة أطباء باتوا 15 وأصبحوا اليوم 150 طبيبا من أجل البحث عن الأسباب التي تؤدي الى اختناق كثير من المرضى فتبيّن لهم وجود مرض شبه مجهول من قِبل كثير من الأطباء هو مرض ارتفاع ضغط الدم الرئوي وجرت مداواة الصبية وهي اليوم تعيش في حالة مستقرة.

اكتشف الأطباء وجود مرض يصيب نحو 1400 مريض في المملكة العربية السعودية وهو يصيب 50 في المليون وهو صعب جدا لكن قابل للعلاج. فهل يفترض أن نقول هو نادر ونترك المرضى، ذات الحظ السيء الذين اختارهم المرض، يموتون؟

لا، هذا غير مسموح ما دام العلاج متوافرا وما دامت المحاضرات تُعدّ من أجل تنبيه الأطباء، كما المرضى، الى أن ما يُصيبهم من حالات ضيق في التنفس قد يكون سببها غير كل تلك الأسباب التي يتوقف عندها الطبيب التقليدي. ثمة أسباب يفترض أن توضع منذ اليوم نصب العينين وعنوانها: ارتفاع ضغط الدم الرئوي.

مدير شركة باير في بلاد الشام مالك العجة يتكلم عن سعي حثيث من أجل إعداد الدراسات الواقعية لتحديد عدد المصابين الفعليين في منطقتنا بهذا المرض الذي يصيب في مناطق تشبهنا، مثل دول الخليج، خمسة أشخاص من كل ألف مريض، وهؤلاء يحتاجون الى علاج والعلاج المثالي بات متوافرا في لبنان عبر الفم بعد أن كان يُعطى على شكل حقن. بات أخذ الدواء أسهل ويفترض مع حملات الوعي أن يُصبح فهم هذا المرض أعمق وأوسع وأكبر.

الأمل كبير ألا يموت أشخاص بسبب تقصير أو يتم مداواة أشخاص خطأ أو يعيش أشخاص معاناة مع ضيق في التنفس شديد بسبب عدم حصولهم على الدواء. الأمل كبير لكن هل من أعراض أولية تُنذر بالإصابة قبل استفحالها؟

يبدو أن العارض الذي يؤشر الى تقدم الإصابة يكون الإغماء المتكرر بلا سبب، والعوارض التي قد تسبق هذا هو ضيق في التنفس، يشتدّ ويخفت، لكنه يتكرر. وفي هذا الإطار يُكرر الدكتور إدريس: نتوجه دائما الى أطباء الروماتيزم بالقول: إذا كان لديكم مريض روماتيزم يعاني من ضيق في التنفس نرجوكم أن تفكروا بمرض ارتفاع ضغط الدم الرئوي. نرجوكم ذلك.

يصيب هذا المرض النساء أكثر من الرجال ربما لأن الهورمونات تلعب دورا في تكوينه، وهناك العامل الوراثي أيضا، والعلاج يكون إما بتناول الوصفة الطبية التي كانت كما سبق وقلنا على شكل حقن أما الآن فبات متاحا أخذ حبوب عبر الفم، من دون الإضطرار الى مواجهة صعوبات أخذ الحقن، ويمكن أن يوصف الى الحالة الواحدة أكثر من دواء. أما العملية الجراحية فقد تقتضي، في الحالات المتقدمة، زراعة رئة أخرى وفي حالات أخرى قد يقتصر التدخل الجراحي على إجراء فتحة بين الأذين الأيسر والأذين الأيمن من أجل منع الدم من التدفق بقوة الى الرئة والضغط عليها وتسمى هذه العملية “التحويل” وهي تساعد في تخفيف الأعراض كثيرا وتوقف الجلطات.

سؤالٌ يطرح: ماذا عن نتائح تناول العلاج الأولية؟  يجيب إدريس: نجحنا في تمكين المريض من العيش ضعف ما كان سيعيشه بلا علاج. والنتائج مع تطور العلاجات تُبشرُ بمزيدٍ من الأمل.

 

 

ما رأي رئيس قسم الطب الرئوي والعناية المركزة في مستشفى أوتيل ديو دو فرانس الدكتور جورج دبر؟

يرى الدكتور دبر أنه غالباً ما يكون تشخيص مرض فَرْطُ ضَغْط الدَّم الرئَوِيّ مدمرًا ومصحوبًا بأعراض منهكة للقوى، حيث يبدأ المريض بالمعاناة والشكوى من ضيق في التنفس والدوخة والاغماء. ومن هنا، يضحي العلاج الذي يحقّق تحسنًا سريريًأ جديًا ويخوّل المرضى المشاركة في أنشطة يومية يعتبرها الكثير منا أمرًا مفروغًا منه. يضيف: أظهرت العلاجات الجديدة بحسب الإحصائيات تحسنا كبيرا ومستمرا لدى المرضى وأسهمت في تأخير تطوّر المرض وتحسين وظائف القلب والرئة.

هل هناك من لم يفهم بعد ماذا يُقصد بفرطِ ضغط الدم الرئوي؟

هو مرض وخيم يصيب الرئتين والقلب ويقلب حياة المريض رأسا على عقب ويهدد حياته وهو يؤدي الى ارتفاع الضغط في الشريان الوريدي عن المعدل الطبيعي الأمر الذي يُسبب قصورا في القلب ويؤدي الى الوفاة. هذا ويتسبب بتدني القدرة على القيام بأي جهد وبتدهور هائل في نوعية الحياة.

 وماذا بعد؟

لم يُخطئ من قال أن التوعية معرفة والمعرفة أمان.