IMLebanon

هل طفلكِ المراهق ضحية تحرُّش جنسي؟

كتب د. أنطوان الشرتوني في “الجمهورية”:

 

يمرّ كثير من المراهقين والمراهقات، ولو مرة في حياتهم، بتجربة التحرّش الجنسي من قبل شخص راشد. هذه التجربة التي عادة تكون مؤلمة لأي شخص خاضها، لا تختفي من حياة المراهق أو المراهقة إن لم يتحدثوا عنها، أو على الأقل إن لم يعبّروا عنها بشكل مباشر أو غير مباشر. فالتحرّش الجنسي يخلّف الكثير من الأضرار الجسدية والنفسية في حياة المعتدَى عليه. ولكن يختلف طبعاً التحرّش الجنسي عند المراهقين كثيراً منه عند الأطفال، وذلك لسبب بسيط، وهو أنّ المراهق واعٍ على تصرفات المتحرّش وانحرافاته، ويستطيع (في أغلب الأحيان) توقيف المتحرّش عن سلوكياته غير السوية وطلب النجدة. ولكن الحالة مختلفة عند الأطفال الذين لا يدركون خطورة هذه التصرفات، ويمكن ألاّ يطلبوا المساعدة. لذا مَن مِن المراهقين تعرّض للتحرش الجنسي؟ وكيف يمكن للمراهق أن يصدّ التصرّفات المنحرفة لهذا الشخص؟ ومِمَّن يطلب المساعدة؟
بشكل بسيط، التحرّش الجنسي هو لمس جسد شخص آخر، رغماً عنه، كما لمس أعضائه الحميمة، بغرض إثارته الجنسية. وعادة يطلب المتحرّش من الضحية أن يقوم بالمثل. كما يمكن إعتبار التحرّش الجنسي نوعاً من إجبار الشخص (أكان طفلاً أو مراهقاً أو حتى راشداً) على إثارة المتحرّش من خلال الأفلام الإباحية أو من خلال الإستعراضية (أي يُجبر المتحرّش الضحية أن «يستعرض جسمه» أو أن يقوم المتحرّش بإستعراض جسمه…).

ولا يمرّ أسبوع واحد دون أن نرى على نشرات الأخبار أو على صفحات الجرائد، أو على إذاعات الراديو خبر شخص مراهق ضحية استغلال أو تحرش جنسيّ. لذا توعية المراهق من قِبل أهله والتحدث معه عن مواضيع تربوية جنسية من أولويات التربية السوية.

كيف تتبدّل تصرفات المراهق، ضحية التحرّش الجنسي؟

المتحرّش الجنسي هو شخص استسلم لغرائزه الوحشية، يمكن أن يكون من العائلة الصغيرة أو الكبيرة للضحية، كما يمكن أن يكون صديقاً. فهو لا يحترم الآخر ومشاعره. وليس بالضرورة أن تظهر عند المتحرّش الجنسي علامات العدوانية. بل هو يخبئ نواياه بالتصرّف الجيد واللبق. ويمكن أن يكون المتحرّش ضحية تحرّشات سابقة.

عادةً، تشعر ضحية التحرّش الجنسي بألم نفسي داخلي ولا تعرف كيف تتصرّف، ولمَن تشتكي، خصوصاً أنّ المتحرش غالباً ما يهدّده بالموت إذا أخبر أحداً بما حدث بينهما.

وخلال مرحلة المراهقة التي تتصف بالدقة والحساسية، يضيف التحرش الجنسي (الجسدي أو الفكري) مشاعر الخوف: خوف من المتحرّش، وخوف آخر من العائلة، لأنّه يشعر وكأنه شريك بما يفعله الجاني. ويتحوّل هذا الخوف إلى قلق معمّم (أي قلق من كل شيء، في العالم الخارجي) وصولاً إلى الإضطرابات النفسية.

وبعد التعرّض للتحرّش الجنسي، يتحوّل المراهق إلى شخص لا يثق بأحد، منغلق على نفسه، غير قادر على مواجهة المتحرّش وعلى مساعدة الذات، وتظهر عليه غيرها من الأعراض النفسية بسبب الصدمة.

وهناك بعض العلامات التحذيرية التي يمكن أن تساعد في معرفة إذا المراهق أو المراهقة قد تعرّض للتحرش الجنسي:

• التشتت الذهني وعدم مشاركة المراهق أقرانه نشاطات معيّنة، بل تفضيله البقاء منغلقاً في عالمه الخاص الذي يجد فيه راحة وأماناً نفسياً.
• عدم القدرة على التركيز خلال الصفوف الدراسية أو حتى في البيت.

• تبدّل في التصرفات مع قلق معمم.
• تغيّر مفاجئ في التصرفات، حيث نلاحظ نوعاً من تقلّبات المزاج مثل الغضب العارم والخوف والإنغلاق الإجتماعي.

• تكرار الكوابيس الليلية، ما يجعل المراهق خائفاً من النوم.
• تغيّرات على صعيد عادات الطعام، كرفض الأكل، أو الصعوبة في البلع أو قابلية كبيرة للطعام.

• النفور من الأشخاص الذين تكون سماتهم قريبة من سمات الشخص المعتدي. ويجب ملاحظة، أنّه في بعض الأحيان، يكون المعتدي من أصدقاء المراهق وهذا ما نسمّيه «التنمّر الجنسي».

• عند بعض المراهقين، نلاحظ أنّهم يفضلون أن يبقوا أطفالاً، لذا تصرفاتهم تتغيّر وتصبح غير مناسبة لعمرهم.

كيف نساعد المراهق؟

يحتاج المراهق الذي تعرّض للتحرش الجنسي إلى متابعة نفسية وربما الى علاج نفسي. وهناك العديد من الخطوات التي يجب أن يمارسها الأهل في المنزل والمربّون في المدرسة والعاملون في القطاع الإجتماعي والتربوي لتأمين التوازن النفسي للضحية. ومن هذه الخطوات:

أولاً، تأمين جوّ عائلي يحيط المراهق مملوء بالحب والحنان والإطمئنان، ما يساعده على إخبار أهله عن التجارب الإيجابية أو السلبية التي يمرّ بها.

ثانياً، التربية الجنسية من خلال توعية المراهقين في المدرسة حول المواضيع الجنسية. يمكن لمعلمة الصف وبمساعدة الاختصاصي النفسي المدرسي والممرضة تنظيم حصّة عن التربية الجنسية. هذه الحصص يجب أن تكون مناسبة للمستوى المعرفي للمراهق، ويستعمل فيها المنظّمون الوسائل البسيطة والممكنة لتوعية التلميذ حول هذا الموضوع. ويجب أن تكون التربية الجنسية معممة لجميع تلامذة المدرسة.

ثالثاً، في المنزل، على الأهل التشدّد في مراقبة أولادهم وتحرّكاتهم من وإلى المدرسة ومعرفة أصدقائهم. كما يجب عليهم التأكّد من نوعية علاقة الأشخاص الراشدين مع المراهق وسلامة نيّتهم مهما كانت صلة قرابتهم بهم.

رابعاً، أخذ الحيطة والحماية من الأشخاص المنحرفين. ولكن لا يجب أن يتحوّل الأهل إلى أشخاص مهووسين وقلقين طوال الوقت، بل تكفي المراقبة القريبة والإنتباه.

خامساً، مراقبة الأهل الإنترنت والهاتف الخلوي لولدهم كي لا يتمّ إستغلاله وإستدراجه إلى مواضيع لا أخلاقية.